البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

اعتقاله قاب قوسين أو أدنى.. ننشر تفاصيل خطة الإيقاع بـ"أبو بكر البغدادي"

أبو بكر البغدادي
أبو بكر البغدادي

توالت التقارير الصحفية في الساعات الأخيرة، التي تتحدث عن دخول قوة أمريكية خاصة من العراق إلى سوريا بهدف اعتقال زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي أبو بكر البغدادي.
ونقلت وسائل إعلام عراقية وعربية عن مسئول عسكري عراقي رفيع المستوى، قوله الأحد الموافق 27 يناير:"إن قوة أمريكية خاصة عبرت إلى داخل الأراضي السورية برا عبر إقليم كردستان العراق، يوم الخميس الموافق 24 يناير، رافقتها وحدة مسلحة من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)".


وأضاف المسئول العراقي أن هذا التحرك جاء بعد ورود معلومات تفيد بوجود البغدادي، داخل منطقة بمساحة تبلغ نحو 10 كيلومترات مربعة ضمن محافظة دير الزور في شرق سوريا على الحدود مع العراق، وتحديدا بين الباغوز والمراشدة جنوب المحافظة والسفافنة "غربا"، وصحراء البوكمال "شرقا".
وتابع "القوة الأمريكية الخاصة قد تكون هي نفسها التي تم تكليفها سابقا بمتابعة زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، والتي نجحت في القضاء عليه عام 2011 في مدينة أبوت آباد في شمال شرق باكستان".
وأشار المسئول العراقي، إلى أن القوة الأمريكية الخاصة كانت تتواجد داخل قاعدة عسكرية بمدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، وتابع "المعلومات المتوافرة لدينا هي أن الجيش الأمريكي يريد البغدادي حيا، وقد يكون لذلك علاقة بالوضع الداخلي الحرج للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحاجته لأي حدث إيجابي يصب في صالحه، ويرفع شعبيته، أو لامتلاك البغدادي الكثير من الإجابات حول أسئلة ما تزال غامضة".
وذكرت قناة "السومرية" أن المسئول العراقي استبعد احتمال الظفر بالبغدادي حيا، لانه سيقاوم على الارجح، وقد يفجر نفسه قبل اعتقاله.
وبدورها، نقلت صحيفة "الوطن" السورية عن الخبير العراقي في شئون الجماعات المتطرفة، أحمد الحمداني، قوله:"إن القوة الأمريكية التي انتقلت إلى داخل سوريا عبر العراق، قد تكون بالفعل هي نفسها التي تتبعت الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن، حيث إن هناك قوات أمريكية موجودة حاليا في سوريا". 
وأضاف "انتقال قوة صغيرة إلى سوريا بهذا التوقيت تحديدا، يعني أنهم فعلا مسكوا رأس الخيط، أو رصدوا بقعة محددة للبحث فيها عن البغدادي، وهذا المرجح حاليًا، وقد نسمع عن قتله أو اعتقاله في أي وقت".
وأوضح الحمداني، أن "المرجّح هو وجود مئات العملاء المنتشرين في المنطقة الحدودية العراقية السورية من السكان المحليين العراقيين أو السوريين، وكذلك الأكراد، فضلًا عن مجندين عرب يعملون مع الأمريكيين بالنسبة للشطر السوري ومقاتلي عشائر عربية سنية بالنسبة للشطر العراقي، وهؤلاء جميعًا يعملون كعناصر استخبارية لصالح واشنطن، وقد يكونون حصلوا على معلومات مهمة".
وأضاف أن "زعيم داعش قد يكون أخفى ملامح مهمة في وجهه وبات التعرّف عليه صعبًا، لكنّ الأكيد أنه بات محاصرًا ولا مؤشرات على أنه غادر أرض القتال".
واستند الحمداني إلى ما سماه "أبجديات التنظيمات الأصولية" التي تعتبر أن "مغادرة أرض الرباط أو منطقة المعارك تعني ردته عن الإسلام واستحلال دمه من قبل أقرب مرافقيه".
