البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الحرب الأمريكية على الإرهاب.. عوامل فشل وإذكاء للكراهية

البوابة نيوز

أضحت الحرب على الإرهاب ذات أهمية دولية قصوى منذ أحداث ١١ سبتمبر ٢٠١١، التى أحدثت تطورًا نوعيًّا فى ظاهرة الإرهاب، إذ أصبح لا يمثل تهديدًا محليًّا لدولة بعينها، بل بات يهدد السلم والأمن الدوليين. 
وانعكس الأمر على قمة أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، التي ارتكزت على استخدام الأداة العسكرية كوسيلة ردع للتنظيمات الإرهابية، وطورت حينها مفهومًا جديدًا فى مجال الدفاع عن النفس، ألا وهو «الضربات الاستباقية» إذ إن الدول لا تكتفى فقط برد العدوان الذى يضرب أراضيها، بل تسعى إلى الضربات الاستباقية معتمدة على القوات الجوية، لتقويض العدوان المحتمل وهزيمته فى منابعه.
اتبعت الولايات المتحدة، سياسة الضربات الاستباقية فى إطار حربها فى أفغانستان عام ٢٠٠١ بالتعاون مع قوات حلف الناتو، وذلك لتدمير تنظيم «القاعدة» الذى أعلن تورطه فى هجوم ١١ سبتمبر، ولم تقتصر الضربات الاستباقية على جماعات بعينها، بل استخدمت لتوجيه ضربات لدول اتهمت بدعم الإرهاب. 
ونظرًا لبنية النظام العالمى فى بداية الألفية الثالثة، والذى كان قائمًا على القطبية الواحدة بزعامة الولايات المتحدة، التى حاولت أن توسع من ضرباتها الاستباقية ضد الدول التى وصفتها بالديكتاتورية ومنها أفغانستان والعراق، سعت لتغيير النظام السياسى فى العراق بقيادة صدام حسين.
انعكاسات الأداة العسكرية للحرب على الإرهاب
ومن الممكن أن نطرح على سبيل المثال لا الحصر عددًا من البنود لتقييم الأداة العسكرية منذ انطلاقها عام ٢٠٠١ إلى الآن، حيث قيام الحرب الدولية على تنظيم «داعش» بقيادة التحالف الدولي، وإعلاء الدول الأوروبية من قيمة التعاون الأمنى والاستخباراتي، وفرض حالة الطوارئ بين دولها لحصار تنظيم «داعش».
ولذا من الممكن أن ننسب للأداة العسكرية فى حربها على الإرهاب نجاحًا محدودًا، لكنها لم تحسم الأمر نهائيًّا، فقد كانت العمليات العسكرية الأمريكية ضد تنظيم «القاعدة» وحركة «طالبان» فى أفغانستان محدودة النجاح، إذ ساعدت على تقويض كليهما فى العاصمة كابول، ولكن لم تنجح الأداة فى تدمير تنظيم «القاعدة» بطريقة جذرية، الذى وجد ملاذًا له فى البلدان المجاورة مثل باكستان والشيشان.
اعتماد القيادة اللامركزية
أدت الحرب العسكرية على الإرهاب لتغيير شكل الهيكل الإدارى للتنظيمات الإرهابية، فبعدما كانت التنظيمات الإرهابية يغلب عليها الطابع المركزى فى القيادة، والاعتماد كليًّا على أمير التنظيم فى إصدار أى تعليمات بخصوص العمليات الإرهابية والتوجيهات المستقبلية، أى اعتماد النموذج الهرمى داخل التنظيم، وهو أسلوب سهل القضاء عليه من قبل السلطات الأمنية التى بقضائها على القيادة سينتهى حينها التنظيم، أو نجاحها فى قطع الأداة الاتصالية ما بين القمة والقاع، فبذلك تنجح فى تعطيل مفعول العمليات الإرهابية وإبطالها لأجل غير مسمى، لحين إيجاد التنظيم أداة أخرى للتواصل مع القاع تعطيل التنظيم وإبطاء عملياته».
وتحولت لتنظيم قيادى لا مركزى يعطى الأفراد قنوات أكثر مرونة لتنظيم عمليات إرهابية تدعم المبادئ والتوجيهات العليا للقيادة، أى اعتماد سياسة لامركزية التنفيذ ومركزية التوجيه، وهو ما انتهجته القيادة فى تنظيم «القاعدة» الذى جعلها تصمد أمام الحرب الغربية عليها، بل وسعت انتشار فروعها فى عدد كبير من الدول وتنفيذ عدة عمليات فى الدول الأوروبية نفسها، وهو الأسلوب الذى انتهجه تنظيم «داعش» بعد زيادة ضربات التحالف الدولى عليه، وتنفيذ عدد كبير من العمليات الإرهابية داخل أوروبا من خلال عمليات الذئاب المنفردة، التى تعتمد بشكل كبير على اللامركزية فى الأداء وعشوائية التنفيذ.
اتساع رقعة العمليات الإرهابية
من خلال تقارير معهد السلام والاقتصاد العالمى بأستراليا، والذى يرصد مؤشرات الإرهاب الدولي، فبنهاية ٢٠١٧ خلصت التقارير إلى اتساع رقعة العمليات الإرهابية،وبخاصة فى المناطق التى تشهد صراعات أهلية مثل اليمن وأفغانستان وسوريا، وإثبات أن العنف لا يولد إلا العنف، ولكن تدور أولى الخطوات الجدية فى القضاء على الإرهاب فى الدوافع المغذية له، ويمكن أن نخلص أن الأداة العسكرية الأمريكية فى الحرب على الإرهاب لم تقض على الإرهاب منذ ١٧ سنة، بل العكس غذت الدوافع السياسية والطائفية لبروز تنظيمات أكثر عنفًا وتطرفًا من تنظيم «القاعدة» الذى حاربته فى أفغانستان. 
كما أدت الحروب الاستباقية لتغذية مشاعر الكراهية ضد المجتمع الغربى من قبل المسلمين، بجانب أن تغيير الهيكل التنظيمى للتنظيمات الإرهابية لتوائم الحرب الغربية عليها، جعلها أخطر من ذى قبل وأكثر انتشارًا.