البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

تهجير أهالي رفح في مرمى الجدل.. المؤيدون: إجراء ضروري لتهيئة مسرح العمليات والقضاء على الإرهاب خلال شهر.. المعارضون: إعلان حرب على القبائل ويخالف الدستور

تهجير أهالي رفح في
تهجير أهالي رفح في مرمى الجدل..

تباينت آراء الخبراء الأمنيين والحقوقيين ورجال القانون بشأن قرار السلطات المصرية بإخلاء المنطقة الحدودية في رفح والشيخ زويد من السكان، ما بين مؤيد لذلك الإجراء واصفين ذلك بأنه أمر ضروري لتهيئة مسرح العمليات والقضاء على الإرهاب في أشهر معدودة، رافضًا وصف ما يحدث بأنه تهجير، فيما رأى فريق آخر معارض للفكرة، بأن ذلك من شأنه أن يزيد الأمر تعقيدًا من خلال إثارة حفيظة أهالي سيناء ضد الجيش ما يشعل الثأر بينهم وبين القوات المسلحة، مؤكدين أنه كان يمكن تفادي ذلك من خلال إقامة سياج أو مانع حدودي علاوة على زيادة التدابير الأمنية واستخدام أدوات متقدمة في التحري والبحث وتشديد الخدمات.
في البداية، رفض حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، لفظة "تهجير"، موضحًا أن هذا الإجراء هو نقل مؤقت لمسافة محددة بتدابير اضطرارية لحماية السكان من النزاعات المسلحة وتجنيبهم الدخول في اشتباكات "لا ناقة لهم فيها ولا جمل"، مطالبًا بتوفير جميع التدابير اللازمة والمطلوبة لنقل أهالي شمال سيناء قبل الشروع في قيام أي عمليات عسكرية، حفاظا على أرواحهم وتأمينهم بشتى الوسائل، رافضًا مصطلح التهجير، مشددًا على أن ما يحدث هو نقل مؤقت وليس تهجيرًا.

وأيد اللواء سامح سيف اليزل، مدير مركز الجمهورية للدراسات الإستراتيجية، فكرة التهجير، شريطة توفير منازل بديلة لهم، مؤكدًا أن هذا الحل سيقضي على الجماعات الإرهابية في أشهر معدودة.

وقال اللواء رضا يعقوب، مؤسس مجموعة مكافحة الإرهاب الدولي: إن ما يحدث للجنود في سيناء يستوجب كل الحلول الممكنة واللاممكنة، وأنها كارثة لا حل لها إلا بنقل أهالي سيناء وتحديدًا مدن الشيخ زويد ورفح والمناطق التي تتمركز فيها البؤر الإرهابية، لأن التهجير سيفتح المجال للقوات المسلحة للتخلص من الأنفاق وممرات التهريب التي توجد داخل البيوت والمساجد، والتي يتم من خلالها تهريب الأسلحة والقنابل والمتفجرات التي تحصد أرواح جنودنا دون أي جريمة.

وأضاف يعقوب، أن هناك أقلية من قبائل البدو تستقبل أموالا من جماعات إرهابية نظير ترك منازلهم أو استخدامها في الاجتماعات السرية للمخربين، وللأسف يضطر الكثيرون للموافقة؛ خوفًا من التهديد بالخطف أو القتل، لذا يجب على القوات المسلحة التعاون مع هذه القبائل واستقطابهم للتعرف على هذه البؤر الإجرامية وسرعة القبض عليهم.

وأشار اللواء محمد عبد الله، الخبير الأمني، إلى أن فكرة إخلاء المنطقة أمر ضروري لتهيئة مسرح العمليات وإتاحة الفرصة لقوات الجيش والشرطة لمطاردة الإرهابيين وتطهير المنطقة، لأن وجود السكان بهذه المناطق يعيق العمليات العسكرية ويقف حائلًا بينها وبين الوصول لتلك الخلايا، مشيرًا إلى أن الإخلاء لن يتعدى عدة كيلو مترات فقط، وبعد الانتهاء سيعود كل شيء لسابقه.

وعبر اللواء مدحت الحداد، الخبير الأمني والمنسق العام لائتلاف تحيا مصر، ورئيس حزب حماة مصر، عن ثقته في أهل سيناء، مؤكدًا أنهم حائط صد قوي لن يخذل مصر، مذكرا بدورهم في حرب 1967 وحرب 1973، لافتا إلى الدور المهم الذي يقوم به الإعلام وشيوخ القبائل لتوصيل رسائل طمأنة لأهالي سيناء وتأكيد الحفاظ على حقوقهم كاملة، وأن ما تقوم به القوات المسلحة من حملات تطهير ليست إلا لحفظ أمانهم وأمن مصر القومي، وأن الملاحقة الأمنية لن تطال إلا أيادي الغدر التي تلبس نفس ملابسنا وتأكل من طعامنا.