ويبدو أن التصريحات المتتالية من داخل العراق وسوريا، ترجح أن هناك تحركات مكثفة لحسم المواجهة مع داعش في منطقة الحدود بين البلدين، إذ أعلن نائب قائد العمليات العراقية المشتركة، الفريق الركن عبد الأمير يار الله، يوم الجمعة الموافق 26 يناير، أن الخطط مكتملة لتوغّل قوات من الجيش العراقي إلى العمق السوري، بالتنسيق مع رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع في دمشق.
وبدوره، قال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم كوباني، إن الوجود العسكري لـ"الخلافة المزعومة" التي أعلنها تنظيم داعش سينتهي خلال شهر في حد أقصى، مع اقتراب المعارك في شرق سوريا من خواتيمها.
ونقلت "فرانس برس" عن في 26 يناير عن كوباني، قوله:"أظن أننا خلال الشهر المقبل سنعلن بشكل رسمي انتهاء الوجود العسكري على الأرض للخلافة المزعومة"، مضيفًا "نستطيع القول إن عملية قواتنا ضد داعش في جيبه الأخير وصلت إلى نهايتها".
وأوضح، وهو يرتدي بزته العسكرية داخل أحد مقرات قوات سوريا الديمقراطية قرب مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا، أن فترة الشهر "كحد أقصى" تتضمن "الوصول إلى الحدود العراقية وتطهيرها وتطهير المنطقة من الألغام وملاحقة الخلايا المختبئة فيها".
وأوضح كوباني أن التنظيم وبعد طرده من مدينة الرقة، التي شكلت معقله الأبرز في سوريا، في أكتوبر 2017، أطلق استراتيجية جديدة بالتحول من "الولاية العسكرية إلى الولاية الأمنية"، وهذا يتضمن "زرع الخلايا النائمة في كل مكان وتجنيد الناس مجددًا بشكل خفي، وتنفيذ عمليات انتحارية وتفجيرات واغتيالات ضد المقاتلين والمدنيين على حد سواء".
وخاضت قوات سوريا الديمقراطية، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية، منذ تأسيسها وبدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، معارك كبرى ضد التنظيم، وطردته من مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا.
وفي 17 يناير، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، أيضا، أنها ستصعد عملياتها ضد تنظيم "داعش" الإرهابي بآخر معاقله في مدينة هجين في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور في شرق سوريا، لاجتثاث الخلايا النائمة للتنظيم بشكل كامل.
ونقلت "روسيا اليوم" عن "قسد" القول في بيان على موقعها الإلكتروني:"في الوقت الذي يتلقى فيه تنظيم داعش الإرهابي الضربات الموجعة في آخر معاقله في هجين ومحيطها يحاول التنظيم ومن خلال خلاياه النائمة، المنتشرة هنا وهناك، استغلال الفرص لإحداث الفوضى وزرع الرعب في شرق سوريا".
وتابعت قسد "نؤكد بأننا وبمساعدة التحالف الدولي سنصعد من عملياتنا العسكرية للقضاء على فلول تنظيم داعش وملاحقة خلاياه النائمة واجتثاثها بشكل كامل وإحلال الاستقرار والسلام في شرق سوريا".
وكانت قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، سيطرت الثلاثاء الموافق 15 يناير، على كامل بلدة السوسة ومحيطها في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، وذلك بعد اشتباكات مع تنظيم داعش الإرهابي.
ونقلت "فرانس برس" حينها عن المرصد السوري لحقوق الانسان، ومقره لندن، قوله، إن سيطرة تنظيم داعش في المنطقة باتت تقتصر على "بلدة الباغوز فوقاني"، وعلى "قرى وتجمعات سكنية متصلة معها، تبلغ مساحتها مجتمعة نحو 15 كلم مربع".
وأوضح المرصد أن "السوسة كانت أكبر بلدة متبقية تحت سيطرة تنظيم داعش في الريف الشرقي لدير الزور، وأن 120 من مسلحي التنظيم سلموا أنفسهم لقوات قسد".
