البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

عمال الاكتشافات الأثرية.. أبطال منسيون

البوابة نيوز

وراء كل كشف أثرى جديد أيادٍ مصرية مخلصة، تحفر فى الصخر لتخرج من الظلام إلى النور أندر اكتشافات العالم، ومرمى آثار يقومون بإزالة الغبار والرواسب لتظهر لنا عبقرية الفرعون المصرى وتقدسيه كل أشكال الحياة.
كان لـ«البوابة» حديث مع بعض العاملين والمرممين من أفراد البعثة المصرية التى تعمل بمنطقة آثار سقارة، والتى أخرجت منذ يومين أندر اكتشافات العالم بعد الإعلان عن محتويات جبانة «القطط» فى المنطقة الواقعة عند الحافة الصخرية حول الطريق الصاعد للملك أوسركاف بجبانة سقارة الأثرية، والتى بدأت عملها فى أبريل الماضى وتوقفت فترة لقلة التمويل، ثم استأنفت عملها فى أغسطس الماضى لتكشف النقاب عن ٧ مقابر أثرية جديدة، منها ثلاث مقابر ترجع لعصر الدولة الحديثة، غير منقوشة، وأعيد استخدامها فى العصر المتأخر كجبانة للقطط، بالإضافة إلى أربع مقابر أخرى ترجع إلى عصر الدولة القديمة، ومنها مقبرة «خوفو إم حات» المشرف على المنشآت الملكية بالقصر الملكى أثناء أواخر الأسرة الخامسة وبداية الأسرة السادسة.
قال عبدالمنصف إبراهيم عبدالمنصف، عامل حفائر بمنطقة آثار سقارة: «إننا عندما نجد مومياء أو أى قطعة أثرية أثناء عمليات الحفر، ونقوم بالتعامل معها كأنها ابن من أبنائنا، ومن ثم يتم التعامل معها بمنتهى الحرص «بحنية يعني»، على حد تعبيره.
وتابع عبدالمنصف، قائلًا: «ثم نقوم بتنظيفها وإزالة عنها الأتربة بحرص شديد، حتى لا يتم خدشها، أما بالنسبة لى فأنا اكتسبت هذه المهنة بالخبرة، حيث إننى أعمل بها منذ أكثر من ١٠ سنوات، وشاركت فى الكثير من البعثات الأثرية والتى قامت بالعديد من الاكتشافات، والتى كانت آخرها جبانة القطط، كما عملت مع حفائر الدكتور رمضان البدري».
واختتم عبدالمنصف فى رده على تساؤل عما إذا كان يحب المهنة؟ قال: «لو لم أكن أحب مهنة الحفر الأثرى لما عملت بها، وأنا تربية الريس عبدالمنصف، وهو والدى، ويعمل بالحفر فى الآثار من أكثر منذ ٣٠ عامًا وما زال يعمل حتى الآن».
فيما قال حمادة مجاهد عاشور، عامل فنى بمنطقة آثار سقارة، إنه عندما تبدأ عملية الحفر نقوم باستخدام الفأس، وعند اكتشاف الأثر يتم توقف العمال عن استخدامه، حتى يتبين نوعية القطع أو الأثر الذى تم اكتشافه».
وتابع عاشور قائلًا: «وبعدها نبدأ بالتعامل معه بمنتهى الحرص، ويتوقف على الفور استخدام الفأس، ونبدأ باستخدام الفرشاة والمسطرين، خطوة خطوة حتى يتبين نوع الأثر ويتم الكشف عنه بالكامل، ويبدأ على الفور التعامل معه بمنتهى الحرص والخبرة، حتى لا يتم خدشه أو الماس بمعالمه، ويتم بعدها يتم نقله وترميمه بمعرفة الوحدة الهندسية والمرممين، ويتم وضعه فى المتحف، بمعرفة مدير المنطقة، وتبدأ عملية الكشف بمجرد الوصول لبعض الدلائل ومنها وجود الحوائط لنهايتها ومعرفة عما إذا كانت حوائط وهمية أم انها جزء من دليل يؤدى إلى ممر أو سرداب أو مدخل لبعض القبور».
