البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

«عيسى عبيد».. لغز فجر القصة الذي توقف فجأة عن الإبداع

البوابة نيوز

ترك القاص الراحل عيسى عبيد مجموعتين قصصيتين وهما «إحسان هانم» و«ثريا»، وقد وصفه الكاتب الكبير يحيى حقى وأخاه شحاتة عبيد بـ«لغز فجر القصة القصيرة» وذلك خلال كتابه «فجر القصة القصيرة»، الذى أشار فيه إلى مجموعة من الأعمال القصصية المهمة فى بدايات فن القصة.
وفى رحلة الكاتب والباحث صبرى حافظ للبحث عن الإرث الأدبى الضائع الذى خلفه الأخوان عيسى عبيد وشحاتة عبيد، حقى قام بجمع ونشر أعمال الأخوين الكاملة ضمن سلسلة روائع الفن القصصي، التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، أكد «حافظ» أن لغزهما وبعد مضى أكثر من نصف قرن على كتاب يحيى حقى الرائد لا يزال فى حاجة إلى من يميط اللثام عن غوامضه.
يضم الكتاب الذى أعده الدكتور صبرى حافظ الفصل الخامس من كتاب فجر القصة، والذى خصصه يحيى حقى لعيسى عبيد، وأيضا المقدمة التى صدر بها عباس خضر الطبعة الثانية لمجموعته الأولى، والتى أعيد إصدارها مرة واحدة فقط فى عام ١٩٦٤م.
يبدو أن «عيسى» خلَّف تراثًا مهمًا وملحوظًا وربما يكون قد ضاع أكثره عندما لم يجد من يحفظه ويدفعه للنشر، وكانت له آراء مهمة فى القصة وفى شكلها الفني، وقد شارك فى الجدل المبكر الذى صاحب فنون الأدب فى استخدام اللهجات العامية فى الكتابات الأدبية، وقد استهجن البعض دخول العامية فى النص بأى حال وأى شكل، كانت العامية مستهجنة للغاية وفى درجة متدنية من الفصحى، لكننا نرى «عبيد» يؤيد ظهور العامية فى الحوار ويرحب بها إذا كان الحوار قصيرا ومحبذا لاستخدام الفصحى فى الحوار الطويل؛ وذلك وفق ما أورده الناقد على عبدالجليل فى كتابه «فن كتابة القصة القصيرة». 
ومن الآراء المهمة التى أبداها «عبيد» فى تصوره للقصة القصيرة، أنها ذريعة لدراسة أسرار الطبيعة البشرية وخفايا القلب الإنسانى الغامض، والتطور الاجتماعي، والأخلاق، والحضارة والبيئة، لذلك يجب أن تحتفل القصة بالحياة، وبتصوير تاريخ البشر، وأن يجد القارئ فى العمل ملفًا متكاملا عن حياة إنسان.
ينصح «عبيد» الكتاب أن يتوقفوا عن إبداء الأحكام، لأنها ليست مهمة الكاتب، إنما مهمته الحقيقية هى تشريح النفوس البشرية وتدوين ما يكشفه من ملاحظات تاركا الحكم فى ذلك للقارئ يستخلص منه المغزى الذى يرمى إليك الكاتب بخفة ومهارة، دون أن يجهر بالمناداة به، فلا معنى للوعظ المنبرى فى القصص.
وعندما يتساءل قراء القصة عن توقف إبداع عبيد فربما تكون الإجابة الأكثر ترجيحًا أنه رحل فى شرخ الشباب، وكان ضحية مرض التيفويد الذى أصابه بآلام وأوجاع مستمرة، وقد أشفق عليه الأصدقاء من الصداع المزمن وآلام البطن والصدر، حتى مات فى سن مبكرة قيل إنه لم يتجاوز الثلاثين من عمره.