البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

"روحاني" مهدد بخسارة التضامن الأوروبي.. خروج الشركات الأجنبية يضعف موقف طهران التفاوضي

الرئيس الإيرانى حسن
الرئيس الإيرانى حسن روحانى بالدول الأوروبية

التقى الرئيس الإيرانى حسن روحانى بالدول الأوروبية، بالإضافة لروسيا والصين فى فيينا فى السادس من يوليو الجاري، للبحث عن اقتراحات ملموسة تتيح الحفاظ على الاتفاق النووي، فى زيارة رسمية بهدف تعزيز التعاون وتوثيق العلاقات الثنائية، وسط مخاوف من فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات جديدة على طهران، لاسيما بعد الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.
وتشير هذه الزيارة لقلق طهران حيال المواقف غير الواضحة للدول الأوروبية إزاء القدرة على البقاء فى الاتفاق النووي، خصوصًا بعد السياسات العدائية لواشنطن تجاه إيران.
وتتمثل أبرز الموضوعات التى طرحها «روحاني» خلال الزيارة، فى التحذير من تبعات محاولات واشنطن عرقلة صادرات إيران النفطية، قائلًا «إن سياسة الضغط والتهديد لن تكون مجدية مع إيران، وستكون نتيجتها هزيمة الطرف المقابل».
فى السياق ذاته، أكد «روحاني» أن الحفاظ على الاتفاق النووي سيكون فى صالح أوروبا والعالم، معربًا عن أمله فى أن تقدم أوروبا مقترحات قابلة للتنفيذ بشأن الاتفاق النووى، فضلًا عن التهديد بإعادة تخصيب اليورانيوم إذا لم تف الدول الأوروبية بوعودها.
مُحفزات الموقف
توجد مجموعة من المؤشرات التي تنبئ بإمكانية تخلى الدول الأوروبية عن موقفها إزاء البقاء على الاتفاق النووي، كما أنها من الناحية الأخرى ستضعف من موقف إيران التفاوضي، إذا كانت هناك فرصة لصياغة اتفاق جديد، والتي يتمثل أبرزها فى خروج الشركات الأجنبية من السوق الإيرانية.
فعلى الرغم من أن الأوروبيين هم الأكثر صلابة وتأثيرًا فى الدبلوماسية متعددة الأطراف لا سيما فيما يتعلق بالصفقة الإيرانية، وقادرون على التغيير الإيجابى فى طهران من خلال الانخراط فى الالتزام بالاتفاق، إلا أنهم يواجهون حسابات أكثر تعقيدًا، فضلًا عن أنهم من أكثر الدول تضررًا من سياسات الرئيس الأمريكي.
فى سياق مقابل، اقترح رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، سلسلة من الإجراءات بما يتضمن «قانون المنع» الذي يحظر على شركات الاتحاد الأوروبي الالتزام بقانون العقوبات الأمريكي وحمايتها من الغرامات، بالإضافة إلى آلية تسمح للعضو بتقديم مدفوعات النفط مباشرة لطهران دون استخدام المؤسسات المالية الأمريكية الخاضعة للعقوبات.
لكن فى النهاية لم تستطع الدول الأوروبية إقناع الشركات الأجنبية، مثل «توتال الفرنسية»، و«هانى ويل إنترناشونال»، و«دوفر كوربريشن»، و«جنرال إلكتريك»، بالبقاء داخل السوق الإيرانية، حيث خرجت عشرات الشركات الكبرى بعد أن قامت الإدارة الأمريكية بإغلاق النافذة القانونية الوحيدة المتبقية التى تسمح للشركات بالعمل مع طهران دون انتهاك العقوبات الأمريكية، لاسيما بعد أن وضعت الإدارة الأمريكية مهلة تصفية أعمال تبلغ ٩٠ يومًا للمشروعات العادية، و١٨٠ يومًا للمشروعات النفطية.
