البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

البرلمان الألمانى يحقق فى ملف «منفذ اعتداء سوق برلين»

البرلمان الألمانى
البرلمان الألمانى

رغم مرور أكثر من عام على حادث الدهس فى إحدى أسواق عيد الميلاد بالعاصمة الألمانية برلين، فإن ردود الفعل لم تتوقف، ولا تزال مؤسسات المجتمع الألمانى تدرس تبعات الحادث من كل النواحى، منعًا لتكراره من جديد.
وفى هذا السياق، يهتم البرلمان الألمانى ببحث ملف التونسى أنيس عامري، منفذ اعتداء سوق برلين عبر تشكيل لجنة تحقيق خاصة، إذ ترى الكتل الحزبية المختلفة أن الأجهزة المعنية فى الولايات، وعلى مستوى الاتحاد، ارتكبت أخطاء بشأن مراقبة نشاطاته قبل الهجوم.
ويرى مراقبون أن البرلمان الألمانى يهدف بقراره الخاص بتشكيل لجنة تحقيق تحمل اسم منفذ الاعتداء، إلى تسليط الضوء على الغموض الذى يكتنف ملف التونسى أنيس عامري، بعد أن نجح الأخير عدة مرات فى الإفلات من رادار الأجهزة الأمنية، وتمكن من انتحال أسماء عديدة، وقدم طلبات لجوء فى أكثر من ولاية دون أن يلفت انتباه الأجهزة الأمنية، والتى كانت تراقبه بشكل متواصل أحيانًا، وبشكل متقطع أحيانًا أخرى.
ويرى محللون أنه بعد الهجوم تم كشف النقاب عن أن أخطاء عديدة ارتكبت فى هذا الشأن من قبل الأجهزة الأمنية على مستوى الاتحاد، وعلى مستوى الولايات، كما ظهر أنه لم يكن هناك أى تنسيق أو تعاون بين الأجهزة الأمنية المختلفة ما ساهم فى إبقاء «عامري» طليقًا، ليخطط لهجومه على سوق عيد الميلاد فى عام ٢٠١٦، ما أسفر عن مقتل ١٢ شخصًا، وجرح العشرات، فى أكبر اعتداء إرهابى فى ألمانيا بعد اعتداءات باريس وبروكسل فى نفس العام.
ومن المنتظر أن تسعى لجنة التحقيق، والمكونة من أعضاء الكتل البرلمانية المختلفة، إلى إعطاء صورة شاملة لظروف وقوع الاعتداء وعن منفذه ومحيطه الاجتماعى وعلاقاته الشخصية، كما تسعى اللجنة إلى معرفة ما إذا كان هناك متورطون آخرون فى الاعتداء.
ومن أبرز مهمات اللجنة البرلمانية أيضا، توضيح صورة عمل ونشاط الأجهزة الأمنية التى كانت تتابع منفذ الهجوم لفترة غير قصيرة، وعما إذا كانت تلك الأجهزة قد مارست عملها بشكل قانونى سليم أم لا، كما ينبغى معرفة ماذا كانت الأجهزة الأمنية تعلم عن منفذ الهجوم «عامري»، وما كان ينبغى لها أن تعرفه عنه قبل تنفيذ الهجوم، إلى جانب معرفة حجم الأخطاء التى ارتكبتها الأجهزة الأمنية المختلفة وتحديد المسئولين عن ذلك.
يأتى ذلك فى الوقت الذى كانت تشير فيه تقارير إلى اعتراف وزير الداخلية الألمانى السابق توماس دى ميزير، بوجود خطأ لدى الدوائر الألمانية المختصة فى طريقة تعاملها وتقديرها لخطورة منفذ هجوم الدهس فى برلين أنيس العمري، وإن ذلك يتضح من آلاف الملفات وعشرات التقارير الصادرة من مخبرين سريين، وكذلك من بروتوكولات مراقبة الهاتف والإنترنت.
