البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

مستقبل الحكومة العراقية.. بين واشنطن وطهران

الانتخابات العراقية
الانتخابات العراقية

أظهرت نتائج الانتخابات العراقية التى عُقدت فى ١٢ مايو ٢٠١٨ حالة من الجدال فى الأوساط الداخلية والخارجية، أسفر عنها ما حدث من إعلان إعادة الفرز اليدوى لنحو ١٠٪ من أصوات الناخبين، وذلك بعد قبول المحكمة الاتحادية التعديل الثالث لقانون الانتخابات الذى أقره البرلمان العراقي، كنتيجة لطعن عدد من النواب على الانتخابات.
وفى هذا الإطار، أعلن مجلس المفوضين المنتدب فى البلاد يوم الخميس الموافق ١٠ أغسطس ٢٠١٨ قيامه بإرسال النتائج النهائية إلى المحكمة الاتحادية للمصادقة عليه بعد الانتهاء من النظر فى الطعون المقدمة، وجاءت نتائج إعادة الفرز فى ١٣ محافظة متطابقة مع مثيلاتها الإلكترونية، ولم يحدث تغيير إلا بحق ٣ من المرشحين داخل جهة سياسية واحدة، إلى جانب تغيير واحد فى مقاعد بغداد، انتقل على إثره مُرشح من تحالف بغداد إلى تحالف الفتح.
ويعنى ما سبق أن الكتل السياسية الفائزة احتفظت بمقاعدها، فتحالف سائرون بقيادة مقتدى الصدر لايزال مُتصدرا المشهد بنحو ٥٤ من المقاعد، ثم ائتلاف الفتح بقيادة هادى العامرى فى المرتبة الثانية بحوالى ٤٨ مقعدًا، تلاه كتلة النصر بزعامة حيدر العبادى بنحو ٤٢ مقعدًا، ثم تيار الحكمة بحوالى ٢٠ مقعدًا.
ووفقًا لدستور البلاد، يقوم رئيس الجمهورية بالمصادقة على النتائج ثم يدعو مجلس النواب الجديد للانعقاد برئاسة أكبر الأعضاء سنًا خلال خمسة عشر يومًا، ويتم انتخاب رئيس المجلس ونائبيه، ثم يُفتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، الذى يتم انتخابه خلال ٣٠ يومًا من فتح الترشح، وبعدها يُكلف رئيس الجمهورية الجديد مرشح الكتلة النيابية ذات الأغلبية بتشكيل الحكومة خلال ١٥ يومًا من انتخابه. ويقوم رئيس الوزراء الجديد باختيار أعضاء حكومته ووضع برنامج الحكومة وعرضهما على البرلمان فى مدة شهر من تكليفه.
ردود الأفعال
فور إعلان النتائج أعلن مجلس المفوضين أن عملية استقبال الطعون فيما يتعلق بنتائج إعادة الفرز ستبدأ من يوم الأحد الموافق ١٢ أغسطس ٢٠١٨ ولمدة ثلاثة أيام (٣)، وتباينت مواقف الكتل المختلفة من نتائج مرحلة الإعادة، فعلى سبيل المثال، وجه المكتب الإعلامى لرئيس ائتلاف الوطنية إياد علاوى انتقاداته على النتائج المُعلنة، التى اعتبرها «تكريسا للتزوير وانعدام النزاهة ومصادرة لإرادة الشعب».
وفى ذات السياق، رفضت أربعة أحزاب كردية وهى حركة التغيير وتحالف الديمقراطية والجماعة الإسلامية والاتحاد الإسلامى نتائج جولة الإعادة، ونفس الأمر بالنسبة للجبهة التركمانية، التى أعلنت أنها ستُقدم طعنًا للهيئة القضائية على عمل المفوضية؛ حيث عبروا عن خيبة أملهم من قيام المجلس بإعلان نتائج كركوك قبل العد اليدوى لنحو ١١٤٠ محطة.
فيما أعرب البعض عن شكوكه فى جدوى عملية إعادة الفرز، واعتبر أن ثمة اتفاقا بين التكتلات السياسية الكبرى على تمرير الاتفاق والتغاضى عن التزوير، بهدف التعجيل بتكوين الحكومة.
مساعى تشكيل الحكومة
على صعيد آخر، تتزايد التفاهمات بين «سائرون» وتيار «الحكمة» والوطنية» و«النصر»، فى ضوء تقارب وجهات النظر بينهم، وهو ما تأكد فى تصريحات عدد من قيادات تلك الأطراف أن تشكيل الكتلة الأكبر سيكون من بينهم، بشرط الالتزام بالنقاط التى وضعها الصدر، وإلا ستتحول سائرون صوب المعارضة (٧).
بالإضافة إلى ذلك، نجد أن زعيم ائتلاف «دولة القانون» نورى المالكى عقد اجتماعا مع زعيمى «القرار العراقي» أسامة النجيفى ثم تحالف «الفتح» هادى العامرى للتشاور حول تشكيل الكتلة الكبرى، إلى جانب التقارب الملحوظ بين المالكى وفالح الفياض عضو ائتلاف «النصر»، بما يُشير إلى حدوث انقسامات داخل «النصر».
ما سبق يُشير إلى وجود معسكرين كبيرين داخل البيت الشيعى العراقى يتنافسان على تكوين الكتلة الكبرى داخل البرلمان للظفر بمقعد رئيس الحكومة، أحدهما يتزعمه المالكى والعامري، والآخر مقتدى الصدر والعبادى وعمار الحكيم، ويتوقف مستقبل كلا التحالفين على قدرتهما لجذب أكبر عدد من الكتل الأخرى كالأحزاب السنية والكردية، فضلًا عن قدرتهما لمنع حدوث انشقاقات داخلهما، فى ضوء تصاعد الحديث عن حدوث صفقة بين معسكر المالكى والفياض، تقتضى انسحاب الفياض من ائتلاف العبادى وانضمامه لتكتل المالكي، فى مقابل حصوله على منصب رئيس الوزراء وبدعم إيراني.
ويتزامن ذلك المخاض العسر للحكومة الجديدة مع أجواء مضطربة تعيشها العراق داخليًا وخارجيًا، فلا تزال تظاهرات الجنوب العراقى التى اندلعت فى البصرة يوليو الماضى للمطالبة بتحسين الخدمات والمرافق مستمرة، وبالرغم من تعهد الحكومة بالقيام بمجموعة من الإصلاحات لحل الأزمة، فإن أيا منها لم يحدث. وهو ما دفع زعيم سائرون مقتدى الصدر للتهديد باللجوء للمعارضة فى حال لم تتحقق مطالب المتظاهرين.
وتتزايد احتمالات صحة الأنباء التى ترددت حول ترشح فالح الفياض لمنصب رئاسة الوزراء اعتمادًا على تفاهمات بين ائتلاف دولة القانون والفتح وبناء على أوامر إيرانية.