البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

مستقبل صحافة الأطفال في مصر «1»


نوقشت مؤخرًا تحت إشرافنا بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة المنوفية رسالة دكتوراه متميزة للباحثة إيمان حمزة على أبو زيد وعنوانها: «مستقبل صحافة الأطفال فى مصر: دراسة مستقبلية فى الفترة من 2015-2025». وتمتاز هذه الدراسة بأنها تُعنى بالمستقبل فى ظل تراجع رؤيتنا الاستراتيجية للمستقبل فى مختلف القطاعات، وفى ظل نُدرة الدراسات المستقبلية التى يقوم عليها باحثون متخصصون فى مجالات علمية مختلفة، ولعلنا لا نتزيد أو نبالغ إذا قلنا إن عدد الدراسات المستقبلية فى تخصصنا وهو الإعلام لا يزيد عن عدد أصابع اليدين رغم انطلاق دراسة الإعلام فى مصر فى العام 1939 أى منذ ما يقرب من 80 عامًا كاملة، بمتوسط دراسة واحدة كل عشر سنوات..!.

اهتمت هذه الدراسة بمستقبل واحدة من أهم نوعيات الصحف فى مصر والعالم فى الوقت الراهن وهى صحافة الأطفال فى مصر، فى ظل التطور الذى تشهده صناعة الصحافة وصناعة المعلومات بوجه عام، وكذلك فى ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية التى تشهدها الدولة المصرية فى الألفية الجديدة، وتحقيقًا لذلك فإن هذه الدراسة تناولت واقع صحافة الأطفال فى مصر فى ظل الثورة المعلوماتية والمعوقات التى تواجهها والعوامل المؤثرة فى الدور المعرفى الذى تقوم به.

واستهدفت هذه الدراسة رصد وتحليل الوضع الحالى لصحافة الأطفال فى مصر سواء صحافة إلكترونية أو مطبوعة، وتحديد أهم العوامل والمتغيرات المؤثرة فى صناعتها، والمؤثرة فى إحداث التطور والتغيير داخل صحف الأطفال، والتى تعتبر مؤشرًا يساعد على استشراف مستقبلها وتتحدد هذه العناصر فى التمويل، إنتاج المحتوى، القائمين بالاتصال وقدرتهم على التعامل مع تكنولوجيا الاتصال الحديثة، بالإضافة للمتغيرات والعوامل الخارجية التى توثر على صحافة الأطفال فى مصر سواء الإلكترونية أو المطبوعة كالبيئة السياسية والاقتصادية والتكنولوجية التى تعمل فى إطارها هذه النوعية من الصحف، وكذلك التعرف على رأى الخبراء فى مستقبل هذه الصحافة التى تمثل أحد أهم أنواع الصحافة المتخصصة فى العالم المعاصر الذى يعيش «عصر الصحافة المتخصصة».

ويُنظر إلى هذه الصحافة باعتبارها إحدى المؤسسات الاجتماعية المؤثرة فى الأطفال، مثلها مثل المؤسسات التعليمية والأسرة والأصدقاء، حيث تحتفظ صحافة الأطفال فى الدول المتقدمة بمكانتها كوسيلة للتعليم والترفيه على الرغم مما تواجهه من منافسة الوسائل الاتصالية الأخرى، وكذلك رصد أهم المشكلات والتحديات التى تواجهها صحافة الأطفال فى مصر فى الوقت الراهن، لاستشراف مستقبلها خلال الفترة من 2015 حتى 2025، والتعرف على الاحتمالات التى تطرحها معطيات الواقع لمستقبلها، بما يمكن من وضع مجموعة من السيناريوهات المستقبلية الممكنة أو المحتملة لها، خاصةً أن البداية التاريخية المبكرة لصحافة الأطفال فى مصر شهدت ازدهارًا كبيرًا، ولكن هذه الصحافة أصبحت تعانى من مشكلات عديدة إنتاجية واقتصادية، بالإضافة إلى انخفاض توزيعها تأثرًا بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدنية فى غالبية الدول العربية، وهو الأمر الذى ينعكس سلبًا على دورها فى المجتمع.

وقد عرضت الدراسة فى جانبها النظرى فصلًا كاملًا للوضع الراهن لصحافة الأطفال المطبوعة، وفصلًا عن الوضع الراهن لصحافة الأطفال الإلكترونية، وأهم التحديات والمشكلات التى تواجهها صحافة الأطفال المطبوعة والإلكترونية، وأفردت فصلا ًعن الدراسات المستقبلية لمعرفة الاحتمالات المتوقعة لهذه الصحافة ووضع سيناريوهات متوقعة لهذه الصحافة.

