البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

حركة الشباب.. ذراع «القاعدة» في الصومال

تنظيم القاعدة الإرهابى
تنظيم القاعدة الإرهابى فى الصومال - أرشيفية

كشفت دراسة صومالية حديثة، عن جذور وبداية وجود تنظيم القاعدة الإرهابى فى الصومال، إطار بزوغ ظاهرة الحركات الجهادية الصومالية وغير الصومالية فى إطار التفاعلات الأيديولوجية والفكرية والتنظيمية للجماعات الإرهابية العالمية فى أفغانستان فى ثمانينيات القرن الماضي.
وجاءت الدراسة بعنوان «دخول القاعدة فى الصومال (النشأة والتطور)»، والتى نشرها مركز مقديشو للبحوث والدراسات، للباحث الصومالى فى شئون الحركات الإرهابية، نور عبدالرحمن، لتضع تصورا لبداية حضور القاعدة فى الصومال وأهمية القرن الأفريقى للتنظيم الإرهابي، والعوامل التى ساعدت على تمدد القاعدة فى الصومال.
وأكد الباحث فى دراسته أن منابع الفكر الجهادى تنطلق جذورها من اجتهادات وتفسيرات سيد قطب، أحد زعماء جماعة الإخوان، وتشكل كتبه المرجع الأول لجماعات المتطرفة والإرهابية فى العالم، وغيره من أعلام الفكر الإسلامى الإحيائي، إلا أن جماعات العنف فى العالم الإسلامى طوّرت رؤيتها عبر إعادة إنتاج واستكشاف وقراءة نصوص سيد قطب فى بعض إنجازاته الفكرية، وتوظيفها السياسى والعسكري، وذلك لتوريد فلسفة تبرر ممارسة العنف المسلح ضد النظم والمجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية.


وأوضحت الدراسة، أن اهتمام القاعدة بالقرن الأفريقى لا يعود إلى مطلع التسعينيات من القرن العشرين بعد انتهاء الجهاد الأفغانى ضد السوفييت ورحيل مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى إلى السودان، ولكن الاهتمام الحقيقى للقاعدة فى الصومال يرجع إلى فترة إقامة أسامة بن لادن فى السودان، بعد مغادرته للمملكة العربية السعودية على خلفية الأزمة السياسية التى شهدتها المملكة حينها، بخصوص القوات العسكرية التى تم استقدامها لتحرير الكويت، وحماية المملكة من العراق، وأقام أسامة فى السودان، منذ بداية التسعينيات حتى منتصفها من القرن الماضي.
وبذلك وجد تنطيم القاعدة فى الصومال بيئة مساعدة له على الانتشار هناك؛ بسبب جغرافية المنطقة وموقعها الاستراتيجى بين دول القرن الأفريقي، وانهيار حكومته المركزية، الأمر الذى ساعد عناصر التنطيم على التحرك بسهولة فى الصومال، لتكون الصومال أول موقع للقاعدة خارج أفغانستان.
وأشارت الدراسة إلى أهمية الصومال بالنسبة لتنظيم القاعدة لعدة أسباب، وفى مقدمتها قرب الصومال جغرافيا من اليمن الحاضنة الأساسية لكتلة الجهاد الأولى القادمة من مصر، والمقر الجديد لتنظيم القاعدة فى جزيرة العرب، فضلا عن الأهمية الاستراتيجية وقربها من مضيق باب المندب وتأثيرها على حركة التجارة العالمية، إضافة إلى حالة الفقر والوضع المعيشى الصعب فى الصومال، ونموذج الدولة الفاشلة، والغياب الأمنى فى البلاد، والذى يسمح لتنظيم القاعدة بالتمدد والنفوذ وممارسة نشاطه.
وأوضحت الدراسة، أن أسامة بن لادن سعى إلى تأسيس مراكز تدريب لجماعات الجهادية وعناصر تنظيم القاعدة، فتم التواصل بين «بن لادن» والزعيم الدينى الشيخ حسن تركي، والذى يعد أهم شخصية صومالية تواصلت مع «بن لادن» وقت إقامته فى السودان.
وأشارت الدراسة إلى أن أول عملية إرهابية للقاعدة فى الصومال، كانت عبر استهداف بعض مقاتلى القاعدة إسقاط طائرة عسكرية أمريكية «البلاكهوك» فى ١٩٩٣.
وأشارت الدراسة إلى عوامل بروز القاعدة كقوة مسلحة فى الصومال، وفى مقدمتها «الانحراف الفكرى والفقهي»، وتأثر الإسلاميين فى الصومال بأفكار سيد قطب والقيادى الإخوانى الهندى أبوالأعلى المودودى مؤسس الجماعة الإسلامية فى الهند وباكستان، وأفكار ابن تيمية، ومحمد بن عبدالوهاب مؤسس الحركة الوهابية فى الجزيرة العربية، كل هؤلاء كان لهم دورهم على التوجهات الإسلامية فى الصومال وفى مقدمتها «علماء الصحوة».
من العوامل الأخرى لبروز القاعدة كقوة فى الصومال يرجع إلى نتاج الإستبداد والفشل السياسى فى الصومال، فاستبداد وحكم الجنرالات «الحكم العسكري» والتشدد ضد تعاليم والشرعية الاسلامية أدت إلى مواجهة عكسية من تطرف إسلامى وفر بيئة خاصة للقاعدة والمتشددين والجماعات المتطرفة.
العامل الثالث من وجهة نظر الباحث لتمدد القاعدة وبرزوها كقوة فى الصومال يرجع إلى التدخل الأجنبى فى الصومال، فالصومال كانت منطقة صراع عربية وغربية وأفريقية للسيطرة عليه، مما أدى إلى انتكاسات فى مسار الدولة وتسلط الجماعات المتطرفة.
التدخل الأجنبى أدى إلى وجود حرب بالوكالة على الأراضى الصومالية، مما عمق من تردى الأوضاع الأمنية وسقوط الدولة الصومالية وبروز المتطرفين وميليشيات الإسلامية كقوة فى الصومال.

