البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

احذروا الاستعمار المقنع!!


فى واقعة استفزازية تمثل انتهاكًا سافرًا لسيادة الدول، قام أحد المحاضرين فى الجلسة الافتتاحية لمؤتمر المنتدى الأفريقى لمهارات الشباب المنعقد فى تونس- وهو محاضر فى إحدى جامعات جنوب أفريقيا- بعرض خريطة لأفريقيا تم فيها إلغاء اسم «مصر» ووضع بدلًا منه عبارة «ستعلن إسرائيل 2020».. وقد اعترض الدكتور أحمد الجيوشى نائب وزير التربية والتعليم، والذى كان يمثل مصر فى المؤتمر فور حدوث ذلك، وهدد بالانسحاب إذا لم يتم حذفها، وأيده رئيس الجلسة (وزير التعليم التونسى) وتم حذف الخريطة.
والغريب أننا لم نر - حتى كتابة المقال - أى تعليق من وزارة الخارجية المصرية، وكأن الموقف انتهى باعتراض ممثل مصر فى المؤتمر، ومطالبته للاتحاد الإفريقى لاحقًا بالتحقيق!!.. ولكن هل انتهى الأمر عند هذا الحد؟!.. فما حدث يؤكد النوايا البغيضة للكيان الصهيونى، وأن التآمر على مصر لم ولن يتوقف.. وهذه الواقعة المستفزة ليست سوى إحدى محاولاتهم لتهيئة الرأى العام العربى والعالمى، حتى تصبح الفكرة مطروحة ويتم تداولها وتمريرها، ليتم تقبلها على مدار الأيام!!..ليس شرطًا أن يكون فى 2020 كما أُعلن ولكن حين ينتهوا من تنفيذ كل الخطوات التى يسعون إليها.. فهل كنا نتخيل فى أواخر الثمانينات أو بداية التسعينيات من القرن الماضي، أن يتم تغيير خريطة المنطقة العربية وتقسيمها كما نرى الآن؟!..ودون استنفار من الشعوب العربية بل بتبلد نحسد عليه!! وكأنه قدر نتقبله دون مقاومة أو استغراب!!.. وذلك لأن أصحاب المخططات الصهيونية دأبوا على تهيئة الرأى العام لقبول ما يريدونه على مدار السنوات السابقة.. مرات يتم تسريب معلومات عن مخططات التقسيم، ومرات أخرى يتم نشر خرائط جديدة للمنطقة!!.. وما بين الاستنكار والإنكار لنظرية المؤامرة، وبين ذوى الطاقات السلبية الذين يشعروننا بالضعف والهوان ويدفعوننا للاستسلام دون أن يدروا..ضاعت العديد من البلدان العربية فى غفوة من شعوبها، والتى كانت بكل أسف أداة لتقسيم وتقزيم بلادها دون وعى أو إدراك!!.
وبكل أسف رغم كل ما حدث فى المنطقة العربية من تفكك وضياع وانهيار، إلا أن المؤامرة لم تحقق كامل أهدافها بعد!! ومازلنا نحن كعرب نساعدهم فى تحقيق غاياتهم، وكأننا كما يقول القرآن الكريم: «لهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُون».. فعلينا أن ننتبه من محاولات الاستعمار المقنع، والذى يرتدى أحيانًا ثوب الديمقراطية والحريات، وأحيانًا أخرى قد يرتدى ثوب الاستثمارات أو الشركات متعددة الجنسيات التى تحمل من الأهداف السياسية أبعادًا أعمق من الأهداف الاقتصادية المجردة!!.. ويجب أن نكون منتبهين ومتأهبين لما يحاك فى الخفاء، وفى ظاهره أهداف نبيلة معلنة!!.. فكما قال المستشرق الأمريكى الصهيونى برنارد لويس - ذو الأصول البريطانية - فى إحدى المقابلات الإعلامية: «إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مُفسدون فوضويون لا يمكن تحضيرهم، وإذا تـُركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات وتقوض المجتمعات.. ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم.. ولذلك فإنه من الضرورى إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية.. ولا داعى لمـراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود أفعالهم.. ويجب أن يكون شعار أمريكا فى ذلك (إما أن نضعهم تحت سيادتنا أو ندعهم ليدمروا حضارتنا)، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المـُعلنة هى تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية». 
ولكن رغم إيمانى الكامل بنظرية المؤامرة إلا أننى لست ممن يتخذونها حجة للتركيز فقط على الملف الأمنى والعسكرى وإهمال باقى الملفات، بل على العكس علينا الانتباه لكل الثغرات التى يمكن أن يستغلوها، فنحن نحتاج لخلق حالة وعى عام، وإصلاحات حقيقية فى جميع المجالات حتى يقوى المجتمع داخليًا ويتماسك، ويصبح أكثر قدرة وصلابة فى مواجهة ما يحاك.. وعلينا ألا نتجاهل الاهتمام بملف الحريات ومعالجة أى سلبيات فيه، ليس من أجل المجتمع الدولى ومنظماته بل من أجل المواطن فى المقام الأول، والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، والاهتمام بالطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل، وعدم تحميلهم قدر أكبر من أعباء الإصلاحات الاقتصادية.. بل واستفزازهم من خلال المسئولين، وأعضاء مجلس النواب الذين يعملون من أجل مصالحهم الشخصية، والارتقاء بظروفهم المادية!! وفى نفس الوقت يزيدون الضغوط على الطبقات المنهكة!!.. فرغم أننا مازلنا نعيش فى قلب المؤامرات إلا أن الكثيرين فى بلادنا نسوا، وظنوا أننا نجونا من المؤامرة، وعادت أطماعهم تنهش فينا، وفى الأوطان التى يحاولون استنزاف خيراتها بلا هوادة!! 
-------------------
كوتيشن: علينا الانتباه لكل الثغرات التى يمكن أن يستغلوها، فنحن نحتاج لخلق حالة وعى عام، وإصلاحات حقيقية فى جميع المجالات حتى يقوى المجتمع داخليًا ويتماسك، ويصبح أكثر قدرة وصلابة فى مواجهة ما يحاك