البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الإخوان و«داعش» وجهان لإرهاب واحد

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كثيرًا ما أكدنا فى «بوابة الحركات الإسلامية» ارتباط جماعة الإخوان الإرهابية بالتنظيمات الإرهابية على مستوى العالم بداية من ارتباطاتها بالقاعدة فى أفغانستان، إلى تنظيم «داعش» وفروعه المتعددة فى سيناء، المجموعات الإرهابية ليست ببعيدة عن الإخوان، وهذا ما ألمح إليه لو نذكر القيادى الإخوانى محمد البلتاجى قبيل فض اعتصام رابعة، حيث قال تحديدًا: «إن العمليات التى تحدث فى سيناء سوف تتوقف حال عودة الرئيس محمد مرسي»، ما يؤكد ارتباط الجماعة التى كثيرًا ما تدعى السلمية بأذرعها الإرهابية سواء فى الدلتا «لواء الثورة، حسم، المقاومة الشعبية، كتائب حلوان» أو فى سيناء «ولاية سيناء» وهذا ما أكده ظهور عمر ابن إبراهيم الديب، القيادى الإخوانى الهارب فى تركيا، فى مقطع مصور لتنظيم داعش الإرهابى، قبل أن تعلن وزارة الداخلية مقتله بمنطقة أرض اللواء بالجيزة، سبتمبر الماضى، فيما عرف بخلية أرض اللواء.

ورغم مزاعم أسرته وأبواق الإخوان بأنه كان يدرس بالخارج، والافتراء على وزارة الداخلية، فقد كشف الفيديو عن أن «عمر» كان من أحد عناصر التنظيم فى سيناء، وأنه أرسل إلى القاهرة فى مهمة إرهابية. وقد نشر تنظيم «داعش سيناء» إصدارًا جديدًا، بعنوان «حماة الشريعة» يتناول تحذيرَ التنظيم من المشاركة فى الانتخابات الرئاسية، المُزمع عقدُها نهايةَ شهر مارس المقبل، مع إفراد مساحة لرثاء «عمر إبراهيم الديب» أحد أعضاء التنظيم فى سيناء، ونجل القيادى الإخوانى الهارب فى ماليزيا «إبراهيم الديب»، والذى قُتل فى مواجهة مع قوات الأمن المصرية سبتمبرَ الماضى، إضافةً إلى تأكيد التنظيم على قتل كلِّ مَن يتعاون مع أجهزة الدولة المصرية، متوعدًا بدحر القوات المشاركة فى «العملية العسكرية الشاملة سيناء ٢٠١٨».

