البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

بنت الشاطئ.. على الجسر نحو بطلة كربلاء

بنت الشاطيء
بنت الشاطيء

لم تنس الفتاة التي تلقت تعليمها في المنزل حفاظًا على العادات والتقاليد، أن تختار حتى في تمردها اسمًا مُستعارًا موحيًا لقارئها، فجاء لقب "بنت الشاطئ" ليكون توقيعًا لإبداعات واحدة ممن أثروا الحياة الأدبية والثقافية العربية، بينما تحوى أوراقها الرسمية اسم عائشة عبد الرحمن.
ولدت عائشة في دمياط عام 1913، لأسرة متدينة فوالدها عمل مدرسًا بالمعهد الأزهري وجدها لأمها شيخًا بالأزهر؛ ومنعها والدها من الذهاب الي المدرسة بعد حفظها القرآن الكريم، إلا أن طموحها لم يمنعها فأكملت تعليمها بالمنزل، وتفوقت على قريناتها في المدرسة، لتحصل على المركز الأول على مستوى القطر المصري في شهادة الكفاءة للمعلمات، والتحقت بعد ذلك بجامعة القاهرة وتخرجت في كلية الآداب قسم اللغة العربية، وكان ذلك بمساعدة أمها، وحصلت بعد ذلك على درجة الماجستير بمرتبة الشرف.
اختارت عائشة لقب "بنت الشاطئ" الذي استوحته من حياتها الأولى على شواطئ دمياط التي ولدت بها وعاشت فيها طفولتها ؛ وألفت كتابها الأول "الريف المصري" أثناء العام الثاني بالجامعة، وتزوجت أستاذها الدكتور أمين الخولي، وأكملت مسيرتها العلمية بالحصول على درجة الدكتوراة، التي ناقشها عميد الأدب العربي طه حسين، بعدها تدرجت في مناصب عدة؛ فصارت أستاذًا للتفسير والدراسات العليا بكلية الشريعة جامعة القرويين في المغرب، ثم أستاذ كرسي اللغة العربية وآدابها في جامعة عين شمس، وأستاذ زائر في جامعات أم درمان والخرطوم والجزائر وبيروت وجامعة الإمارات.
تركت بنت الشاطئ خلفها مجموعة من الكتب القيمة في مجالات الدراسات الفقهية والإسلامية والأدبية والتاريخية، ومن أبرز مؤلفاتها "التفسير البياني للقرآن الكريم، والقرآن وقضايا الإنسان، وتراجم سيدات بيت النبوة"، كما قامت بتحقيق نص "رسالة الغفران لأبي العلاء المعري" و"الخنساء الشاعرة العربية الأولى"؛ كما قامت بكتابات أدبية منها "على الجسر" سيرة ذاتية والتي سجلت من خلالها سيرتها الذاتية، كما كتبت أيضًا "بطله كربلاء " وهو عن السيدة زينب.
كان للكاتبة موقف واضح من المرأة وتحريرها، فوجدت نفسها تحارب في جبهات كثيرة، حتى صدق عليها وصف "المجاهدة"، فكان ميدان جهادها الأول هو تحرير المرأة العربية من ربقة الجهل الذي خيم عليها قرونا طويلة، ولكنها لم تناد بما نادى به غيرها من المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، فقد طالبت فقط بحصول المرأة على حقوقها التي منحها إياها الإسلام، وقالت عن ذلك "أنا محافظة ولست رجعية، وفرق كبير بين المحافظة والرجعية، إنني أريد تعليم المرأة واشتغالها بالحياة العامة، ولكني لا أؤيد شربها للخمر، ومراقصتها للرجال، وتبذلها وتحديها لآداب الحياء، وهذه محافظة وليست رجعية، لن يثمر هذا المجتمع إلا إذا حرصنا على فضائله".
حصلت بنت الشاطيء على عدة جوائز منها جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1978، وجائزة الحكومة المصرية في الدراسات الاجتماعية والريف المصري، كما نالت وسام الكفاءة الفكرية من المغرب، وجائزة الادب من الكويت؛ ورحلت عن عالمنا في الأول من ديسمبر عام 1998.