البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

أوروبا تحاصر "قطر" و"الإخوان"

أمير قطر تميم بن
أمير قطر تميم بن حمد

تذهب أوروبا نحو مزيد من التضييق على جماعة الإخوان الإرهابية ودولة قطر، بعدما تكاثرت التقارير الاستخباراتية حول دور (قطري- إخوانى -تركي) فى توفير الأموال للتنظيمات الإرهابية فى أوروبا وسوريا والعراق تحت ذريعة العمل الخيري.
وتناول الخبير الإنجليزى فى مكافحة الإرهاب الكولونيل تيم كولنز ملف جماعة الإخوان خلال مداخلة فى ندوة بعنوان «قطر وتركيا.. هل تدعمان أجندة الإخوان؟»، عقدها مجلس اللوردات البريطاني، قبل أيام، كاشفًا عن حجم التمويل الذى وصل للإخوان فى أوروبا من قطر.
وقال كولنز إن الدوحة قدمت للجماعة ١٦٥ مليون يورو منهم ٢٥ مليون وجهوا للأقسام الدراسات الإسلامية فى الجامعات البريطانية بغرض الحفاظ على علاقتها بالإخوان المتواجدين فى بريطانيا، متطرقًا إلى توصية يوسف القرضاوي، القطب الإخواني، بتقديم الدعم للأقسام الإسلامية فى الجامعات البريطانية.
وأضاف كولنز إن الجماعة تحمل فكرًا متشددًا وداعمًا للإرهاب، وهو ما يجعلها ترى الغرب دار حرب كباقى التنظيمات الإرهابية، مستشهدًا فى ذلك بخطب مشايخ الإخوان على المنابر.
وشدد على أن الإخوان لا يحترمون قيم الغرب ويسعون من وجودهم هناك لاختراق المجتمعات الأوروبية، محذرًا من دعم تركى يقدمه نظام حزب العدالة والتنمية للإخوان، مضيفًا: إن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يستقبل أعدادا كبيرة من الإخوان من أغلب الدول العربية ويرفض إعادتهم إلى دولهم رغم مطالبة دولهم بهم، وفى الوقت نفسه وبشكل متناقض تماما، يطلب من أمريكا أن تسلمه المعارض التركى فتح الله كولن على أساس أنه «إرهابي».
واستشهد كولنز فى رأيه بتقرير جنكيز (تقرير بريطانى بدأته لندن فى ٢٠١٤ بإشراف من سفير بريطانيا السابق فى الرياض، جون جينكينز، بغرض التدقيق فى أنشطة التنظيم الإخوانى فى بريطانيا والأيديولوجيا التى يروجها)، ولفت الخبير البريطانى إلى أن تقرير «جنكيز» خلص إلى أن الانضمام للإخوان مؤشر على احتمال تحول المنضمين لأشخاص خطيرين، لاسيما استخدام الإخوان خطابين أحدهما معتدل موجه لحكومات الدول المقيمين فيها، وآخر بالعربية متشدد يوجه لأنصارها.
ولا يقتصر الأمر على بريطانيا، إذ تحركت دول أوروبية أخرى لفتح ملف الإخوان، آخرها كانت سويسرا التى فتحت أيضًا هذا الأسبوع، حسب صحيفة «لوتان» السويسرية تحقيقًا حول علاقات مشبوهة تربط قطر والأسرة الحاكمة هناك بشخصيات ومنظمات خيرية تعمل فى سويسرا يثار حولها اتهامات التورط فى دعم الإرهاب.
وتابعت الصحيفة أن التحقيقات كشفت عن ثلاث شخصيات ومنظمات ثبت دعمهم سرًا للإرهابيين من باب العمل الإنساني. ولفتت إلى أن التحقيقات السويسرية اعتمدت على معلومات استخباراتية وفرتها حكومات خليجية حول الأشخاص والمنظمات التى تستخدمهم قطر فى تمويل الإرهاب، ومنهم: عبدالرحمن النعيمي، مؤسس منظمة «الكرامة» (منظمة حقوقية عربية لاقت انتقادات من حكومات خليجية شككت فى نشاطها، فيما أدرجتها حكومات غربية على قائمة المنظمات سيئة السمعة لضمها معتقلين سابقين فى سجن جوانتنامو).
«النعيمي» ثبت تورطه فى تحويلات مالية لصالح ما يعرف بـ«جبهة النصرة»، ذراع تنظيم القاعدة الإرهابى فى سوريا، وفقًا لبيان من وزارة الخزانة الأمريكية، ووفقًا للصحفية السويسرية، فإن المخابرات هناك اكتشفت أن النعيمى كان يشغل منصب المدير السابق لمؤسسة «عيد آل ثاني» الخيرية القطرية، وهى مؤسسة تعلن أن نشاطها هو تمويل المساجد حول العالم، لكنها استضاقت شخصيات إرهابية فى بداية نشوب الحرب فى سوريا، منهم محمد أموازي، الذى يوصف بأنه سفاح تنظيم «داعش» فى سوريا. وحذرت التحقيقات من تحويل مدن سويسرية لـ«مفرخة للإسلاميين»، مثل مدينة «تيشينو» على الحدود السويسرية الإيطالية، ويتمركز فيها الإخوان بشكل رئيسي.
