البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

السودان.. دولة "الترانزيت" للباحثين عن "الخلافة المزعومة"

البشير وأردوغان
البشير وأردوغان

يواصل السودان، اتخاذ مواقف تضر بالمصلحة والأمن القومى المصري، فبعد مساندته لإثيوبيا فى مفاوضات أزمة سد النهضة الذى سيؤثر فى حصة مصر التاريخية من مياه النيل، جاءت موافقة الرئيس السودانى عمر البشير على تسليم تركيا إدارة جزيرة «سواكن» الواقعة فى البحر الأحمر، لفترة زمنية لم يحددها، ليمثل طعنة جديدة تواجهها الخرطوم لمصر.


محمد الزبيدى: خروج الإرهابيين بعد خسارتهم من ليبيا إلى السودان برعاية أمريكية

فور إعلان «داعش» عن خلافته المزعومة، بدأت التقارير الاستخباراتية للدول فى الكشف عن الطرق التى اتخذها الإرهابيون للوصول إلى هذا التنظيم. وقتها حضر اسم السودان إلى الساحة كدولة ينزل بها الإرهابى مؤقتًا حتى تساعده جماعات متشددة هناك فى الانتقال إلى سوريا أو العراق، ومن ثم الانضمام للتنظيمات المسلحة.

ومثلما كشفت اعترافات «دواعش» فارين عن أن انتقالهم للانضمام إلى التنظيم كان عبر الأراضى التركية وبحماية السلطات التركية، كانت السودان تقوم بنفس الدور، حتى يمكن اعتبارها «دولة ترانزيت» تسبق مرحلة الالتحاق بطابور الإرهاب.

ومع تراجع «داعش» وهروب عناصره من الصفوف، جاء السودان مجددًا كأحد الخيارات المهمة لاستقبال هؤلاء قبل عودتهم إلى بلدانهم، إذ يؤكد ذلك فرض بعض الحكومات إجراءات مشددة على مواطنيها القادمين من السودان، على اعتبار أن الأخيرط تحول إلى محطة مغرية للجهاديين العائدين من «داعش» والتنظيمات المسلحة فى سوريا. وعن سبب هذا الإغراء، يقول محمد الزبيدي، السياسى الليبي، إن حكومة السودان تتعمد التساهل مع القادمين إليها من دول الجوار، كما أنها ترفع يدها عنهم حتى لو شكت فى أنهم يخرجون منها بدافع دينى متشدد.

وأوضح لـ«البوابة»، أن ليبيا عانت طويلًا من هروب الإرهابيين إليها عبر السودان، مشيرًا إلى أن ما يحدث الآن هو خروج هؤلاء الإرهابيين بعد خسارتهم من ليبيا إلى السودان، ومنها إلى قلب أفريقيا؛ حيث البعد عن الأعين لحين الحاجة إليهم واستدعائهم. ولفت إلى أن ذلك يتم برعاية أمريكية، بحيث تهتم واشنطن بالحفاظ على المتبقى من «داعش»، ولكن فى مكان معين يتم استعادتهم منه حسب الحاجة والظرف. ولفت إلى أن السودان يحكمها نظام متساهل مع الإرهابيين لأسباب ترتبط بتوجهاته الفكرية أو علاقاته الإقليمية والدولية.


 مواقف «البشير».. خنجر فى ظهر مصر

وضع أقدام تركيا فى القارة الأفريقية بتسليم «سواكن».. وساند إثيوبيا فى «أزمة سد النهضة»

يقول علاء على الباحث فى الشئون الأفريقية، إن العلاقة بين السودان وتركيا بدأت تتطور بشكل واضح فى الفترة السابقة، فى وقت نمت فيه الخلافات المصرية التركية، بسبب دعم النظام التركى لجماعة الإخوان والرئيس المعزول محمد مرسى.

وأشار على، إلى أن مشكلات طفت على السطح مع الجانب السودانى على مثلث حلايب، كما أن هذه الخلافات زادت من تبادل المصالح والمكايدات السياسية لدرجة كبرى. وأضاف الباحث: «هناك ثمة تقارب بين الجانبين التركى والسودانى على خلفية الخلافات الواضحة مع مصر، خاصة بعد ما قام «البشير» بإغلاق كل المدارس والمؤسسات والجمعيات الخيرية التى أسسها المعارض فتح الله كولن، بعد محاولة الانقلاب التى شهدتها تركيا واتهم فيها الأخير، كما سلم البشير كل المعارضين الأتراك لأجهزة الاستخبارات التركية، ما فتح كل الخطوط للتقارب مع النظامين السودانى والتركي».

