البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

أحمد حسن الزيات.. رمضان بعد "جهاد العيش"

أحمد حسن الزيات -
أحمد حسن الزيات - ارشيفية

كتب الأديب المصرى أحمد حسن الزيات فى مجلة «الرسالة» مقالا عن رمضان عام ١٩٣٣، جاء بعنوان «رمضان». 
تناول الزيات شهر رمضان قائلا: إنه لا بد من رمضان بعد أحد عشر شهرًا قضاها المرء فى جهاد العيش، مستكلِب النفس، مستأسِد الهوى، متنمر الشهوة، ليوقظ رواقد الخير فى قلبه، ويرهف أحاسيس البِر فى شعوره، وترجع روحه إلى منبعها الأزلى الأقدس فتبرأ من أوزار الحياة، وتطهر من أوضار المادة، وتتزود من قوى الجمال والحق ما يُمسكها العام كله على فتنة الدنيا ومحنة الناس. 
ويضيف الزيات: إن رمضان رياضة للنفس بالتجرد، وثقافة للروح بالتأمل، وتوثيقا لما بين القلب والدين، وتقريبا لما بعد بين الرأفة والمسكين، وتأليف لما نفر من الشمل الجميع، وتنديةٌ لما يبس من الرحم القريبة، ونفحة من نفحات السماء تفعم دنيا المسلمين بعبير الخلد وأنفاس الملائكة.
وتابع: رمضان كله عيد وطنى شامل، تفيض بالسرور أنهاره، وتغرق فى النور لياليه، وتفتر بالأنس مجالسه، فالرجال يحيون أماسيه فى محافل القرآن أو منازل اللهو النزيهة، والنساء يوزعن الوداد والأنس على الأبهاء الكثيرة، والأطفال الهازجون يزينون الطرقات بفوانيسهم الملونة الصغيرة، والبيوت الباقية على العهد تتقرب إلى الله بالذكر والصدقات، والمساجد المقفرة طول العام تعج بالوعظ والصلوات، والمآذن الحالية بالمصابيح، الشادية بالتسابيح، ترسل فى أعماق الأبد نور الله وكلمته. 
ويبين الزيات: أن رمضان مظهر قومى رائع، يعيد إلى القاهرة عز القرون المواضى، فيصبغ لونها الأوروبى الحائل بصبغة الشرق الجميلة، ويرفع صوتها الخافت بشعائر الصوم الجليلة، ويبرز شخصيتها الضائعة فى زحمة الأجانب بالمظاهر الرسمية للحكومة، والتقاليد العرفية للشعب، وما أروع القاهرة فى سكتتها عند الإفطار، وجلبتها عند السحور، وهزتها ساعة انطلاق المدفع. ويختتم الزيات قائلا: رمضان بعد ذلك كله رباط اجتماعى وثيق، يؤكد أسباب المودة بين أعضاء الأسرة بالتواصل والتعاطف، وبين أفراد الأمة بالتزاور والتآلف، وبين أهل الملة بذلك الشعور السامى الذى يغمرهم فى جميع بقاع الأرض بأنهم يسيرون إلى غاية الوجود قافلة واحدة، ممتزجة الروح، متحدة العقيدة، متفقة الفكرة، متشابهة النظام، متماثلة المعيشة.