وقد توصلت الدراسة إلى جملة من الاستنتاجات والنتائج أجابت بها عن التساؤلات التى طرحتها؛ فبالنسبة للعوامل والمتغيرات المجتمعية وتأثيرها على مستقبل صحافة الأطفال فى مصر، تبين أن ثمة عوامل ومتغيرات مجتمعية تؤثر على مستقبل صحافة الأطفال فى مصر وجاء فى مقدمتها العوامل والمتغيرات التكنولوجية والعوامل والمتغيرات السياسية والعوامل والمتغيرات الاقتصادية.

وفيما يتعلق بالعوامل والمتغيرات التكنولوجية، تبين أن التطورات التكنولوجية المختلفة وما يتعلق بها من زيادة أعداد مستخدمى الإنترنت من أهم العوامل المؤثرة على مستقبل صحافة الأطفال فى مصر سواء صحافة الأطفال الإلكترونية أو صحافة الأطفال المطبوعة، وخاصةً فى ظل تعدد الوسائل المستخدمة فى الدخول إلى الإنترنت، ونتيجة لذلك فقد توقعت النسبة الأكبر من الخبراء سواء الصحفيين أو أساتذة الإعلام (67%) أنه لا يوجد هناك زيادة فى أعداد مستخدمى صحف الأطفال المطبوعة فى المستقبل بعد انتشار مواقع الأطفال على الإنترنت وما حققته من نسب مرور مرتفعة، لذا على صحف الأطفال الورقية أن تحاول جاهدة أن تقدم المحتوى المتنوع الذى يجذب الجمهور، ولكن هذا لا يعنى أن صحف الأطفال المطبوعة سوف تختفى، حيث أشارت نسبة كبيرة من الخبراء إلى أن صحف الأطفال المطبوعة لا تزال قادرة على إشباع حاجات الجمهور لما لها من خصائص تميزها عن صحف الأطفال الإلكترونية، ومن ثم يجب على صحف الأطفال الإلكترونية إذا ما أرادت تحقيق النجاح والانتشار بشكل أكبر فى المستقبل أن تهتم بتطوير نفسها فى بيئة الإنترنت

وبالنسبة للعوامل والمتغيرات الاقتصادية، أشار الخبراء إلى الأهمية الكبيرة التى تحظى بها العوامل والمتغيرات الاقتصادية فى التأثير على صحافة الأطفال بشكلٍ عام وصحافة الأطفال الإلكترونية بشكلٍ خاص، حيث توقعت الغالبية العظمى من الخبراء بنسبة بلغت (90%) حدوث تغيرات فى الأوضاع الاقتصادية، حيث جاء فى مقدمة هذه التغيرات أن المؤسسات الإعلامية ستعمل على تعدد وتنوع المنصات الإعلامية من صحف أطفال مطبوعة وإلكترونية وقنوات فضائية مما يؤدى إلى حدوث اندماج اقتصاديٍ، ثم إن صحافة الأطفال تمثل قطاعًا واعدًا للاستثمار بالنسبة لرجال الأعمال، كما أن هذه الصحف تمثل مشروعًا تجاريًا مربحًا، وخاصةً مع زيادة نسبة الإعلانات بها وزيادة أعداد مستخدميها، فالاستثمار فى مجال إعلام الطفل بشكلٍ خاص والصحافة المتخصصة بشكلٍ عام من أهم أوجه الاستثمار فى مصر فى المستقبل.

وتُعد أيضًا العوامل والمتغيرات السياسية من بين العوامل والمتغيرات المجتمعية التى تؤثر على الإعلام المصرى بشكلٍ عام وصحافة الأطفال بشكلٍ خاص، فالنظام السياسى ونظرته للإعلام والحرية الممنوحة للإعلام تؤثر دون شك على النظام الصحفى ككل وصحافة الأطفال كجزء من هذا النظام الصحفى، ولا شك أن رؤية مصر 2030 سوف تولى أهمية بالمستقبل، وفى القلب منه أطفال مصر الذين سوف يصبحون قادة هذا الوطن، يكفى أن الرئيس السيسى عندما قام بتدشين مشروع قناة السويس الجديدة كان يشاركه هذه اللحظة التاريخية مجموعة من أطفال مصر.