وكانت قوات سوريا الديمقراطية أطلقت في سبتمبر2018 هجوما ضد آخر معاقل التنظيم في الريف الشرقي لدير الزور، عند الحدود مع العراق، بإسناد جوي من التحالف الدولي لمحاربة داعش، وأدت المعارك منذ سبتمبر2018 إلى مقتل أكثر من ألف من عناصر داعش وأكثر من 600 في صفوف قوات سوريا الديمقراطية.
وبعد صعوده في 2014 وسيطرته على مساحات شاسعة في سوريا والعراق، انحسرت رقعة أراضي "الخلافة" المزعومة التي أعلنها داعش وباتت تقتصر على مساحات صغيرة.
وبالإضافة إلى الجيب الخاضع لسيطرته في شرق سوريا، يسيطر داعش على قسم من البادية السورية الممتدة من وسط البلاد حتى دير الزور، حيث تدور مواجهات متقطّعة بين مسلحيه من جهة والقوات السورية وتلك المتحالفة معها من جهة أخرى.
ومنذ منتصف 2018، تزايدت التقارير حول اختباء البغدادي في شرق سوريا، ففي 9 مايو من العام الماضي، قال ضابط برتبة لواء، في جهاز الاستخبارات العراقية، إن "زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي موجود في شرق سوريا، حيث تقع مناطق نفوذ التنظيم، وهي مناطق الهجين والصور ومركدة".
ونقلت "فرانس برس" حينها عن الضابط، الذي طلب عدم كشف هويته، قوله حينها:"إن البغدادي يتنقل بالخفاء في هذه المناطق في الجانب السوري من الحدود، وليس بموكب"، واستطرد "البغدادي يتنقل برفقة أربعة إلى خمسة أشخاص ".
وبدورها، ذكرت مجلة "لوبوان" الفرنسية، في 18 أكتوبر من العام الماضي، أن البغدادي يختبيء في شرق سوريا، وقالت إنها حصلت على تقارير استخبارية غربية، توضح أن البغدادي، كان يقود تنظيم داعش من مدينة هجين، بمحافظة دير الزور بشرق ‍سوريا.
وكانت وسائل الإعلام ذكرت على الأقل ست مرات منذ 2014 أن البغدادي قُتل أو أصيب إصابة خطيرة، فقد قيل ثلاث مرات إنه قُتل في غارات للطائرات الروسية أو الأمريكية، وروجت تقارير أخرى عديدة أنه اُعتقل في هجوم بالمدافع شنته القوات السورية، حيث أصيب ثم توفي مسموما.
وتسبب رفع الجائزة الأمريكية أواخر 2016 للقبض على البغدادي من عشرة ملايين دولار إلى 25 مليونا في ورود سيل من البلاغات المزعومة برؤيته.
وعرف عن البغدادي الدهاء، وانه لا يوجد بين مساعديه من يستطيع الحفاظ على تماسك داعش، بعد رحيله، ولعل هذا يظهر بوضوح في سيرته الذاتية. 
ولد البغدادي، واسمه الحقيقي، عواد إبراهيم البدري، في مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين في شمال العراق عام 1971 لأسرة بسيطة وسنية، وعُرفت عائلته بتدينها، خاصة أنها تدعي أنها من نسل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
ودخل البغدادي جامعة بغداد ودرس العلوم الإسلامية، وحصل على شهادة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية من الجامعة عام 1996، ثم حصل علي شهادتي الماجستير والدكتوراه في الدراسات القرآنية من جامعة صدام حسين للدراسات الإسلامية عام 1999، وقضى البغدادي سنوات دراساته العليا في حي الطوبجي المتواجد في بغداد، مع زوجتين له، وستة من الأبناء.
وعرف عنه أنه كان محبا للغاية لكرة القدم، إذ أصبح نجما لفريق مسجد مديمة الطوبجي المتواجد في منطقته، إلا أنه سرعان ما انجذب إلى الأشخاص المتشددين، الذين يتبنون نهج العنف والقتل والخراب، وانضم إلى جماعات السلفية الجهادية، وأصبح تحت وصايتهم.
وفي 2003، وبعد الغزو الأمريكي للعراق، ساعد البغدادي في تأسيس جماعة باسم "جيش أهل السنة والجماعة"، وفي فبراير 2004، ألقت القوات الأمريكية القبض عليه، في مدينة الفلوجة، وظل بالسجن عشرة أشهر.