وأوضح الحداد أن لجوء القوات المسلحة لتهجير بعض الأهالي من بيوتهم كان أمرًا حتميا لتطهير المنطقة الحدودية من عدو غير معلوم، معتبرًا أن أصعب الحروب هي حرب مع عدو لا تعلم عنه عدد أو عدته وعتاد أو توجهه أو عرقه أو لونه، مشددًا على أن الهدف من نقل الأهالي هو الحفاظ على أرواح الأبرياء منهم من أي إصابة تلحق بهم، وهذا ما يجب أن يشرحه شيوخ وعواقل سيناء للمواطنين.

في المقابل، انتقد اللواء نبيل فؤاد، مساعد وزير الدفاع الأسبق، فكرة تهجير الأهالي كحل للمشكلة، مؤكدًا أنه الأكثر خطورة على الإطلاق لكونه يزيد الوضع تأزما، مقترحا تشديد الإجراءات الأمنية واستخدام أجهزة وأساليب حديثة لجمع المعلومات مع التأمين الجيد بما لا يسمح بكل هذه الاختراقات للحدود.

وهو ما أيده الدكتور عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الاشتراكي، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، معتبرا أن فكرة التهجير غير دستورية من الأساس، حيث تنص المادة 63 من دستور 2014 على أن ( التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم)، وهي مادة صريحة لا تأويل فيها.

وقال شكر: إن "حل العقدة بفكها وليس بقطعها بالأسنان"؛ لأن تبادل العنف بالعنف لن يأتي إلا بمزيد من الدماء، وأن الحل يكمن في تنمية سيناء لا بتهجير أهلها الذين يمثلون خط الدفاع الأول لحدود مصر عند أي عدوان خارجي.

وأكد اللواء أحمد تعلب، الخبير الإستراتيجي، أن ما يحدث في سيناء هي عمليات استخباراتية مخططة وليست عشوائية أو أعمال فردية، وهو ما يؤكد تورط شبكات وأجهزة مخابرات عالمية لديها كل المعلومات والبيانات عن المواقع وتحركات أفراد القوات المسلحة، مدللا على ذلك بأن الأحداث تبدأ بسيارة مفخخة يعقبها هجوم مباشر.

ولم يستبعد اللواء تعلب، أن تكون إسرائيل خلف كل ما يحدث من جرائم لإثارة الفوضى والاضطراب الأمني للضغط على الجانب المصري لتأمين الحدود ومصالح إسرائيل، مشددًا على ضرورة أن يكون هناك قرارات من المجلس الأعلى للقوات المسلحة لدراسة الأمر بشكل مستفيض، وألا يتوقف على بحث أو مقترح من مدير أمن فقط، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار تنمية وإعمار سيناء اقتصاديا وبشريا.

وعبر اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكري والإستراتيجي، عن تخوفه من فكرة تهجير أهالي سيناء ووصفها بالأمر الخطير الذي سيتسبب في الوقيعة بين الجيش والشعب، مؤكدًا أنه لم يكن هناك مبررا للتهجير، وأن الحل يكمن في إنشاء منطقة عازلة على الشريط الحدودي، مشددًا على أن ذلك الإجراء لن يمثل اختراقا لمعاهدة كامب ديفيد على الإطلاق، وإنما هي حماية وتأمين لا بد منه في الوقت الراهن ويعد أنسب الحلول كبديل عن التهجير.

وقال الدكتور وليد سلامة، أستاذ القانون الدولي، إن التهجير يخالف المعاهدات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر، مشيرًا إلى أن اتفاقية جنيف الرابعة تنص على حظر نقل سكان أي منطقة لمنطقة أخرى إلا في حالة واحدة، وهي تجنيبهم النزاعات المسلحة.
فيما اعتبر الناشط السيناوي، مسعد أبو فجر، قرار الحكومة بالتهجير إعلان حرب على قبائل سيناء، معبرًا عن أسفه وغضب كل القبائل من هذا القرار الذي سيجلب المزيد من المعارك ويجعل الدماء لا تتوقف، لأن سيناء بالنسبة للأهالي ليست مقرا للسكن، وإنما ارتباطهم بها ارتباط دماء وجسد وانتماء.

ورأى الخبير الاقتصادي صلاح جودة، أن التهجير سلاح ذو حدين، الجانب الإيجابي فيه هو ردع وملاحقة الإرهاب بينما التبعات الاقتصادية ستكون وخيمة؛ لأن هؤلاء الأهالي سيحملون الدولة أعباء على أعبائها والسؤال أين سيذهب أهالي رفح، ومن سيوفر لهم احتياجاتهم المعيشية، فهم قطعا سيحتاجون مساكن ومستشفيات ووظائف ومدارس لأبنائهم وأسواق وخدمات وتعويضات في حين أن الدولة تعاني المرار اقتصاديا، بالإضافة لخطر إخلاء سيناء وتركها جثة هامدة وهذا ما يتمناه العدو الصهيوني.

وأكد جودة أن الحل يكمن في إقامة ترسانة تنموية ومشاريع عملاقة في سيناء وتعميرها بالسكان وربط الأهالي بالأرض لا استبعادهم منها، لأن بدو سيناء هم الحصن الحصين لمصر ومعاداتهم ستجلب خسائرا لا حصر لها، وغير مستبعد أن يقابلوا العنف بعنف أكبر واعتبارها قصة كرامة وثأر ضد الجيش.