البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

مسرحيون يدونون في دفتر عزاء محسن حلمي: مثقف وصاحب رؤية

البوابة نيوز

قال المخرج المسرحى عصام السيد: فى الحقيقة إن المخرج محسن حلمى كان بالنسبة لى ليس مجرد مخرج زميل فقط، ولكن نحن أصدقاء منذ أيام الجامعة فى أول السبعينيات، وقد عملنا سويا فى أعمال عدة، كما مثل معى فى عرضين من إخراجى، هما: «عجبي» الذى قدم على خشبة المسرح القومي، و«الناس اللى دوغرى» وقدمت على خشبة مسرح الطليعة.


وتابع السيد: «عندما عملت بالمسرح الكوميدى أخرج عرضًا بعنوان «اللهم اجعله خير»، وقد سافرنا سويا كثيرا، واليوم فقدت أخا وصديقا وزميل كفاح وعشرة عمر».


وقال المؤرخ المسرحى الدكتور عمرو دوارة، إن المخرج محسن حلمى ليس فقط فنانا قديرا أو مخرجا مبدعا، ولكنه بكل الصدق مثقف حقيقى وصاحب رؤية فكرية فى الحياة بصفة عامة والفن بصفة خاصة، وهو بلا جدال من أهم مخرجى جيل الثمانينيات فى المسرح، ويحسب له مساهمته القيمة فى إثراء مسيرة المسرح المصرى بإخراج عدد من العروض المتميزة التى تعد علامات مضيئة فى مسيرته وفى مقدمتها على سبيل المثال: «دقة زار» لفرقة مسرح الطليعة، «ليلة من ألف ليلة»، «الساحرة» لفرقة المسرح القومي، اللهم اجعله خير لفرقة المسرح الكوميدي، «المحبظاتية»، «النار والزيتون» لقصر ثقافة الغوري... وغيرها، وذلك بخلاف إخراجه عددا كبيرا من عروض فرق الهواة بالجامعات والأقاليم، وفى صدد الحديث عن مساهماته الثرية لا بد أن نذكر أيضا مشاركاته كممثل فى عدة عروض، لعل من أهمها: «بلدتنا»، «حفلات التوقف عن الغناء» بمركز الهناجر للفنون، «الناس الدوغري»، «ماكبت وإللى بعده» لفرقة مسرح الطليعة، «عجبي» لفرقة المسرح القومي.

وتابع دوارة: يمكن من رصد المسيرة الفنية لهذا الفنان أن نؤكد مهاراته فى تحقيق رؤيته الإخراجية والتعاون مع كبار النجوم، وفى مقدمتهم سميحة أيوب، يحيى الفخراني، محمد عوض، فاروق الفيشاوي، عبد الرحمن أبو زهرة، أشرف عبد الغفور، أسامة عباس، لطفى لبيب، توفيق عبد الحميد، على الحجار، أنغام، ميمى جمال، وحيد سيف، ممدوح وافى، عزة بلبع، رانيا فريد شوقي، أشرف عبد الباقي، أحمد آدم، صلاح عبد الله، وتقتضى الحقيقة أن أقرر بأن عروضه التى قام بإخراجها لفرق القطاع الخاص، وبرغم تحقيقها للنجاح الجماهيرى، ومن بينها: «فلاح فى مدرسة البنات»، «فيما يبدو سرقوا عبده»، «حلو وكداب»، «وجع الدماغ»، «آدم وحواء» لا ترقى لمستوى عروض بفرق مسارح الدولة، مشيدا بدوره كمدير لفرقة «مسرح الطليعة» حيث نجح فى منح الفرصة كاملة لبعض المخرجين الشباب.

واختتم كلمته قائلا: «رحم الله هذا الفنان القدير الذى عشق المسرح بصدق، وغفر له وأدخله فسيح جناته، جزاء ما أخلص فى عمله وحرصه على رعاية مواهب عدد كبير من هواة المسرح».


وقال الدكتور مصطفى سليم، رئيس قسم النقد والدراما المسرحية بأكاديمية الفنون، ورئيس المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية الأسبق، إن رحيل المخرج المسرحى محسن حلمى يعتبر خسارة كبيرة للمسرح المصرى والعربى، على حد سواء، لأنه يعتبر من المخرجين الذين لهم تجارب طليعية شديدة الأهمية، وأذكر من بينهم تجربة مهمة قدمت فى الدورة الأولى لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى، ولفت انتباه الوفود العربية والأجنبية من خلال تجربته المسرحية وهى «دقة زار»، التى تعد معالجة عميقة لدقة الزار الشعبى الذى استعاد بها المخرج كتاب فاطمة المصرى عن الزار، وهى من الكتب المهمة.