وأكد عاشور أن ساعات العمل تبدأ من الساعة السابعة صباحًا حتى الواحدة طوال الأسبوع، وقال: «أنا أعمل فى الجبل منذ أكثر من ١٢ عامًا، وبالتحديد منذ عام ٢٠٠٦، وعملنا مع عدة بعثات أجنبية منها البعثة التشيكية والبولندية، كما أننا اكتسبنا مهارة اللغة بسبب التعامل مع السائحين المترددين على المنطقة».
أما بالنسبة لطبيعة العمل قال: «إن عامل الحفر عندما يبدأ بهذه المهنة لا يمسك بالفأس فى البداية، وإنما بعدما يمر بمراحل تدريب كبيرة، وتبدأ بالشيل الردم، ويحتاج وقتًا طويلًا للتدريب، يصل لأكثر من عامين أو ثلاثة، لأنه لا يتعامل مع شيء عادى، فعامل الحفائر يتعامل مع إرث الأجداد، فيجب أن يكون على قدر كبير من المسئولية، ويمثل لى العمل فى الحفائر الأثرية الفخر والعزة وحلم المصريين فى إبهار العالم، فعندما نخرج القطع الأثرية نقول إننا كمصريين بما تركه لنا أجدادنا الفراعنة من آثار والتى لا توجد فى أى مكان فى العالم سوى مصر.
أما مصطفى عبده صادق، رئيس الحفائر بمنطقة جبانة سقارة فقال أعمل فى المجال منذ أكثر من ١٢ عامًا، وأخذت مهنة الحفر بالوراثة أبًا عن جد، فعندما نقوم بالعمل فى الحفر تكون جميع العدد والمستلزمات موجودة كالفرشاة والمسطرين والغلق، وعند ظهور أى قطعة أثرية أبدأ بالتعامل معها بالفرشاة والمسطرين بنفسى، أو إذا كان العامل المختص موجود، فهو من يقوم بالعمل والتنظيف حول الأثر، ويتم نقلها بعد ذلك بواسطة العمال الماهرين والمتدربين على نقل الأثر». وعند سؤاله عن لعنة الفراعنة ووجود عفاريت بالمقابر قال: «كل هذه أكاذيب ولا أساس لها من الصحة، ولا أخاف من العمل بالحفر، وأنا أحب العمل بالآثار فأنا رابع ريس فى عائلتى فقد توارث المهنة عن والدى التى ورثها عن والده فأنا حفيد عائلة «ناس العبد» من «قفط القلع»، وهى عائلة شهيرة من الصعيد حتى حلوان، والريس محمد ياسين».
وتابع الريس مصطفى: «بدأنا موسم الحفر فى الأول من أغسطس، مع الأستاذ صبرى فرج، مدير المنطقة، والدكتور محمد يوسف والأستاذ أحمد زكرى والعمالة، وتسمى جبانة القطط ووجدنا تمائم، والعديد من مومياوات القطط وقطط من البرونز، ولهذا تم إطلاق عليها جبانة القطط، باعتبار أنها كانت الحيوان المقدس عند الفراعنة، وتستخدم هذه الجبانة لدفن القطط بعد تحنيطها».
ونستخدم عددًا من الأدوات فى أعمال الحفر ومنها الفأس والزمبيل والمسطرين والفرشاة، ويعمل معى أكثر من ٣٠ عاملًا يعملون بشكل مستمر، كما أن العمال الذين يعملون بهذه المهنة يجب أن يكون العامل لديه خبرة جيدة فى التعامل مع الأثر، ولديهم خلفية جيدة فى التعامل مع الأثر.
وعما إذا كان سيورث أبناءه مهنة الحفائر، قال: «لا أنا سأعلم أولادى الأربعة حتى يصبحوا دكاترة ومفتشى آثار، وأنا درست حتى الثانوية العامة، وكنت أحب شغل الحفائر والترميمات، وتابعت عملى من وقتها بالحفائر».