وأشار الباحث فى الشئون الأفريقية، إلى أن زيارة أردوغان للسودان تعد أول زيارة لرئيس تركى منذ ١٩٥٤، أى منذ تاريخ استقلال السودان نفسه، وأن أردوغان حاول إصباغ زيارته بصبغة تاريخية، باعتبار أن الدولة العثمانية كانت متواجدة فيه أيام الخلافة، وكان ميناء «سواكن» مقرًا للحاكم العثمانى فى القرن الـ ١٨. وتابع على: «تركيا سعت للتواجد فى سواكن تحديدا لتكون قريبًا من منطقة الصراع فى الشرق الأوسط، من اليمن والسعودية، كما يسعى أردوغان لأن تكون الجزيرة ورقة ضغط على مصر فى الأيام القادمة».

وتابع على: «من المرجح أن مسألة «سواكن» قد تكون نوعا من المكايدة السياسية، خاصة أن مصر نجحت فى ترسيم الحدود بالبحر المتوسط فى اليونان وقبرص، كما بدأت تركيا والسودان خطواتهما لتأسيس شركة مشتركة لتنفيذ المشروعات الزراعية برأسمال ١٠ ملايين دولار، يملك الجانب التركى ٨٠٪ منها والجانب السودانى ٢٠٪».

وبحسب ما ذكر فى منتدى الأعمال التركى السودانى الذى نظمه مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، وإن تركيا تهدف لضخ استثمارات تصل إلى ١٠ ملايين دولار؛ حيث ضمت الزيارة ٢٠٠ من رجال الأعمال الأتراك ووقع نحو ٩ اتفاقيات لإقامة مشروعات زراعية وصناعية تشمل إنشاء مسالخ لتصدير اللحوم ومصانع للحديد والصلب ومستحضرات التجميل، إضافة إلى بناء مطار فى العاصمة السودانية الخرطوم، وبذلك ارتفعت الاتفاقيات الموقعة بين البلدين خلال زيارة الرئيس التركى إلى ٢١ اتفاقية، ويذكر أنه فى يونيو الماضى وقعت تركيا والسودان عقود شراكة وتأسيس شركة للمشاريع الزراعية برأسمال ١٠ ملايين دولار.

وتسعى تركيا لتعزيز تواجدها فى الدول الأفريقية، خاصة أنها أسست قاعدة فى الصومال فى ٢٠١٢ وجيبوتى وحاليا يتقارب مع إثيوبيا. وقال خبير العلاقات الدولية الدكتور عمرو الشوبكي: «الأمر لا يخلو فى النهاية من المكايدة، وتركيا تتحرك فى إطار الدفاع عن مصالحها، وتسعى لأن تكون متعددة النفوذ خارج المناطق التركمانية، بل تحرص لأن يطال نفوذها فى منطقتين أساسيتين، هما إفريقيا والعالم العربى، وبالتالى هدفها أن يكون لها نفوذ إقليمى فى الأساس مناطق نفوذ سياسى مصري».

وتابع «الشوبكى»: علينا استعادة دورنا الأفريقى أكثر من تقييم الدور التركى المرفوض؛ حيث بدت الساحة الأفريقية مسرحا لعدد من النفوذ الاستخباراتية التركية و«الإسرائيلية» والإيرانية بشكل كبير».

وأشار الشوبكي، إلى أن البشير يسعى لتصفية حسابات سياسية، باعتباره منحازًا لجماعة الإخوان المسلمين بشكل واضح، كما أن موضوع حلايب وشلاتين يوظف سياسيا على حسب شكل علاقته فى مصر؛ حيث أثناء العلاقات الجيدة بمصر والإخوان على وجه التحديد لم يفتح الموضوع من الأساس، والآن يفتح بأغراض سياسية ليست لها أى علاقة.

ويقول الدكتور عمرو هاشم ربيع رئيس مركز البحوث البرلمانية بمؤسسة «الأهرام»، إن مصادر عدة تهدد الدول العربية وهى لا تعد ولا تحصي، موضحا أن أى تدخل من الخارج يهدد الدول العربية بأكملها.