وحسب رواية أحد رفاقه في السجن، كان البغدادي قليل الكلام، لكنه كان ماهرا جدا في التنقل بين الفصائل المتنافسة داخل السجن، الذي كان يضم مزيجا من عناصر سابقة مقربة من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وجهاديين.
واستغل البغدادي فترة سجنه في تحقيق أهدافه الإرهابية، إذ شكل تحالفات مع العديد من المعتقلين، وظل على اتصال بهم، حتى بعد الإفراج عنه.
واتصل البغدادي، بعد إطلاق سراحه، بأحد المتحدثين باسم تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق، الذي كان يقوده حينها الأردني أبومصعب الزرقاوي، وحينها انضم للقاعدة.
لكن سرعان ما تغيرت الأمور، إذ قتل الزرقاوي عام 2006 في غارة جوية أمريكية، وحينها، خلفه أبو أيوب المصري.
وفي أكتوبر من نفس العام، قرر أبو أيوب المصري حل تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق، وأسس تنظيما يُسمي بـ"الدولة الإسلامية "في العراق، وكان معهم في هذا التنظيم أبو بكر البغدادي وقام بالعديد من العمليات الإرهابية حينها، خاصة أنه كان لديه ميول إرهابية، كما تم تعيين البغدادي رئيسا للجنة الشريعة، وتم اختياره عضوا في مجلس الشورى للتنظيم، والذي كان يضم 11 عضوا.
وعام 2010، حدث تحول إرهابي كبير في تاريخ أبو بكر البغدادي، إذ تم تنصيبه قائدا لتنظيم القاعدة في العراق وأصبح أمير التنظيم، كما يقولون الإرهابيون، وحينها استطاع البغدادي بعقله الإرهابي أن يعيد بناء التنظيم.وعام 2011، استغل البغدادي الاضطرابات المتزايدة في سوريا، وأصدر أوامره لأحد النشطاء التابعين له بسوريا ليؤسس فرعا لتنظيم القاعدة في سوريا، والذي عُرف بـ" جبهة النصرة"، وحينها حدثت خلافات كبيرة بينه، وبين أبو محمد الجولاني زعيم الجبهة.
وعام 2013، أعلن البغدادي أن جبهة النصرة هي جزء من تنظيم القاعدة في العراق، وحينها طلب أيمن الظواهري، زعيم التنظيم الأم، من البغدادي منح جبهة النصرة استقلالها وإعطائها الحرية الكاملة في قراراتها، لكن البغدادي رفض هذا الأمر، ودخل في صدام مع الظواهري، إذ أعلن انفصال تنظيمه عن التنظيم الأم.
وعقب ذلك، قام رجال البغدادي في العراق وسوريا بقتال عناصر جبهة النصرة، وحينها فرض البغدادي سيطرته وقبضته على شرق سوريا، ووضع مجموعة من القوانين والتشريعات الخاصة به.
وبعد أن عزز البغدادي مقاتليه في شرق سوريا، أمرهم بالتوسع في غرب البلاد، وفي يونيو 2014، أعلن البغدادي بشكل رسمي عن ولادة تنظيم "داعش" الإرهابي، وحينها سيطر بشكل كامل على مدينة الموصل في العراق، وعلى ما يقارب من ثلث مساحة بلاد الرافدين، كما أعلن سيطرته على أراض في سوريا، واتخذ الرقة معقلا له، إلا أنه في 2017، تعرض التنظيم لهزائم قاسية في العراق وسوريا، وقتل أيضا قادة كبار في صفوفه، بينهم الناطق باسمه، أبو محمد العدناني، الذي قتل في 30 أغسطس 2016 في حلب شمالي سوريا، وتضاربت الروايات حول كيفية مقتله، إذ أعلن التحالف الدولي لمحاربة داعش، مصرعه في غارة جوية، فيما زعم التنظيم عبر منابره الإعلامية، أنه قتل خلال متابعته لما سمتها العمليات العسكرية في حلب.