وأكدت الدراسة دور الحارس الشخصى لأسامة بن لادن ويدعى ناصر البحري، فى التأسيس لتنظيم القاعدة فى الصومال عبر قيامه بمهمات استطلاعية بين عامى ١٩٩٦ و١٩٩٨، لافتة إلى أن أسامة بن لادن كان يعتزم نقل تنظيم القاعدة بكامله إلى مدينة كامبونى القريبة من من كسمايو جنوب الصومال وبالقرب من الحدود مع كينيا.
ولفتت الدراسة إلى أن القاعدة لعبت دورا فى خسائر القوات الأمريكية وفشل عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام «يونيصوم» عام ١٩٩٣.
إضافة إلى مشاركة تنظيم القاعدة إلى جانب الجنرال محمد فارح عيديد، والذى كان يعارض الوجود العسكرى الأمريكى فى الصومال، خلال عملية «يونيصوم» التى قادتها واشنطن فى الصومال بين عامى «١٩٩٢-١٩٩٤».
وأشارت الدراسة إلى أن تنظيم القاعدة شارك إلى جانب «حركة الاتحاد الإسلامي» فى الحرب التى خاضها ضد القوات الأمريكية فى الصومال، وهو ما جعل واشنطن تعتقد أن ثلاثة أعضاء من تنظيم القاعدة، وهم فضل عبدالله من دولة جزر القمر، وأبوطه السودانى من دولة السودان، وصالح على صالح نبهان من دولة كينيا، قاموا بتنفيذ تفجيرات السفارة الأمريكية فى نيروبى ودار السلام ١٩٩٨م، واستفادوا من حماية الاتحاد الإسلامى لعناصر القاعدة.
ولفتت الدراسة إلى أن القاعدة ازدهر وجودها فى ظل فترة حكم المحاكم الإسلامية فى الصومال حيث كانت عناصر القاعدة تظهر ضمن صفوف قوات اتحاد المحاكم الإسلامية، وهو ما كان واضحا من استهداف مقرات للحكومة الانتقالية فى مقديشو خلال ٢٠٠٦.
ولاقت التفجيرات اشادة من زعيم القاعدة أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى بجهود اتحاد المحاكم الإسلامية ووصفهم بأسود «الصومال»، ومعها بدأت منابر القاعدة الإعلامية فى بث مواد إعلامية باللغة الصومالية.
وخلصت الدراسة إلى أن القاعدة وجدت فى الصومال أرضا خصبة عبر عوامل عديدة ونتيجة لصراعات محلية وإقليمية ودولية على الدولة الصومالية فكان تمدد الجماعات المتطرفة والإرهابية فى الصومال، وما زالت الصومال تعانى من سطوة التطرف فى البلاد رغم وجود حكومة فى مقديشو وتراجع نسبى للجماعات المتطرفة إلا أن عوامل بقاء القاعدة والجماعات المتطرفة الأخرى كتنظيم «داعش» ما زالت تهدد الدولة الصومالية.