وأضاف هاشم: «سبق وحذرنا مرارا وتكرارا من الاستراتیجیات الإقليمية والدولية الخارجية التى تعمل بكل جهدها على الأمن العربي، وخير دليل على ذلك ما حدث فى تجزئة العراق، بالإضافة إلى احتماليات تقسيم سوريا وانهیار لیبیا والصومال، وانقسام السودان، ويمثل الدور القطرى أحد أهم مصادر التهديد للأمن القومى العربي».

تهريب السلاح

العميد خالد عكاشة عضو المجلس القومى لمكافحة الإرهاب والتطرف، قال إنه بدخول تركيا إلى السودان ستزداد كمية الأسلحة القادمة من السودان إلى الدول المجاورة مثل مصر وليبيا والسعودية، خاصة أن جزيرة «سواكن» التى استولت عليها تركيا فى شرق السودان تقترب من مصر بصورة كبيرة لقربها من الحدود المصرية.

وأضاف عكاشة، أن للسودان تاريخًا فى تهريب الأسلحة، وصل إلى أن الحكومة نفسها كانت تمارس شتى أنواع التهريب وعلى مستويات كبيرة، لجميع البلدان المجاورة لها، خاصة بعد انتفاضة ٢٥ يناير، حيث أرسلت الحكومة أسلحة على عربات (كنفوي)، ودخلت العربات داخل الحدود المصرية وبالتحديد فى مدينة أسوان، ولكن قامت القوات الجوية المصرية بتدمير هذه الأسلحة تماما.

ويقول اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن كل ما يحدث فى السودان حاليا من تدخل تركيا وتسليم جزيرة «سواكن» السودانية، يأتى لهدم الدول العربية خاصة السعودية ومصر؛ لأنهما حاليا أكبر دولتين عربيتين، ويحاولون بشتى الطرق أن يفعلوا بهما كما فعلوا بسوريا والعراق وليبيا وغيرها من الدول العربية، ولكن هذا لن يحدث. وطالب نور الدين بالتصدى لمخطط أردوغان الذى يسعى للنيل من مصر؛ لأنها الدولة الصامدة أمام مشروع حلم الخلافة العثمانى الذى يقوده.

حلايب وشلاتين

قال الدكتور أحمد نور، خبير المياه، إن الحكومة السودانية تطالب بحلايب وشلاتين، رغم أنها ليست من حقها حسب الخرائط والتقسيمات الدولية القديمة، فى وقت أبرمت اتفاقية لتخصيص جزيرة «سواكن» للاستغلال التركي، مشيرًا، إلى أن موقف السودان فى المباحثات الفنية لسد النهضة معارض تماما للموقف المصرى ومؤيد للموقف الإثيوبي.

سد النهضة

وقال الدكتور نادر نور الدين الخبير المائى والزراعي، إن نظام الرئيس عمر البشير منذ زوال حكم الإخوان فى مصر مؤيد تماما لمشروع سد النهضة الإثيوبى، وهذا التأييد ليس حبا فى إثيوبيا، ولكنه يعتبر معارضة ومكايدة فى مصر، كما تثير السودان هذه الأيام موضوع حلايب وشلاتين وأنها من حقهما رغم احتلال إثيوبيا لأراض سودانية مثل إقليم الغضارف الواقع شرق السودان، ومع ذلك تغمض الحكومة السودانية عينيها عن هذا الإقليم، ويفتحها على الأراضى المصرية الموضوعة فى الحدود الدولية المصرية منذ قديم الزمن، كما يضحى السودان بـ ٦٥٠ ألف كيلو متر من أراضيه باستقلال جنوب السودان، ويتحدث عن ٢٠ ألف كيلو متر مساحة حلايب وشلاتين، والحقيقة المطلقة أنه فى خلال الأربع سنوات الماضية منذ سقوط حكم الإخوان فى مصر والبشير يدعم حملة كراهية من الشعب السودانى ضد المصريين، ويدعى أن مصالح السودان مع إثيوبيا وليست مع مصر.

وتابع «نور الدين»: «السودان أصبح يدعم إثيوبيا وتدافع عن سد النهضة وأصبحوا الآن يؤيدون ويدافعون عن سد النهضة أكثر من الإثيوبيين أنفسهم، وقدموا شكوى ضد مصر فى مجلس الأمن الأسبوع الماضى بشأن تبعية حلايب وشلاتين إليهم، رغم أنها موجودة ضمن الحدود الدولية بالنسبة لاتفاقية قسطنطينة، وبالتالى هو يبعدنا عن التركيز فى قضية سد النهضة.


