انتخبوا زعيم المعارضة
لقد خرج المصريون اليوم الثلاثاء، وأمس الاثنين، ليس لانتخاب رئيس للدولة.. ولكن لاختيار زعيم للمعارضة! وإذا فهم حمدين صباحى وأنصاره هذه الحقيقة، لاختلف شكل الحياة السياسية فى مصر تماماً بعد انتخابات الرئاسة، إن مشكلة «حمدين» طوال سنوات اشتغاله بالسياسة، هى إما أن يكون رئيساً لاتحاد الطلبة أو رئيساً لأى شىء، وإلا فلا! مع أنه لو كان قد استهلك ربع الوقت الذى قضاه طوال حياته فى خوض كل انتخابات وما يتبعها ويتلوها من تحالفات وصفقات وتربيطات وما تستهلكه من جولات، وخطابات، وشعارات، ومؤتمرات، ومسيرات، لو كان كل هذا الجهد والوقت قد تم توجيهه نحو هدف واحد وهو بناء معارضة وطنية قوية ذات رؤية وبرامج محددة تقدم البديل للأنظمة الفاسدة ولكل العصابات التى حكمت مصر، فالمؤكد أن شكل الحياة السياسية فى مصر سيختلف، وكان مبارك ومن بعده الإخوان، ثم «السيسى» سيواجهون بمعارضة محترمة قادرة على إقناع وحشد الجماهير وراء أفكارها، وكنا سنشهد اليوم انتخابات ديمقراطية ومنافسة بحق وحقيقى!!
إن مشكلة المعارضة فى مصر، أنها إما فردية طاووسية هلامية استرزاقية من نوعية ما كان يفعله الزعيم خالد الذكر أيمن نور، أو أنها مجرد حالة انتخابية حنجورية حلزونية وشكلية من نوعية ما يجسده حمدين صباحى، أو أنها حزبية تقليدية حنجورية تقتات على الهجوم الدائم على السلطة فقط دون قواعد جماهيرية وتكتفى فقط بالشكوى من القيود الأمنية!. وفى النهاية ظلت الحياة السياسية فى مصر أحادية الخلية، كل يغنى على ليلاه، والنظام الحاكم لا يحترم المعارضة ولا يضعها فى اعتباره، لأنها ضعيفة ومشتتة ولا وزن لها فى الشارع، وللأسف فإن الحال يبقى على ما هو عليه، والصورة لم تتغير كثيراً حتى بعد ظهور عشرات الأحزاب الجديدة فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011! وكنا قد تفاءلنا بظهور أصوات وكيانات حزبية جديدة، وتصورنا أن عشرات الائتلافات الشبابية وتجمعاتهم التى ظهرت بعد الثورة سوف تصب أخيراً فى شرايين الحياة السياسية تجدد دماءها وتعطيها روحاً جديدة، إلا أن الائتلافات التى قامت دون رؤى أو قيادات تملك مشروعات حقيقية للتغيير، انضمت هى الأخرى لسابقيها وضاعت تجارب الشباب أو تاهت فى الزحام، أو تم إجهاضها وتشويهها لأسباب عديدة، وفى النهاية عدنا إلى نقطة الصفر مع تغييرات طفيفة فى بعض الوجوه ولكن الخطاب كما هو لم يتغير، والمعارضة تدور مثل الكرة الأرضية حول نفسها، والسلطة، كما هى تزغرد وتغرد وحدها فى السرب!.
ولهذا كان من المنطقى ومن غير المدهش أن تأتى الأحزاب السياسية المصرية فى ذيل قائمة اهتمام مرشحى الرئاسة، «صباحى» يفضل مؤتمراً جماهيرياً فى الصعيد ولا يقابل رؤساء الأحزاب (وعنده حق) والسيسى يضعهم جميعاً فى سلة واحدة ويقابلهم مرة واحدة.. يخطب فيهم ولا يستمع إليهم (وعنده حق).. كل برغوث على قد دمه، وهو يعرف أن لقاءه التليفزيونى مع زينة اليازجى سيحشد له دعماً شعبياً لا يتوفر لدى أحزاب الموالاة أو المعارضة!.
