البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الأهداف الخفية لإيران في "البوكمال"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

استمرارا لمسلسل الكوارث، الذي لا يهدأ في الشرق الأوسط، تقترب إيران كثيرا من تحقيق حلمها التاريخي، بإقامة طريق بري، يمتد من طهران عبر العراق وسوريا ولبنان، وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط.
ولعل استماتة إيران وحلفائها في القتال مع تنظيم داعش في مدينة "البوكمال" بمحافظة دير الزور، شرقي سوريا، على الحدود مع العراق، يكشف بوضوح أبعاد مؤامرتها، التي تستهدف توسيع نفوذها في المنطقة العربية، وإقامة "هلال شيعي" في النهاية المطاف، يمتد من حدودها إلى البحر المتوسط.
ورغم أن قوات النظام السوري، المدعومة من إيران، سرعان ما فقدت "البوكمال"، بعد استعادتها من قبضة "داعش" في 9 نوفمبر، إلا أن طهران لن تتوانى عن فعل أي شيء، للسيطرة عليها، وهذا ما اتضح جليا في تصريحات لمدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، قال فيها إن "حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني ومقاتلين شيعة عراقيين يشكلون عماد المعركة لطرد تنظيم الدولة من البوكمال".
كما نقلت "فرانس برس" عن مصدر ميداني من القوات الحليفة للجيش النظامي السوري، أن قوات كبيرة من حزب الله تقدمت لتصل إلى أطراف جنوب البوكمال، ثم عبر جزء منها، إلى الجهة العراقية، بمساعدة من قوات الحشد الشعبي العراقي، لتلتف حول البوكمال، وتصل إلى أطرافها الشمالية.
وكانت القوات العراقية وميليشيات الحشد الشعبي الشيعية طردت مؤخرا تنظيم داعش من مدينة القائم، المقابلة للبوكمال، من الجهة العراقية، وبالتالي، فإن البوكمال، تشكل أهمية قصوى وورقة رابحة لإيران، بسبب موقعها الإستراتيجي الرابط بين العراق وسوريا، بالإضافة لوجود حقول نفطية بها.
ولعل التطورات المتلاحقة في الشرق الأوسط تزيد من إصرار إيران على الإسراع في السيطرة على البوكمال، لتشكيل "جبهة شيعية قوية"، في مواجهة ما تعتقده تصعيدا من قبل أمريكا، وحلفائها في المنطقة.
هناك أيضا، مخاوف إيران على حليفها حزب الله اللبناني، بسبب ما يتردد عن ضربة متوقعة ضده، على خلفية الأزمة المتصاعدة بعد استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وتصاعد الاتهامات العربية والغربية له، بالمسئولية عن هذه الأزمة، والتورط أيضا في دعم الحوثيين في اليمن.
ووسط انشغال العرب بأزمات متلاحقة، حذرت تقارير غربية بالفعل من أن إيران اقتربت جدا من تحقيق حلمها بإقامة طريق بري يمتد إلى البحر المتوسط.
وذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية في تقرير لها في 17 يونيو الماضي، أن ميليشيات الحشد الشيعي الموالية لإيران استعادت مؤخرا بلدة البعاج غرب مدينة الموصل شمالي العراق، قرب الحدود السورية، من قبضة داعش.
وقالت الصحيفة إن "البعاج تعتبر نقطة أساسية لخطة إيرانية لتأمين الطرق البرية عبر العراق وسوريا إلى لبنان، وتحقيق حلمها في الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط".
وأضافت أن "تركيز الميليشيات الشيعية الموالية لإيران ينصب حاليا على جانبي الحدود بين سوريا والعراق".
وفي السياق ذاته، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن المواجهة الأخطر في الحرب الدائرة بسوريا بدأت تلوح في الأفق في المنطقة المحاذية للحدود مع كل من العراق والأردن.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 11 يونيو الماضي، أن هذه المنطقة تضم الكثير من الاحتياطات النفطية السورية، ما يجعل منها منطقة هامة في تحديد مستقبل سوريا، وفي التأثير على البلدان المجاورة.
واستطردت الصحيفة "من سيسيطر على هذه المنطقة ذات الكثافة السكانية المنخفضة في هذه اللعبة الكبرى بالقرن ال 21، سيلعب دورا هاما في تحديد مستقبل سوريا".
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، أعلن في 13 نوفمبر أن تنظيم "داعش" استعاد مجددا مدينة البوكمال الواقعة شرق سوريا بمحافظة دير الزور، وذلك بعد أيام من سيطرة قوات الجيش النظامي السوري عليها.
وأضاف المرصد، استنادًا إلى شهادات عدد من زعماء العشائر والسكان المحليين في المدينة، أن عناصر داعش استعادت السيطرة على "البوكمال"، آخر معاقل التنظيم في سوريا وأكثرها استراتيجية، وذلك بعد نصب كمين لفصائل مدعومة من إيران، على رأسها حزب الله اللبناني، بخلاف ما أعلنته روسيا عن عدم انسحاب النظام السوري وحلفائه.
وأفاد زعماء عشائر وسكان، أن عناصر التنظيم، الذين كانوا يختبئون في أنفاق في قلب البوكمال باغتوا مقاتلين حزب الله اللبناني، الذين وحدوا الصف مع مقاتلين شيعة عراقيين، كانوا قد دخلوا إلى سوريا عبر الحدود.
وكانت فصائل مدعومة من إيران، على رأسها حزب الله، أعلنت في 9 نوفمبر سيطرتها على المدينة، وشن المقاتلون الشيعة هجوما بريا على المدينة، بعد قصف روسي مكثف، أدى إلى سقوط عشرات القتلى من المدنيين، ووقوع دمار على نطاق واسع.
والخلاصة، أن هناك بعدا مذهبيا لإيران في السيطرة على البوكمال، وهو إنشاء "الهلال الشيعي" لربط المناطق الشيعية، في العراق وسوريا ولبنان، ببعضها البعض، بالإضافة إلى مد طريق استراتيجي آمن عبر العراق، ومنه، إلى سوريا ولبنان، ثم إلى البحر المتوسط، لتوسيع نفوذها من جهة، وتعزيز نفوذ حلفائها، ميليشيات الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان، بالإضافة إلى النظام السوري.