حيث قام «العمري» بتنزيل تعليمات مفصّلة عن مزج متفجرات وصنع قنابل يدوية فى يوم ١٤ ديسمبر عام ٢٠١٥، من خلال هاتفه الذكى الذى كان تحت المراقبة على مدار الساعة تقريبا، وبدأ «العمري» الاتصال على هذا الهاتف باثنين من كوادر تنظيم «داعش» فى ليبيا، اعتبارًا من الثانى من شهر فبراير عام ٢٠١٦، وقدم نفسه بصفته انتحاريًا مستعدًا لشن هجوم فى ألمانيا.
وتم الكشف عن وثائق تشير إلى أن الادعاء العام سمح منذ شهر نوفمبر عام ٢٠١٥ كحد أقصى بمراقبة العمرى بشكل مقصود من جانب المكتب الاتحادى لمكافحة الجرائم ونظيره المحلى بولاية شمال الراين - ويستفاليا، من خلال مخبر سرى من الشرطة، يدعى «مراد» وظهر فى الملف تحت اسم «فى بى ٠١»، وأن ذلك كان جزءًا من التحقيقات السرية ضد الخلية الإرهابية المشتبه بها للداعية عبدالله عبدالله، الملقب بـ«أبوولاء» والتابعة لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش».
كما تم الكشف عن رسائل على البريد الإلكترونى للسلطات وملفات تثبت مشاركة قوية لأجهزة استخبارات ألمانية فى مراقبة «العمري»، حيث كتبت الهيئة الاتحادية لحماية الدستور «الاستخبارات الداخلية بألمانيا» تحليلًا مكونًا من صفحتين عن «العمري» فى شهر يناير عام ٢٠١٦ كان قد تم توقيعه من رئيس الهيئة هانز - جورج ماسن ذاته.
كما أنه من شأن الأبحاث التى أجرتها أن تثبت أيضًا أنه كان لـ«العمري» علاقات شخصية وعائلية وثيقة مع مقاتلين وكوادر قيادية بتنظيم «داعش» فى ليبيا، حتى قبل وصوله إيطاليا فى أبريل عام ٢٠١١.
إلا أن الوثائق التى جرى الكشف عنها، لم يتضح منها السبب وراء عدم اعتقال «العمري» قبل قيامه بهجوم الدهس على الرغم من توافر كل هذه المعلومات، ولكن هناك أصابع الاتهام تشير إلى تورط استخبارات دولية أيضًا، قد تكون رأت فى العمرى «طعمًا» من شأنه أن يقودها إلى داعميه، مخططى تنفيذ الهجوم الموجودين فى ليبيا، خاصة أنه بعد أسابيع قليلة من هجوم الدهس ومقتل العمري، هاجمت طائرات شبح من طراز «بى ٢» تابعة للولايات المتحدة الأمريكية مخيمًا صحراويًا لداعش فى ليبيا كان يشتبه أنه كان يأوى داعمى هجوم الدهس ببرلين، ولهذا السبب يخمن هانز - كريستيان شتروبله، العضو السابق بلجنة مراقبة الاستخبارات بالبرلمان الألمانى وجود يد للاستخبارات الأمريكية أو الجيش الأمريكى وراء عدم إلقاء القبض على «العمري».
يذكر أن العمرى دهس بشاحنة مسروقة جمعا من الأفراد فى سوق عيد الميلاد أمام كنيسة الذكرى ببرلين فى ١٩ ديسمبر عام ٢٠١٦، وأودى الهجوم بحياة ١٢ شخصًا وإصابة نحو مائة آخرين، وفرّ العمرى عقب الحادث وقُتل برصاص الشرطة الإيطالية خلال رحلة فراره.

كشفت التحقيقات أن المجموعات الإرهابية تعمل فى إطار خلايا عنقودية منفصلة وتُدار بإشراف مباشر من حيث التمويل والتخطيط والتنفيذ من جانب قيادات هاربة موجودة فى إيران والعراق ولبنان