البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

"الرئيس المفقود".. صورة لكواليس السياسة الأمريكية

رواية الرئيس المفقود
رواية الرئيس المفقود

تعد رواية "الرئيس المفقود"، للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، والكاتب جيمس باترسون، والتي تصدرت قائمة نيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعًا على مستوى الأعمال الأدبية، للأسبوع الرابع على التوالي، إحدى أبرز الروايات التي أثارت جدلًا بين محبي ومتابعي الأدب خلال الفترة الأخيرة، خاصةً أن اشتراك أحد رؤساء البيت الأبيض في كتابة رواية يعتبر حدثًا استثنائيًا ربما لا يتكرر.
وتدور أحداث الرواية في إطار تشويقي درامي فيه الكثير من "الأكشن" المفضّل لدى الجمهور الأمريكي، فالولايات المتحدة مُهددة بخطر هجوم إرهابي إلكتروني، والرئيس دونكان، البطل الروائي الرئيسي، يتعرّض لضغط كبير من جانب الكونجرس، الذي يتهم الرئيس بتحريض ومساعدة إرهابي على الهرب من ميليشيا حاولت قتله، في الجزائر، وإجراء اتصال هاتفي بالإرهابي المذكور، بينما لا يستطيع الرئيس الاعتراف بكل ما يعرف من حقائق، لأن ما يتم تسريبه منها قد يؤدي إلى فشل محاولات إنقاذ الولايات المتحدة من هجوم شامل. 
وهكذا، على مدار ثلاثة أيام، بمساعدة عدد محدود من المساعدين، وفي ظل إرهاق جسدي ونفسي، وأعراض مرض نادر ظهرت مُجددًا، يعرض الرئيس سمعته للخطر، ويجازف حتى بحياته، في مهمة محفوفة بالمخاطر، لأجل إنقاذ البلاد من خطر داهم، بينما يشتعل الصراع بينه وبين الكونجرس، الذي يحشد المؤيدين لإقالته من منصبه.
وبهذا المعنى، أيضًا، يبدو على هامش الحبكة الروائية نقد الصراعات الحزبية، والمصالح الشخصية، وضيق الأفق، السمات السائدة في أوساط نخبة واشنطن السياسية، من خلال السياق الأدبي للعمل، وهي ذات نفوذ هائل، وصاحبة أدوات إعلامية تقوم مقام حائط الصد في صراعها الدائم على المكان والمكانة.
ولن يجد الباحث في السياسة الأمريكية مشهدًا يختزل هذا كله أفضل من النقاش بين الرئيس دونكان، ورئيس مجلس الشيوخ، ليستر رودس، فالأول يحاول اجتذاب عطف الثاني، ويحاول استفزاز مشاعره الوطنية، للحصول على مهلة من الوقت، بينما لا يشغل الثاني نفسه إلا بجمهور الناخبين، والمصلحة الحزبية.
وعلى الرغم من حقيقة أن كلينتون يستفيد من تجربته الشخصية، كرئيس خضع لإجراءات الإقالة، في فضيحة مونيكا لوينسكي، واضطر للاعتذار علنًا للإفلات من العقاب، كما يستفيد من تجربته في مواصلة "الحرب على الإرهاب"، التي بدأها الرئيس بوش الإبن، إلا أننا لا نستطيع التفكير في شخصية الرئيس دونكان الروائية كتمثيل لشخصية كلينتون الحقيقية، ولا التفكير في "الرئيس مفقود" كسيرة ذاتية تستعين على إخفاء ملامحها بقناع الرواية البوليسية، وروايات الإثارة.
والرواية بشكل عام تقدّم صورة واسعة للسياسة الأمريكي ورجالها، في إطار لا يفتقر إلى التشويق والجاذبية.