ورغم التأكيد الدائم والمتواصل لجماعة الإخوان المسلمين فى مختلف المحافل المحلية والدولية بالتزامهم السلمية وبعدهم عن العنف والتكفير والغلو، ومتاجرتهم بقضية الإخوانى الداعشى «عمر إبراهيم الديب» ابن القيادى الإخوانى إبراهيم الديب، باعتباره شابًّا مصريًّا تمَّت تصفيته ظلمًا مِن قِبَل الدولة المصرية؛ فإن هذا الإصدار قد أثبت انضمامه بالفعل إلى تنظيم «داعش» ومبايعته لخليفتهم «أبوبكر البغدادي» وتكليفه بمهام تخريبية وإرهابية فى سيناء والقاهرة، وهو ما تصدَّت له قوات الأمن والجيش، واستطاعت قتله بعد تبادل لإطلاق النار مع الخلية التى كان يتبعها عمر؛ مما فجَّر سيلًا من الادعاءات الإخوانية بأنه مختطف من قِبَل قوات الأمن وتمَّت تصفيته «بدم بارد»، فجاء الإصدار المرئى «حماة الشريعة» ليدحض تلك الاتهامات الإخوانية، ويثبت أن الإخوان وداعش وجهان لعملة واحدة، وأن كلًّا منهما يصب فى مصلحة الآخر، ويدعمه ويقويه.
وجاء فى الإصدار المرئى تأكيد الدواعش أن الانتخابات احتكام لغير الله وشرك به، مستشهدًا بآراء قديمة لقيادات سلفية أمثال ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية، ومحمد عبدالمقصود، عضو الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، حيث تقاطعت أفكارهما السابقة عن الانتخابات مع رأى التنظيم الذى يرى أن العملية الانتخابية «كفر» وتشريعات المجالس النيابية «شرك بالله»، وذلك قبل أن يرجع كلٌّ منهما عن رأيه، ويؤكد جواز الانتخابات الرئاسية وأنها لا حرمة فيها، وجاء هذا الإبراز لحديث القيادات المنتمية إلى التيار السلفى ليؤكد التنظيم أنه الوحيد الذى يثبت على آرائه ولا يحيد عن الحق، حسب وصفه.
ويوصل الإصدار رسالةً مفادُها أن سيادة الشريعة وحكم الله لن يأتيا إلا من خلال «القتال»؛ قتال أجهزة الدولة المصرية، «فطريق الشرك - أى الانتخابات - لا يأتى بالتوحيد أبدًا»، و«إن التمكين لا يأتى إلا بالجهاد والاستشهاد»، ويؤكد التنظيم على كون الانتخابات «هى الشرك الأكبر، التى جرَّت الويلات والظلم والقهر عقوبةً من الله»، متوعدًا كلَّ مَن يدلى بصوته أو يشارك فى العملية الانتخابية، ليشير صراحة - بوعى أو دون وعى - إلى أن المشاركة فى الانتخابات بكثافة وعدم اكتراث بتهديداته هى من قبيل تحدى التنظيم وإعلان هزيمته وخسارته فى أوساط المجتمع المصري؛ وقوفًا من كل مصرى خلف وطنه ومؤسساته وقيادته، ورفضًا لكل ما يحمله هذا التنظيم من أفكار تكفيرية وتفجيرية.

ولفت مرصد دار الافتاء المصرية للفتاوى الشاذة والتكفيرية إلى أن هذا الإصدار لفيديو «حماة الشريعة» يُظهر انحسارًا كبيرًا فى أعداد المقاتلين الذين تبنَّوا عمليات القتل الفردية فى صفوف المجندين ومن يسمونهم «المتعاونين من أهالى سيناء» مع أجهزة الدولة المصرية، كما أظهر هذا الإصدار كذلك اعتمادَ التنظيم بشكل رئيسى على المتفجرات الأرضية والعمليات الانتحارية بعد انحسار قوة التنظيم على المواجهة المباشرة مع القوات المسلحة المصرية والأجهزة الأمنية.
ويمكن القول أن جُلَّ الإصدار المرئى كان مُنصبًّا على العملية الانتخابية والتحذير من الذهاب إلى صناديق الانتخابات، لكن يبدو أن التنظيم قد أقحم العملية العسكرية الشاملة «سيناء ٢٠١٨» فى الإصدار، وكأنه لم يكن مخططًا له تناول تلك العملية، أو أن إعداده كان قبيل العملية الشاملة فى سيناء، ما دفع التنظيم إلى تخصيص أقل من نصف دقيقة للحديث عن العملية الأمنية المشتركة فى سيناء، الأمر الذى يؤكد أن عملية سيناء ٢٠١٨ تؤتى ثمارها وتحقق خسائر فادحة للتنظيم؛ مما استدعاه إلى محاولة الرد عليها عبر إصدار مخصص بالأساس للانتخابات الرئاسية. كما يشير هذا الإقحام إلى ضعف قوة تنظيم «ولاية سيناء» وقدرته على التنبؤ بالعملية سيناء ٢٠١٨، وأنها شكَّلت مفاجأة للتنظيم لم يستطع عناصره التنبؤ بها، إضافة إلى أنه لا يملك مقاطع فيديو متعلقة بتلك العملية يمكن عرضها للرد على ما أعلنه الجيش من تصفية البؤر الإرهابية وتطهير رمال سيناء من هذا النبت الشيطانى.