بالتفاصيل.. مركز تدريب لـ«حسم» و«لواء الثورة» في قلب السودان (ملف)

 الخرطوم تستقبل إرهابيين منحدرين من مشاريع إسلامية مختلفة

لا يمكن التعامل مع إسقاط «داعش» للسودان من التهديدات التى اعتاد توجيهها لدول المنطقة من باب المصادفة، فالتنظيم الذى أخذ يهدد ويكرر تهديداته لأغلب الدول على مدار ثلاثة أعوام ونصف العام- هم عمر خلافته- مكفرًا أنظمتها ومستبيحا دماء مدنييها، يبدو أنه يرى لأسباب ترتبط به أن السودان دولة لا تستحق العداء... لماذا؟

بداية يناير الماضي، أخذ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الساكن الجديد للبيت الأبيض، قرارا حمل عنوان «حماية الأمة من دخول إرهابيين أجانب إلى الولايات المتحدة»، ومنع بمقتضاه مواطنى ست دول ذات أغلبية إسلامية كان من ضمنها السودان من دخول أمريكا.

وفى حديثها عن سبب هذا الحظر رأت الإدارة الأمريكية أن حكومات هذه الدول لا تمانع فى رعاية الإرهاب. ولا تعتبر هذه المرة الأولى التى توجه للسودان اتهامات بعلاقة تربطه بالجماعات الإرهابية. فنظام الجبهة الإسلامية «الامتداد الإخوانى فى السودان» الحاكم منذ ٢٨ عاما يحتفظ بفقه جماعته فى حمل السلاح، حتى وجهت له الاتهامات بالتورط فى إحداث خلل فى النسيج السودانى المعتدل، فاتحًا الباب أمام تطرف جديدة غريب على السودان.

وبحكم مرجعيته الأصولية مكّن النظام السودانى جماعات الإسلام السياسى من المشهد، حتى تحولت الساحة السودانية بمرور الوقت إلى بيئة مناسبة لاستقبال قادة الجماعات الإرهابية، وعلى رأسهم أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة الذى ذهب للسودان وتنظيمه كان فى طور التكوين.

وفى شهادته على هذه الفترة، يقول الصحفى السوداني، عبدالمطلب صديق، فى مقال بعنوان «بن لادن فى الخرطوم.. أسرار ما وراء الجدار» المنشور فى صحيفة «الراكوبة» السودانية بتاريخ مايو ٢٠١١، إن السودان تحول لدولة خلافة للتنظيم الدولى للإخوان، بعد عام واحد من تمكين حكم البشير الذى حكم فى ١٩٨٩. ومن وقتها بدأ هذا النظام فى فتح بابه أمام رموز الحركة الإسلامية، وساعده على ذلك الساحة العربية والدولية التى كانت تسير فى نفس الاتجاه، إذ فاز الإسلاميون فى انتخابات الجزائر وفى أفغانستان.

إذًا فمن الزحف إلى الخرطوم وحج قادة الإخوان إليها كعاصمة خلافتهم الجديدة، إلى احتضان بن لادن ومن بعده قادة «القاعدة» الذين جاءوا إليها باحثين عن موطئ قدم لهم فى أفريقيا، مرت السودان التى يستمر نظامها حتى الآن فى احتضان الإرهابيين ويوفر لهم التدريب فى صحرائها.

وفى يناير من العام الجاري، وجهت للسودان اتهامات مصرية بأن الأولى فتحت أراضيها لتدريب شباب الإخوان المصريين الهاربين، إذ حصلوا على التدريب هناك ليعودوا إلى مصر مكونين ما عرف بـ«اللجان النوعية» للإخوان مثل «لواء الثورة» و«حسم».

ودعم هذه الاتهامات الإصدار الاستعراضى الذى بثته «حسم» آنذاك متضمنة فيه لقطات من تدريب عناصرها داخل صحراء، وهو ما فسره البعض بأن هذه الصحراء تقع قرب الحدود المصرية السودانية من الجانب السوداني.

