البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

أفلا يعقلون؟!


أؤمن بالمدينة الفاضلة، فأنا أسعى إليها على الدوام، ودائمًا كنت أعتقد أن كلما تمر الأيام تزداد حال الدنيا سوءًا ففى الغالب لم تكن الناس بهذا الجهل والسطحية فى الشرق، كانوا سعداء ولم يشب حياتهم كل هذا التطرف، فنحن الآن نجد عدد المتطرفين للأديان كعدد المتطرفين للا دينية وكلاهما خطأ، فإذا استمر العالم على هذا المنوال ستزداد الحياة سوءًا، وسيزداد الناس كراهية وبعد عن الله، وبالتالى إباحة كل المعاصي، وما أعنيه ليس بقوانين دين بعينه بل كل ما ترفضه الطبيعة البشرية من ابتذال، فلطالما اعتقدت أن المدينة الفاضلة من الممكن أن توجد، سأسعى إلى تحقيقها... ولكنى كلما تعمقت فى قراءة تاريخ مصر، الشرق، الأديان. والعالم أجد أنه لم يكن أبدًا هناك ما يسمى بـ«المدينة الفاضلة»، لم تكن أبدًا هناك عصور؛ حيث ساد الحب والرخاء والمودة وتفتح العقل وعدم القتل والتصارع، ربما هو حال الدنيا من يوم نزل إليها آدم، ولكن هل هذا ما يريده من أنزل آدم إلى الأرض؟ لو أنكم تعبدون الله حق عبادته لما فضلتم عبادة الدين من دونه.. عندما يرفض دينك صوت العقل الذى هو أهم ما يميز بنى آدم الذى علمه الله الأسماء كلها، فتأكد أن ثمة شيئا خاطئا فى هذا الدين الذى يرفض أن تتطلع حتى على ما خالفه من أفكار.. وكم من أديان بعدة تجليات يكفر بعضها الآخر كأصحاب الديانات المختلفة والله واحد ولكنهم لا يعلمون!!
ولو نزل الله من السماء وقال للناس أعبدونى أنا الرب الواحد، اتركوا أديانكم وتوحدوا فى عبادتي، لقيل فى إعلام الغرب أنها خدع من قبل مجهول لتشويش الناس، وأنها لا تخيل على طفل مثل تلك الألاعيب لإثبات وجود إله من الأساس، ولصدقهم مسيحيو الشرق رغم إلحادهم -الغرب- لكى لا يتركوا ما اعتنقوه ولانفصل المسلمون إلى مذاهب جديدة، منها ما تحرم ترك الدين لشىء غير مفهوم ولانقسموا إلى مذاهب أكثر تكفر بعضها البعض. هل تعلم أيها المسيحى أن المسلم أيضًا يؤمن بنزول المسيح ليخلص البشرية وأننا ننتظره مثلك، هل تعلم أن اليهودى أيضا يؤمن بنزول المسيح، بل ويحاول الآن تعجيل نزوله، ولكنه يعتقد بأنه مسيح آخر سينزل فقط لينقذ «شعب الله المختار» ويجعلهم يحكمون الأرض... هل تعلم أيها الإنسان أن من أنزل جميع الأديان واحد، يسعى لجعلنا فى خلق واحد، ولكن البشر هم من يشوهون أديانهم ويفرقون بين كتب كتبها نفس الإله، وكأنما كل كتاب من كوكب مختلف..
البشر واحد عبر كل الأزمان، ومهما حدث من معجزات أو علامات لا يصدق المرء سوى ما يمكن لعقله تصديقه، وإن لم تستوعبوها ستظل حقيقة، أنتم تعبدون ما وجدتم عليه آباءكم أكثر من كونكم تعبدون الله، فما فرقكم عن قريش؟ تقبلوا اختلافاتكم، فلا يوجد على هذه الأرض غير حقيقة واحدة، أن من فى السماء هو فقط من يعرف من منكم يستحق أن يذهب إلى الجنة، ومن يستحق النار، فلا تحكموا على الآخرين، متوقعين أن ما تعلمتوه فى صغركم هو فقط الصحيح، فليس من البشر بأحد يعلم ما مكانته الحق فى السماء، وما مكانة من يحكم عليهم بما ليس له به من علم!