وأضاف سليم، أنه كان صاحب فضل كبير عليه، حيث شاهد هذا العمل ما يقرب من ١٠ مرات، حين تقدم للمعهد العالى للفنون المسرحية، كتب مقالا نقديا عنه متصورا أنه ساعده فى الالتحاق بالمعهد، وقد قُيم هذا المقال تقييما رائعا، مشيرا إلى تجربة أخرى للمخرج محسن حلمى مهمة قد تم اختيارها من قبل وزير الثقافة آنذاك فى مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى فى فترة التسعينيات، وهو العرض المسرحى «المحبظاتية»، الذى رصد فيه خصائص فن المحبظاتية؛ حيث قدم عرضا مبهجا مليئا بالطاقة والحيوية والضحك، بالإضافة إلى تجاربه المهمة فى مسرح القطاع الخاص من بينها «عريس لبنت السلطان»، مؤكدا أن معظم أعماله فى القطاع العام والخاص من عيون المسرح المصرى، وتضع ضمن «الريبرتوار»، فهو رمز من رموز المسرح الطليعية فى مصر والوطن العربي.

قال الكاتب والناقد المسرحي، أحمد عبد الرازق أبو العلا: أعرف أنه بالفعل كان مشغولا بالبحث عن طريق جديد للمسرح، يستطيع السير فيه بخطى ثابتة وقوية، وذلك من خلال مشاهدتى لعروضه المسرحية، خاصة تلك التى تبنى فيه فكرة معالجة التراث، فى بعده الشعبي، وهي: «دقة زار»، «فرقع لوز»، «المحبظاتية»، فتلك العروض - تحديدا - هى التى قدمته كمخرج راسخ، يملك أدواته، ولغته، تلك اللغة التى ميزته مع أبناء جيله من المخرجين الذين انشغلوا معه أيضا بهذه المسألة، وأعنى بها محاولة البحث عن طريق جديد للمسرح المصرى، ومنهم: «عصام السيد، ناصر عبد المنعم، إميل شوقي، أحمد عبد العزيز فى بعض الأعمال مراد منير، إيمان الصيرفى، عمرو دوارة، أحمد إسماعيل... وغيرهم، ويعد أنه واحد من جيل السبعينيات، ذلك الجيل الذى شهد كثيرا من المتغيرات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، التى شكلت وعيه مُبكرًا، وحددت موقفه تجاه الواقع، هذا الوعى اتضح -كما ذكرت- فى أعماله التى قدمها للمسرح مخرجا وممثلا.

وتابع أبو العلا: ربما كان انضمامه إلى فريق التمثيل بجامعة عين شمس -التى كان فيها طالبا- قد أتاح له فرصة التعرف على زملاء شاركوه حب المسرح، وعشقه، هؤلاء الذين عملوا معا، وأعلنوا عن مواهبهم، ورغبتهم فى السير فى هذا الطريق الصعب -طريق المسرح الجاد- فاجتهدوا وثابروا وتثقفوا، ونراهم بالفعل متميزين، وقادرين على لفت الأنظار والتواجد بقوة، ومن هؤلاء الذين زاملهم وعاش معهم حلم التحقق وإثبات الذات: «عصام السيد، توفيق عبد الحميد، أحمد عبد العزيز، سامى مغاوري، محمود حميدة، يحيى الفخراني... كل هؤلاء تميزوا وأصبح لهم شأن فى واقعنا المسرحى سواء فى مجال التمثيل، أو مجال الإخراج.

وأكد عبد الرازق، أنه استطاع أن يلفت أنظار النقاد إليه، حين قدم أعماله الأولى فى وسط سيطر عليه جيل الستينيات من المخرجين سيطرة كاملة، وكان من الصعب على أى مخرج جديد أن يمارس عمله ما لم يكن قادرا على فرض موهبته، ومُسلحًا بالثقافة والوعى اللازمين لفرض وجوده، وهذا بالفعل ما حققه «محسن حلمي» فى تلك الفترة المبكرة فى مسيرته المسرحية.

وقال المخرج الدكتور أسامة رءوف، رئيس مهرجان أيام القاهرة للمونودرام، إن المعلمين يتساقطون تباعا بالأمس نودع المخرج سمير سيف، ويبدو أنه الخريف، وقد أطل علينا، لكنه قضاء الله وسنة الحياة؛ فقدنا اليوم المخرج المسرحى محسن حلمى أحد أهم مخرجى المسرح فى مصر والوطن العربي.

وأضاف رءوف، أنه كان إنسانا من الطراز الأول، ودائمًا يمد يد المساعدة للأجيال الجديدة ولا يبخل عليهم بفنه وتجاربه الإبداعية أبدا، حيث قدم العديد من الأعمال سواء فى مسرح الدولة أو القطاع الخاص أو المسرح الجامعي، حيث تتلمذ على يديه الكثير من المخرجين والنجوم الموجودين على الساحة الفنية حاليا.