البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الإندبندينت: "داعش" تقضي على أقدم المجتمعات المسيحية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

نشر الموقع الإلكتروني لصحيفة "الانديبندينت" البريطانية، مقالا للكاتب البريطاني الكبير والمتخصص في شئون الشرق الأوسط "روبرت فيسك"، بعنوان "أحدي أقدم المجتمعات المسيحية قد دمرت على أيدي انتشار الخلافة السنية".
وبدأ الكاتب مقالته بإلقاء اللوم على الثورات العربية التي استغرقت ثلاث سنوات، في دفعها ب"فلسطين" وشعبها إلى الهاوية وحافة النسيان في الشرق الأوسط. ويري الكاتب أن المجازر الجديدة في غزة دفعت الغرب لإدراك استمرار مأساة هجرة المسيحيين من ديارهم.
وأبرز الكاتب هرب المسيحيين من "الموصل" نظرا لما يلاقونه من قساوة "الخلافة السنية" الجديدة، والتي يقصد بها الكاتب الجماعة الإرهابية "الدولة الإسلامية في العراق والشام". واتهم الكاتب الصحافة العربية بإهمالها لصور حرق الكنيسة السريانية الكاثوليكية في المدينة، مستدلا بذلك على وضع الصور داخل صفحات الجرائد العربية في الشرق الأوسط.
وتطرق الكاتب لتساؤل المسيحيين في المدن الكبرى الواقعة بين نهر "دجلة" و"البحر الأبيض المتوسط" عن سبب صمت المسلمين المعتدلين وعدم إدانتهم لمثل هذه الجرائم. ونوه الكاتب إلى أن تهديد "الدولة الإسلامية في العراق والشام" للمسيحيين عبر إجبارهم على اعتناق الإسلام، أو دفع جزية أو ضريبة خاصة، أو الموت، يعتبر تناقضا لما قاله البطريرك الكلداني، المطران "لويس ساكو"، " 1400 سنة من التاريخ والحياة في العالم الإسلامي والتعايش بين مختلف الأديان والشعوب المختلفة". كما تحدث المطران "ساكو"، أيضا، هذا الأسبوع عن تحول العراق إلى "كارثة إنسانية وثقافية وتاريخية"، لكنه أضاف أن المسيحيين في المنطقة يجب أن يتذكروا أن القرآن الكريم يناشد باحترام الأقليات وهو الأمر الذي يجب أن يتحلى به المسيحيون تجاه المسلمين وإظهار "الصبر والتحمل". ولكن، الكاتب يري أن هذا الأمر قد يكون من الصعب تحقيقه، نظرا لما يلاقيه المسيحيون من معاناة في الشرق الأوسط في الوقت الحالي.
وأشار الكاتب إلى أن "الدولة الإسلامية في العراق والشام" قد وضعت قيودا على جميع المسلمين الشيعة، فضلا عن التركمان، إضافة إلى أقليات أخرى في المجتمع العراقي. كما أشار أيضا إلى مظاهرات في شوارع في بيروت خلال الأسبوع الماضي، والتي شهدت إقبال المسلمين والمسيحيين معا على حد سواء لإدانة المعاملة القاسية التي يتلقاها المسيحيون في "الموصل" وما يتعرض له الفلسطينيين في "غزة".
وأوضح الكاتب أن الأديان قد تكون مختلفة، ولكن كل من المسيحيين والمسلمين في الشرق الأوسط هم من العرب.
وتطرق الكاتب إلى أخطاء المسيحيين السياسية، مشيرا إلى أن عدد كبير من العائلات المسيحية في لبنان انحازت إلى الصليبيين في القرن 11 وعدد كبير من المسيحيين حاربوا بعضهم البعض وكذلك إخوانهم المسلمين والفلسطينيين في الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1975 إلى عام1990.
ويري الكاتب أن تأييد المسيحيين لنظام الرئيس السوري "بشار الأسد" منطقيا، نظرا لرؤيتهم نشر "الدولة الإسلامية في العراق والشام" لقوانينها من خلال المدينة السورية "الرقة‎" وما يتعرض له المسيحيون في "الموصل"، إضافة إلى تدمير الكنائس والمقابر المقدسة على أيدي نفس الجماعة الإرهابية.
ويعتقد الكاتب أن بعض حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية من الدول العربية هي من تقوم بتمويل "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، والتي جلبت بعض الممتلكات العسكرية العراقية إلى سوريا، مما ساهم في شراسة القتال مع الجيش السوري، فقبل أن تستحوذ "الدولة الإسلامية في العراق والشام" على "الموصل"، كان الجيش السوري في اتجاهه نحو تحقيق النصر، أو على الأقل لم تكن هناك خطورة الهزيمة. ولكن، الآن يعدم جنود الجيش السوري، تماما مثل ما يحدث لوحدات الجيش العراقي من الشيعة قرب "الموصل".
وقام الكاتب بإلقاء اللوم على الغرب أثر دعمهم المستمر لحلفائهم من الدول العربية التي تقوم بتمويل "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، مما يعتبر استمرارا لدعم الجرائم الوحشية التي تحدث في سوريا، ومن ثم يدين الغرب بشدة نفس تلك الجماعات التي هي الآن مستولية على "الموصل" وتهدد "الديمقراطية" في العراق.
واستنكر الكاتب استمرار حماية الغرب لتلك الدول العربية التي تواصل تمويل "الوهابيين بين القوى السنية" من كل نقد تتعرض له، مثل ما حدث في أحداث يوم 11 من شهر سبتمبر من عام 2001 عندما كشفت التحقيقات أن 15 من الذين شاركوا في تنفيذ تلك العمليات الإرهابية هم من العرب الذين يعتبرون حلفاء للغرب، أيضا مثلما حدث عندما مولت بعض الدول العربية حركة "طالبان".
وأوضح الكاتب أن في شمال شرق لبنان الآن، هناك مخاطر خفية من جانب "الدولة الإسلامية في العراق والشام". وهو الأمر الذي دفع الجيش اللبناني، وهو المؤسسة الوحيدة في الدولة التي تعمل بكفاءة عالية، حسما يري الكاتب، بنشر الجنود والمعدات حول بلدة "عرسال"، حيث اتخذها العديد من المتمردين ضد "الأسد" مأوى لهم.
ويري الكاتب أنه عندما قام الجيش السوري بالاستحواذ على بلدة "يبرود" هذا العام، قطع بفاعلية انتشار "الدولة الإسلامية في العراق والشام" بالأراضي السورية. ولكن، في حالة فقدان الجيش السوري الموقع في الجبال إلى الجنوب من "حمص"، فعند إذن قد تحاول "الدولة الإسلامية في العراق والشام" الربط مع "عرسال" وعندئذ تكون قادرة على التفاخر بلقبها الذي استطاعت أن تحققه في الواقع وتصبح بالفعل "الدولة الإسلامية في العراق والشام".
واختتم الكاتب المقالة محذرا من خطورة وصول "الدولة الإسلامية في العراق والشام" لطموحها، مما يقد ينعكس على الغرب بتهديد حقيقي على أمنهم القومي وسلامة مواطنيهم، خاصة مع امتلاك "الدولة الإسلامية في العراق والشام" لصواريخ أرض جو بعيدة المدي.