آبى أحمد فى مهب الريح.. "تيجراى" و"أورمو" يقتربان من دخول أديس أبابا ورئيس الوزراء يبحث عن الخروج الآمن.. خبراء: النظام الإثيوبي أوشك على السقوط.. وآبى أحمد كان يسعى لتتويج نفسه إمبراطورا على إثيوبيا
تشهد إثيوبيا خلال الآونة الأخيرة تطورات متسارعة بعد سيطرة جبهة تحرير شعب تيجراي المتحالف مع جبهة تحرير الأورومو، على عدد من المناطق الإستراتيجية في إقليم الأمهرة، وأصبحت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في مرمى نيران القوات المناوئة لرئيس الوزراء أبي أحمد، وبات مصيره مهددا وأوشك عهده على النهاية بعدما أشعل حربا أهلية وعرقية أدخلت بلاده في فوضى عارمة طوال 12 شهرا.
وكان اقتراب «تيجراي» و«أورومو» من العاصمة أديس أبابا، سببا في استدعاء عدد من الدول لرعاياها على رأسها مصر والولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية والأردن، تزامنا مع اعتزام الموظفين الأمميين مغادرة العاصمة خوفا من مصير كابول التي سيطر عليها حركة طالبان في أغسطس الماضي.
وتعددت التحركات الدولية التي تسعى لإنقاذ إثيوبيا من التفكك والتشرذم، حيث أصدر مجلس الأمن الدولي بيانا السبت الماضي، أعرب فيه عن قلقه من تفاقم القتال في إثيوبيا، داعيا الأطراف إلى البدء في مفاوضات من أجل تثبيت الاستقرار، وبدء محادثات من أجل وقف دائم لإطلاق النار، و"الكف عن خطاب الكراهية والتحريض على العنف والانقسامات"، ويأتي ذلك بعد ٢٤ ساعة من إعلان ٩ فصائل إثيوبية في العاصمة الأمريكية واشنطن، تكوين تحالف ضد أبي أحمد تحت مسمى "الجبهة المتحدة للقوات الفيدرالية والكونفدرالية الإثيوبية".
والفصائل هي "جيش تحرير الأورمو، وجبهة تحرير تيجراي، وحركة تحرير بني شنقول، وحركة أجاو، وجبهة تحرير سيداما، وحركة قيامنت، وحركة تحرير جامبيلا، وحركة عفر المتحدة، والحركة الوطنية الصومالية".
وكلما اقتربت تيجراي وأورمو من أديس أبابا، كلما زاد ارتباك رئيس الوزراء الذي دعا سكان العاصمة إلى الدفاع عن مناطقهم، واستدعي قوات الاحتياط للانضمام للجيش الإثيوبي، بالإضافة إلى إعلان الطوارئ لمدة ٦ أشهر تزامنا مع مرور عام على حرب الجيش الإثيوبي ضد إقليم تيجراي شمال البلاد، التي اندلعت في مستهل نوفمبر من العام الماضي ٢٠٢٠.
فيما أشارت أنباء نقلتها صحف ومواقع أجنبية عن أن آبى أحمد يبحث عن الخروج من التي كان سببًا فيها.
وفي هذا السياق، قال الدكتور هاني رسلان مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن إثيوبيا تمثل حالة خاصة حيث تتكون من مجموعة كبيرة من العرقيات، وكل عرقية تكون أمة وشعبا منفصلا ولها أسلوب حياة مختلف، فالمجموعات التي تعيش في المرتفعات تشتغل بالرعي، فيما تعمل المجموعات في المنخفضات على الزراعة، إلى جانب أن كل قومية موجودة في منطقة جغرافية خاصة بها.
وأضاف مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية في تصريحات خاصة لـ"البوابة" أن كيان الدولة الإثيوبية نشأ نتيجة العنف المفرط واستمر في إدارة شئون البلاد، إلا أن الوضع الحالي يأتي بعد ٣ عقود من إقرار الفيدرالية الذي منح العرقيات الشرعية والصلاحية لإدارة شأنها المحلي واستخدام اللغة الخاصة بها، إلى جانب اللغة الأمهرية التي هي اللغة الرسمية للدولة، ما خلق طموحات ومطالبات تصل إلى حق تقرير المصير الذي نص عليه دستور ١٩٩٣.
وأوضح "رسلان" أن الأزمة الحالية منشأها هي رغبة رئيس الوزراء الإثيوبي في إلغاء نظام الفيدرالية الذي أرساه ميليس زيناوي منذ ثلاثة عقود، والعودة إلى زمن الدولة المركزية وعهد الأباطرة الذي كان آخرهم هيلاسلاسي، ويرى أبي أحمد أن تيجراي هي العائق الرئيس أمام طموحه.