وبالرغم من النفى السودانى لهذه الآراء فى بيان صدر عن سفارتها فى القاهرة، إلا أن التحقيقات التى أعقبت هذا البيان بيومين، كشفت عن اعترافات لـ ٧٤ عنصا تابعين لـ«حسم»، قالوا إنهم حصلوا على التدريب فى السودان على يد قيادات عسكرية تابعة لحركة «حماس» التى لم تكن قد أعلنت وقتها انفصالها عن الإخوان.

وأفادت الاعترافات التفصيلية بأنهم شكلوا «اللجنة الإدارية العليا» ومقرها تركيا لإدارة ملف «العمليات النوعية» التى يتم تدريب الشباب عليها فى السودان، سواء شباب الإخوان الهاربين أصلًا فى السودان أو الشباب الإخوانى الراغب فى حمل السلاح ويتم نقله إلى السودان.

وفى واقعة تعكس ثمة تواطئا معلنا لم تخفيه أو تنفيه حكومة السودان، فإن الأخيرة أبقت على شباب جماعة الإخوان لديها بالرغم من إعلانهم عن إقامتهم على تدشين ما عرفوه بـ«التأسيس الثالث»، وهو مصطلح يشير باختصار لحمل السلاح فى وجه الدولة المصرية. وأعلن الشباب عن أنهم قائمون على ما سموه «مراجعات فكرية» أوصلتهم إلى أن حمل السلاح هو الخيار المناسب فى الفترة الراهنة، وعلى ذلك ظلت السودان حاضنة لهم فيما اعتبرته الدولة المصرية رضا سودانى عن ما وصل إليه الشباب الإخواني.

وعن ذلك يقول طارق أبو السعد، الإخوانى المنشق، الذى قال لـ«البوابة» إن السودان هى الأرض الخلفية للإرهابيين الآن، موضحًا أن الخرطوم لم تحتضن الآن الإخوان فقط، بل تستقبل إرهابيين آخرين منحدرين من مشاريع إسلامية مختلفة، بداية من قيادات الجماعة الإسلامية المصرية وحتى إرهابيين تونسيين وجزائريين وآخرين منحدرين من دول أفريقية مختلفة.

وتابع أن السودان لم تتهدد من «داعش» فقط، بل لم تشهد أصلًا أى تهديد من جماعات إرهابية أفريقية مثل «بوكو حرام»، بالرغم من القرب الجغرافى بينهم. ولفت إلى أن السبب فى ذلك أن الحكومة السودانية تغض الطرف عن السلاح المهرب لهذه الجماعات، لا سيما تحويل النظام السودانى لدولته إلى محطة «ترانزيت» يستعين بها الإرهابى حالما فكر بالانتقال لتنظيم مثل «القاعدة» أو «داعش»، مثل ما حدث مع أبو العلا عبدربه، المصرى المنتمى للجماعة الإسلامية، الذى سافر إلى السودان عقب الإطاحة بنظام المخلوع محمد مرسى فى يونيو ٢٠١٣، ومنها إلى سوريا حيث قُتل.

ولفت إلى أن تصرفات النظام السودانى تحركها توصيات النظام الدولى لجماعة الإخوان، الذى يرتبط بعلاقات بتنظيم القاعدة وغيرها من حاملى السلاح داخل سوريا وباقى الدول العربية.

وأسفرت سياسات الرئيس السودانى عن تبنى السودانيين أنفسهم للفكر المتطرف، إذ أعلن تجمع طلابى بجامعة الخرطوم عن تشكيل جناح مسلح تابع لتنظيم «القاعدة» فى ٢٠١٣، وهو ما نفته الحكومة ثم قللت منه. وفى معرض حديثه عن الواقعة حمّل رئيس تحرير صحيفة «التيار» ومؤسس حزب «دولة القانون»، المهندس عثمان ميرغني، المسئولية لنظام البشير، قائلًا فى مقالة منشورة بتاريخ ٢٦ مارس ٢٠١٥: «حسبو محمد عبدالرحمن، نائب الرئيس السوداني، قال إنه لا توجد مظاهر تطرف أو إرهاب بالبلاد، ثم ألحق ذلك بقوله إن الظواهر التى بدت قليلة كان علاجها فى مهدها عبر أسلوب الحوار المباشر. كلام غريب ومتناقض، والأغرب منه كلامه «عن ضرورة ترسيخ مبادئ الحوار والتراضى وقبول الآخر، وتعزيز قيم السلام ونبذ الكراهية والنزاعات»، فأى من هذه الأشياء لم يعد موجودا فى السودان منذ مجيء نظام الإنقاذ».