البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

اليوم يومك يا أزهر..!


الآن تدرك أوروبا أنها بحاجة إلى الدولة المصرية لمحاربة الإرهاب استعانة بخبراتها الأمنية، وارتكازًا على الفكر الدينى الوسطى الذى يمثله الأزهر الشريف.
أوروبا باتت تعى عدة أمور مهمة، أولها أن الثلاثين من يونيو كانت ثورة على نظام حكم تقوده جماعة إرهابية، وأن تنظيم الإخوان الذى كان ينظر له في السابق كونه أكبر حركات الإسلام السياسى وأكثرها اعتدالًا ليس سوى تنظيم إرهابى واستمرار تواجده وتمتعه بنفوذ سياسى ودينى يشكل خطرًا شديدًا على الأمن القومى الأوروبى؛ وأن كل ما دونه من حركات كداعش والقاعدة وما إلى ذلك إنما ينهلون من فكر وفقه هذه الجماعة.
وثانى الأمور التى باتت أوروبا على قناعة بها أن بوسعها الاستفادة بالخبرات الأمنية المصرية في التصدى للتنظيمات والعناصر الإرهابية، بسبب النجاحات التى حققها الجيش المصرى بالتعاون مع أجهزة الأمن في القضاء على العناصر الإرهابية وفرض الأمن في جميع المحافظات والمدن والتضييق على ما تبقى من فلول الإرهاب في بعض المناطق الوعرة بشمال سيناء.
غير أن أهم ما باتت أوروبا تعيه جيدًا.. أن الأزهر الشريف المؤسسة الدينية الرسمية وما يمثله من فكر دينى وسطى كان أحد أسلحة الدولة المصرية في التصدى للتطرف والتشدد والإرهاب الدينى وعدم السماح بانتشار وتغلغل هذا الفكر بين مختلف شرائح وفئات المجتمع المصرى، أى أن أوروبا تستطيع الاعتماد على الأزهر في مواجهة انتشار الفكر المتطرف بين مواطنيها ذوى الأصول العربية والمسلمة أو حتى ذوى الأصول الأوروبية.
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير الخارجية الفرنسى جان ايف لودريان تحدثا بوضوح عن أهمية دور الأزهر الشريف في مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف خلال محادثة هاتفية بين ميركل والرئيس عبدالفتاح السيسي، وأثناء لقاء لودريان مع فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر.
وقد ترافق هذا الحديث مع تأكيدات الرئيس الفرنسى ماكرون أن المشكلة ليست مع الإسلام كدين وإنما مع أولئك الذين يمارسون الإرهاب باسمه، وهو ما يعنى أن الفرصة باتت سانحة للأزهر الشريف بخطابه غير المسيس ليقتحم معاقل نشر الفكر المتطرف داخل مساجد أوروبا والتى كانت السبب الرئيس في الإساءة إلى الإسلام ونبيه.
هذه هى الساحة التى ينبغى لعلماء الأزهر ورجاله منازلة التطرف والإرهاب فيها دفاعًا عن الدولة الوطنية العربية الحديثة، التى سعت بعض الأطراف الدولية إلى استخدام الإسلام السياسى صاحب هذا النهج لهدم هذه الدولة وتخريبها تحت ستار ما سمى بالربيع العربى.
تواجد الأزهر الشريف في أوروبا سيحول دون تجدد هذا المخطط خاصة بعد أن ذاقت الأخيرة مرارة الإرهاب وعرفت شوراعها أصوات التفجيرات ولون الدم الأحمر.
ملاحقة المتطرفين والإرهابيين الذين يسيئون إلى الإسلام فكريًا أهم من الملاحقة القضائية لأولئك الذين وصلتهم صورة سيئة عن الإسلام ممن يسيطرون على المساجد والمراكز الإسلامية في العواصم الأوروبية؛ ولا سبيل لذلك إلا بالتفاعل مع دعوات ومطالب القادة الأوروبيين لمصر لمد يد المساعدة وفتح حوار جاد وعميق مع الساسة والمثقفين والمفكرين الغربيين حول محددات حرية الرأى والتعبير.
على الأزهر أن يبدأ في هذه المهمة فورًا خاصة أن أوروبا هى من تطلب هذا الحوار وهى فرصة ليحل الأزهر برجاله وعلمائه بديلًا لعناصر الجماعة الإرهابية في المراكز الثقافية الإسلامية والمساجد المنتشرة بين برلين ولندن وباريس وغيرها من العواصم التى طالما انطلقت منها دعوات التحريض على قتل المصريين وارتكاب الأعمال الإرهابية استنادًا إلى خطاب دينى متخلف رعته أجهزة مخابرات بعض الدول.
على الأزهر (المصرى) أن ينشط ويتحرك سريعًا داخل كل دول الاتحاد الأوروبى على أن يذهب إلى هناك بخطاب جديد ومفردات حديثة وفقه معاصر، وفى كل الأحوال سينجح الأزهر في مهمته لأنه يحمل رسالة دينية ليس لها أى غرض سياسى لخدمة جماعة أو تنظيم، ويقينى أن ما سيعايشه دعاة الأزهر وعلمائه في المجتمعات الأوروبية التى تفصلها عنا مسافة زمنية أكبر بكثير من الجغرافيا سيدفعهم إلى تجديد وتغيير الخطاب الدينى واستحداث فكر معاصر وستكون تلك أحد أهم فوائد تواجد علماء ورجال الأزهر داخل المساجد والمجتمعات الأوروبية بشكل دائم.