وأشار الخبير في الشئون الأفريقية إلى أن أي جهود دولية لاحتواء الموقف الإثيوبي ستتعثر، بسبب تعنت أبي أحمد، الذي رفض لقاء المبعوث الأمريكي لمنطقة القرن الأفريقي جيفري فيلتمان، والغرب يخشى انهيار الدولة الإثيوبية بشكل كامل لذا حاول استباق هذا السيناريو برعاية حوار للمعارضة.
وأكد الدكتور هاني رسلان، أن رئيس الوزراء الإثيوبي في طور السقوط بعد فشله في استغلال المساعدات العسكرية التي تلقاها من عدد من الدول من بينها روسيا والصين وإيران وتركيا، إلى جانب فشل مخططه في استدعاء وتجنيد المدنيين إلى جانب فشل القوات الخاصة بكل إقليم إثيوبي في التصدي للمتمردين لأنه قوات غير مدربة ولا تقاتل من أجل قضية لذا كانوا يهربون حينما يبدأ القتال تاركين الأسلحة وراءهم.
وقال "رسلان" إن التحالف بين الأورومو والتيجراي هو وفاق مرحلي نظرا لوجود عدو مشترك لهما هو أبي أحمد، منوها إلى أن "جبهة تحرير الأورومو" هي التي تحالفت مع جبهة تحرير شعب تيجراي، بينما تقف حكومة إقليم الأورومو في صف رئيس الوزراء الإثيوبي.
وأما عن المستقبل، فقد أوضح الدكتور هاني رسلان أن مرحلة "ما بعد آبي أحمد" تحتاج إلى اتفاق على صيغة جديدة للنظام السياسي لأنه لا يمكن الآن العودة للنظام المركزي الإمبراطوري أو الفيدرالية الاثنية التي سقطت في ٢٠١٨.
وأشار إلى أن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي ضربت إثيوبيا، ستؤثر بشكل مباشر على مشروع سد النهضة، إلى انشغال السلطات الإثيوبية حاليا بالصراع الداخلي وهي مهددة بالسقوط والرحيل عن الحكم، فلا توجد سلطة قوية تستغل السد في شغل الرأي العام الداخلي عن الأزمات المتلاحقة التي تلاحق أديس أبابا، لافتا إلى أن مشروع سد النهضة مبني في الأساس لأغراض سياسية وإستراتيجية بعيدة كل البعد عن أحاديث التنمية، وتحقيق هذا يحتاج إلى سلطة قوية ومستقرة بينما أبي أحمد مهدد بالسقوط والرحيل.
وتابع رسلان قائلا الصراع الحالي في إثيوبيا لا يمكن التكهن بموعد انتهائه، إلى جانب أن مستقبل إثيوبيا يمكن أن يتجه لأكثر من سيناريو فيمكن أن يتم التوصل إلى صيغة سياسية جديدة غير التي عليها الدولة الفيدرالية الحالية، أو يمكن أن يطالب كل إقليم بالانفصال، من بينه بالطبع إقليم بني شنقول المبني عليه سد النهضة، ما يغير من طبيعة القضية.
وقالت الدكتورة نجلاء مرعي خبيرة الشئون الأفريقية إنه للمرة الأولى منذ بدء حرب تيجراي، يستخدم رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد وصف "المرحلة الصعبة" بشأن الوضع في بلاده، نتيجة الخسائر الفادحة التي مني بها الجيش الفيدرالي.
وأضافت خبيرة الشئون الأفريقية في تصريحات خاصة لـ"البوابة" أن تحالف الفصائل الإثيوبية ضد أبي أحمد تهدد وجود النظام الإثيوبي الهش بطبيعته خاصة وأن العامل القبلي والإثني هو المتحكم في العرقيات الإثيوبية، مؤكدة أن إثيوبيا لن تشهد أي استقرار على المدى المنظور، وبالطبع هناك تأثير مباشر على السياسة الخارجية الإثيوبية بسبب الاضطرابات الداخلية المتصاعدة.
وأشارت "مرعي" إلى أن قضية سد النهضة ستتأثر بالطبع بالاضطرابات في إثيوبيا، فعلى الرغم أن السد هو المشروع الذي كان يمكن أن يجتمع حوله الإثيوبيون إلا أنه لم يكن مانعا للنزاع الداخلي أو الحرب الأهلية.