تزايد العمليات ضد المعارضة
انعقد مؤتمر المعارضة الإيرانية فى باريس خلال الثلاثين من يونيو الماضي، تحت عنوان «الانتفاضة من أجل التغيير في إيران»، الذي خرجت توصياته بضرورة فرض عقوبات جديدة على نظام الجمهورية الإسلامية فى طهران وتنفيذ العقوبات المفروضة عليه حاليًا، مُشددين على رحيله في أقرب وقت ممكن، كونه المتسبب الأساسي في أزمات الشرق الأوسط.
وكان قد تم وضع «منظمة مجاهدي خلق» على قوائم المنظمات الإرهابية حتى عام ٢٠١٢، وكانت غير مُحبذة من جانب إدارة أوباما، لكن اليوم تتم إعادة تسويقها والترويج لها مرة أخرى تحت شعار «التغيير فى إيران»، لا سيما من جانب الإدارة الأمريكية الحالية من أجل إيجاد بديل سياسي ديمقراطي لنظام ولاية الفقيه في حالة رحيله.
وأدى كل ما سبق لضعف موقف الإيرانيين أمام الرأى العام الدولي، وبالتالى ضعف قدرة الأوروبيين في الدفاع عنهم وعن سياسة البقاء داخل الاتفاق النووي، لا سيما بعد حادث تفجير مؤتمر المعارضة في باريس، حيث تم توجيه الاتهام للدبلوماسي الإيراني «أسد الله أسدي» الذي تم اعتقاله على رأس خلية كانت مكلفة بتفجير «المؤتمر الوطني للمقاومة الإيرانية»، بقيادة منظمة مجاهدي خلق، والذي أكد البحث أنه أحد عناصر أجهزة مخابرات طهران ومطلوب من قبل الشرطة الدولية «الإنتربول».
وما زاد الأمر سوءًا؛ المظاهرات التى واجهها «روحاني» خلال جولته الأوروبية، لاسيما في سويسرا والنمسا من قبل حركات المعارضة الإيرانية في أوروبا، مطالبة الاتحاد الأوروبي بإنهاء الزيارة واحترام القيم المعمول بها في دول الاتحاد، القائمة على الالتزام بالديمقراطية وحقوق الإنسان، مُعتبرة روحاني شريكًا في تفجير مؤتمر المعارضة في باريس.
ضعف موقف الحكومة في الداخل الإيراني
تزايدت الاحتجاجات خلال الفترة الأخيرة داخل إيران جراء الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، وما ترتب عليه من تحديات كبيرة على كل الأصعدة، وما سبقها من تظاهرات عنيفة اعترضًا على الدور الإقليمي لإيران في المنطقة، في إطار ما وصفه البعض بإهدار الموارد الداخلية من أجل أهداف خارجية لا قيمة لها.
كما أدى الخروج الأمريكي من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات الأمريكية مرة أخرى لانسحاب معظم الشركات الأجنبية الكبرى من السوق الإيرانية.
واختلفت دوافع التظاهرات بشكل عام داخل طهران فيما بين سياسي واقتصادي وربما بسبب التداخل فيما بينهم، لكن المحفز الاقتصادى كان أقوى دائمًا، وهو ما ظهر خلال احتجاجات يونيو الماضى فيما ورد من هتافات تندد بالسياسات الاقتصادية للحكومة.
كما ستؤدي الخسائر الاقتصادية، لاسيما انخفاض سعر الصرف لتدهور مستوى المعيشة وتعزيز التضخم، فضلًا عن الحد من قدرة الإيرانيين على السفر للخارج، في حين أرجع البعض الآخر أسباب الاحتجاجات لغياب الشفافية والوضوح بين الحكومة والبرلمان والشعب.
وعلى صعيد آخر، يرى البعض أن هناك دوافع أخرى لتكرار الأزمات داخل طهران، تتمثل فى غياب العدالة فيما بين الأقليات، فبينما يؤكد النظام الإيراني أنه لا يفرق بين مواطنيه على أساس اللغة، اللون أو المذهب.