البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

خلف طايع.. بورتريه على البحر

خلف طايع
خلف طايع

"حين نتأمل لوحات طايع.. نجد أن الاشكال الهندسية بألوانها تسبح في سكون وعزلة.. وتغتسل بضوء حالم يوحى أنه نابع من داخلها.. هذا الضوء غير الواقعي يضيف إلى المشهد حلمًا ينتسب إلى الماضي أو اللا زمان وفى كل لوحاته يلعب البحر الساكن دور البطولة ويرمز إلى الامتداد اللانهائي أو المطلق مثلما يرمز لاكتشاف مدينة عريقة هي مدينة الإسكندرية حيث ولد الفنان".
بهذه الكلمات جاء وصف الكاتب الموسوعي الراحل أحمد بهجت، لفنان البورتريه الأول في مصر، خلف طايع الذي رحل عن دنيانا أمس الثلاثاء، وذلك لأن المتابع لأعمال طايع، يدرك من الوهلة الأولى مدى ارتباطه ارتباطا وثيقا بمحافظة الإسكندرية، تلك المدينة التي شهدت مولده عام 1943، وحفرت شوارعها وشواطئها وأشخاصها مكانا لا يتزحزح من ذاكرته ووجدانه، وهو ما انطبع بشكل كبير على أعماله ولوحاته، منذ أن خطت يده أولى لوحاته وإلى أن فارق دنيانا منذ ساعات.
على جانب آخر، تعددت مواهب طايع ولم تقف عند الفنون التشكيلية وفن البورتريه الذي برع فيه، وكان سببًا في أن يكون رفيق للروائي الكبير خيري شلبي، خلال رحلته بمجلة الإذاعة والتليفزيون، فبعد أن التحق بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية وتخرج منها عام 1968، إذا به يلتحق للعمل كمخرج صحفي في العديد من الإصدارات في مصر والوطن العربي، ولم يكتف بذلك بل قدم دراسات وبحوث في فلسفة الفن تخدم هذا المجال، فكانت رسالته للماجستير حول "التطور التاريخي لعلاقة الصورة بالكلمة المكتوبة" وهو بحث بالغ الأهمية يمتد في التاريخ بين النص وكل ما هو مصور بمعنى آخر بين سحر الكلمة واللغة البصرية للصورة.
وكان عمل طايع في العديد من الصحف سببا في حصوله على عضوية نقابة الصحفيين، إضافة إلى عضويته لنقابة التشكيليين، وكذلك عضويته للجمعية المصرية لنقاد الفن التشكيلي "الأيكا"، وعضويته لاتحاد الفنانين والكتاب لآتيليه القاهرة والإسكندرية.
وأقام طايع العديد من المعارض الخاصة به وكان على رأسها معرض بجاليري اليمامة سنتر بالزمالك 2000، ومعرض آخر بقاعة مركز محمود سعيد للمتاحف بالإسكندرية 2003، ومعرض بقاعة ( محمد ناجى ) بأتيليه القاهرة مايو 2006، فضلا عن اشتراكه بعشرات المعارض مثل معرض فناني الإسكندرية، المركز الثقافي الروسي 1969، وصالون الإسكندرية - متحف الفنون الجميلة- الإسكندرية 1970، وفناني الإسكندرية - آتليه الإسكندرية 1977، وفناني الإسكندرية - قصر ثقافة الحرية- الإسكندرية 1981، وبينيالي فناني دول حوض البحر الأبيض المتوسط الدورة السابعة 1973، والمعرض التشكيلي السنوي - الكويت 1985، معرض بغداد الدولي 2002، وملتقى الأقصر الدولي الأول للتصوير بالأقصر 2008.
وتتميز أعمال طايع بتفردها عن حركة التشكيل المصري بقدرته المبدعة على مزج الطبيعة الصامتة المرئية بغلالة سيريالية راجعة للعالم الميتافيزيقي غير المرئي الذي يلقي فيه بأشكاله في عالم مطبق الصمت لتحدث حالة من روعة الحس لإدراك ما لهذه الطبيعة الصامتة من أبعاد عديدة تؤكد بها وجودها الآسر بل والمسيطر على المشاهد لما تضمه من أجواء مكثفة تجعل لها سطوة التواجد، وهذا التفرد في آنيته تجعلها كأنها شخوص منغمسة في حالة من التأمل الذاتي الشديد.
لم يفلت من بورتريهات طايع أحد من الكبار أو نجوم الفن والغناء مثل أم كلثوم وزكريا أحمد وبيرم التونسي ومحمد عبد الوهاب وصلاح عيد الصبور وبليغ حمدي ويوسف شاهين ومحمد الموجي وصلاح جاهين وابله فضيلة وفردوس عبد الحميد وصنع الله إبراهيم ومحمد الموجي وعماد حمدي وأحمد مظهر ونجيب محفوظ.
وقد جاء رحيل الفنان خلف طايع، في هدوء ليعكس شخصيته التي تهيم إلى سكون البحر، وسط أمواجه الهادرة وأحداثه الجسام.