البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

صِناعة النُخبَة


بالنَظَر في تاريخ النُخبة السياسية المِصرية؛ سنَجدُ وجهان مُتقابلان للتاريخ؛ وجهًا يَلمع ويزهو في عصور الاحتكار؛ مُنذ التاريخ النخبوي؛ ووجهًا آخر عاني من التجريف؛ ابان سيطرة الحزب الوطني علي مقاليد السُلطة. 
وأن أمعَنّا النظر في عصر الاحتكار سنجده بداية حتمية لعصر التجريف الذي تلاه؛ فالوزير كان الدستور يعطيه الحق في ترشحه علي مقاعد مجلسي الشعب والشوري؛ فيُصبح المُشرّع والمُنَفّذ.
والبداية الحتمية لعصر التجريف جاءت تبعًا للأهواء الشخصية؛ بعيدًا عن التكنوقراطية التخصصية أو حتي أهل الخبرة.
سيطرة تامة علي مقاليد الأمور؛ فئة تحتكر السياسة والاقتصاد والمال والأعمال والصحافة والأعلام؛ ادعى من البحث عن النخبة الجديدة التي تقود الأوطان.
من هُم النُخبة!!؟
أن النُخبة هي تلك الفئة المُثقفة؛ التكنوقراط المميّز؛ والخُبراء في كافة المجالات.
نُخبة السياسة التي تضطلع وتُحلل المواقف السياسية؛ وتنظُر للمستقبل السياسي نظرة إمعان؛ تُنظم عمله وتقود طليعته؛ مثقفون وساسة دارسون وقيادات طبيعية تُنشئ حالة من التفاهم والتناغم الذي يُنتج الامل في مُستقبل السياسة في مصر.
نُخبَة الإعلام؛ من الإعلاميين المُعتدلين الذين يعملون بميثاق القيم والولاء للوطن قبل الولاء لعقود سنوية بمليارات الجُنيهات؛ مُحايدون لا يجورون إلا علي خائن؛ ويعطون الحق للكلمة ويعرفون قيمتها في بِناء الأوطان؛ لا يُشعلون النار في الهشيم؛ ولا يفضحون سترًا او يُوشون في حق أوطانهم. 
نُخبة الاقتصاد؛ من العُلماء وذوى الخبرات؛ مارسوا الاقتصاد ويعلمون ويتنبئون بسيناريوهات الانهيار؛ وفُرص النَجاة؛ يؤمنون بالصبر ويعملون للمُستقبل ويدعمون الأمل بالعمل والكفاح.
نُخبة الثقافة والفن؛ التي تُشكّل عقل وقلب المواطن؛ أُدباء ومُثقفون؛ فنانون مميزون؛ يُطلقون العنان للمزيد من الأفكار التي تُدعّم القيم والأخلاق؛ وتتوارث التقاليد الأصيلة؛ لا تُزيّف في التاريخ؛ ولا تُشكك في الرموز.
كل أشكال النُخبة التي ذكرناها لا نجدها ولا نَشعر بها؛ عِبٌ ثقيل وقع علي كاهل الدولة التي كادت تسقُط في يناير ٢٠١١ وواجهت ذلك المصير المحتوم الي ان انتصر الشعب؛ والجيش علي إرادة النهضة الخادعة.
والآن أصبح على الدولة التي تستمد قوتها يومًا بعد يوم؛ وتشتد عزيمتها بسواعد أبنائها؛ ان تخلق مجالًا جديدًا؛ لصناعة النُخبة؛ ولا خِيفة من قول ذلك المُصطلح؛ الذي بالكاد سيخلق مجالًا حيويًا جديدًا في أوساط التمكين الاعلامي والسياسي والاقتصادي والمجتمعي.
أصبح من الضرورى إنتاج خطوطًا جديدًا من النُخبة؛ في تلك المجالات؛ صفوفًا من المُحاربين المُثقفين؛ قادرون علي التفكير في اطار الولاء للوطن؛ وخدمة شعبنا العظيم.
والحَق أقول أن هُناك محاولات عديدة لإنتاج مثل هذه الخطوط من النُخبة؛ من خلال الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب؛ والامل معقود علي تلك المؤسسة في صناعة الفارق في وقت قصير.
لا نُخبة دون إرادة؛ ولن تكون هُناك إرادة دون نُخبة