الكرة إذن فى ملعب المعارضة، وبعد الامتحان يكرم المرء أو يهان، وسينتهى استحقاق انتخابات الرئاسة.. يفوز «السيسى»، ثم يعود «صباحى» إلى عاداته القديمة، ويعود الشباب «الثورى» النورى الكلمنجى إلى مواقعه المفضلة على تويتر والفيس بوك.. وفى النهاية سيجد رئيس مصر المقبل ونظامه وحكومته أنفسهم يلاعبون أنفسهم على الساحة، بينما «حمدين» يكتفى بزعامة «التيار» وبضع وقفات احتجاجية على سلالم نقابة الصحفيين!.
_نقلًا عن جريدة الوطن
إن مشكلة المعارضة فى مصر، أنها إما فردية طاووسية هلامية استرزاقية من نوعية ما كان يفعله الزعيم خالد الذكر أيمن نور، أو أنها مجرد حالة انتخابية حنجورية حلزونية وشكلية من نوعية ما يجسده حمدين صباحى، أو أنها حزبية تقليدية حنجورية تقتات على الهجوم الدائم على السلطة فقط دون قواعد جماهيرية وتكتفى فقط بالشكوى من القيود الأمنية!. وفى النهاية ظلت الحياة السياسية فى مصر أحادية الخلية، كل يغنى على ليلاه، والنظام الحاكم لا يحترم المعارضة ولا يضعها فى اعتباره، لأنها ضعيفة ومشتتة ولا وزن لها فى الشارع، وللأسف فإن الحال يبقى على ما هو عليه، والصورة لم تتغير كثيراً حتى بعد ظهور عشرات الأحزاب الجديدة فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011! وكنا قد تفاءلنا بظهور أصوات وكيانات حزبية جديدة، وتصورنا أن عشرات الائتلافات الشبابية وتجمعاتهم التى ظهرت بعد الثورة سوف تصب أخيراً فى شرايين الحياة السياسية تجدد دماءها وتعطيها روحاً جديدة، إلا أن الائتلافات التى قامت دون رؤى أو قيادات تملك مشروعات حقيقية للتغيير، انضمت هى الأخرى لسابقيها وضاعت تجارب الشباب أو تاهت فى الزحام، أو تم إجهاضها وتشويهها لأسباب عديدة، وفى النهاية عدنا إلى نقطة الصفر مع تغييرات طفيفة فى بعض الوجوه ولكن الخطاب كما هو لم يتغير، والمعارضة تدور مثل الكرة الأرضية حول نفسها، والسلطة، كما هى تزغرد وتغرد وحدها فى السرب!.
ولهذا كان من المنطقى ومن غير المدهش أن تأتى الأحزاب السياسية المصرية فى ذيل قائمة اهتمام مرشحى الرئاسة، «صباحى» يفضل مؤتمراً جماهيرياً فى الصعيد ولا يقابل رؤساء الأحزاب (وعنده حق) والسيسى يضعهم جميعاً فى سلة واحدة ويقابلهم مرة واحدة.. يخطب فيهم ولا يستمع إليهم (وعنده حق).. كل برغوث على قد دمه، وهو يعرف أن لقاءه التليفزيونى مع زينة اليازجى سيحشد له دعماً شعبياً لا يتوفر لدى أحزاب الموالاة أو المعارضة!.
الكرة إذن فى ملعب المعارضة، وبعد الامتحان يكرم المرء أو يهان، وسينتهى استحقاق انتخابات الرئاسة.. يفوز «السيسى»، ثم يعود «صباحى» إلى عاداته القديمة، ويعود الشباب «الثورى» النورى الكلمنجى إلى مواقعه المفضلة على تويتر والفيس بوك.. وفى النهاية سيجد رئيس مصر المقبل ونظامه وحكومته أنفسهم يلاعبون أنفسهم على الساحة، بينما «حمدين» يكتفى بزعامة «التيار» وبضع وقفات احتجاجية على سلالم نقابة الصحفيين!.
_نقلًا عن جريدة الوطن