كما شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل مؤتمرا فى ديسمبر ٢٠١٧، تناول دعم قطر للإخوان والإرهاب فى أوروبا، بحضور أعضاء بالبرلمان الأوروبي، وتطرق إلى سبل ترويج الإخوان وقطر للفكر المتشدد، مشيرًا إلى أنهم يستغلون حاجة المغتربين العرب للأموال لتوجيههم إلى الأفكار المتطرفة، وأشار رئيس لجنة مكافحة الإرهاب فى البرلمان البلجيكى إلى دور متنام للدوحة فى دعم المتطرفين، موضحًا أن محاربة تمويل الجماعات المُتطرفة فى أوروبا، لن تكتمل دون التطرق إلى الأموال القطرية، ودورها فى دعم التنظيمات التى تدور فى فلك جماعة الإخوان الإرهابية.
وتطرق رئيس لجنة مكافحة الإرهاب فى البرلمان البلجيكي، فى ندوة بمدريد عقدت أكتوبر الماضى إلى الأموال التى تلقتها الجماعة فى أوروبا من قطر، قدرها ١٦٠ مليون يورو، بغرض مساعدتها فى عزل الجاليات المسلمة، ومن ثم سهولة استقطابها نحو الأفكار المتطرفة.
ويتزامن تحمس الحكومات الأوروبية لاتخاذ خطوات عملية نحو فضح الملف القطرى الإخوانى فى دعم الإرهاب بالأزمة العربية مع قطر فى ٥ يونيو ٢٠١٧، التى أعلنت فيها كل من (الإمارات والمملكة العربية السعودية، ومصر، البحرين، واليمن، وليبيا) قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة على خلفية دور داعم من قطر لصالح التنظيمات الإرهابية.
وبدأت أوروبا فى إعادة النظر لملف الإخوان على وجه التحديد، عقب التصعيد العربى والمعلومات الاستخباراتية التى وفرتها بدورها دول عربية وتحديدًا الخليجية حول تحركات قطرية إخوانية لخلق كيانات إرهابية فى القلب الأوروبي.
وقال سامح عيد، المنشق الإخواني، إن هذه التحركات الأوروبية والتصريحات التصعيدية من قبل مسئولين غربيين معنيين بشئون الإرهاب هدفها ابتزاز الغرب للإخوان وإجبارهم على عدم الخروج عن قوانين الدول المقيمين فيها، ولفت إلى أن الدول الغربية تدرك مصالحها وتبحث عنها أينما كانت، مشيرًا إلى أن الغرب يدرك أنه مستفيد من جماعات الإسلام السياسى المقيمة لديها لكنه لن يضحى بأمنه القومى مقابل ذلك.
وتوقع أن تتجه هذه التصعيدات الغربية إلى مزيد من تحجيم الإخوان ولكن لن يصل الأمر إلى حظرهم، لرغبة الغرب فى الإبقاء على الورقة التى تضمن لهم ازعاج الأنظمة العربية وابتزازها وهى الحركات الإسلامية.
وأشار إلى أن وضع الإخوان فى أوروبا فى الفترة القادمة لن يكون كما كان فى العشرية الأخيرة، مشيرًا إلى أنه سيمر بمرحلة خمول، متوقعًا أن تقدم التنظيمات الإسلامية تنازلات لإرضاء حكومات الدول المستضيفة لها.
ولتحليل سبب تصعيد أوروبا ضد الإسلاميين المقيمين فيها فى هذه الفترة تحديدًا، ذهبت دراسات بحثية إلى أن أوروبا استشعرت مدى خطورة استضافتها لإرهابى العالم العربى منذ انقلب الأمر عليها بعد توجيه العمليات الإرهابية إلى كبرى العواصم الغربية، وتهديد تنظيمات مثل «داعش» بتنفيذ عمليات إرهابية ضد الغرب «الكافر» على حد قوله.
وكانت أوروبا لزمن بعيد مركزا لإسلاميي العالم العربى الهاربين من حكوماتهم، واستضافت بريطانيا مقر التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابي، إذ تعاملت أوروبا معهم كـ«لاجئين سياسيين» إلا أن الأمر تحول منذ بدأت العمليات الإرهابية توجه للقارة الأوروبية ونجح الفكر المتطرف فى الانتشار فى أوساط شباب أوروبى مسلم، أو مسيحى اعتنق الإسلام بعد محاولات استقطاب.