البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الفساد والراية البيضاء


■ خلال أيام قليلة يصدق الرئيس السيسى على قانون الرقابة الإدارية الجديد الذى أقره مجلس النواب فى أول جلسات العمل له خلال دورته البرلمانية الثالثة، حيث أراد مجلس النواب توجيه رسالة قوية للفساد بأن مؤسسات وأجهزة الدولة تقف له بالمرصاد وتعلن الحرب عليه بكل قوة ودون مهادنة.
■ ولأول مرة فى تاريخ محاربة الفساد، سيتم طبقا لهذا القانون تشكيل ما يسمى بالأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد كإحدى قطاعات هيئة الرقابة الإدارية، وتهدف لإعداد وتدريب أعضاء الهيئة على النظم الحديثة والارتقاء بمستوى العاملين بها، ودعم التعاون مع أجهزة مكافحة الفساد فى الدول الأخرى.
■ ويبدو أن من تولى صياغة وإعداد هذا القانون داخل الحكومة، وهم من خبراء التشريع وأيضا خبراء هيئة الرقابة الإدارية، كانت لديهم المعلومات والبيانات التى تكشف مدى حجم الفساد المستشرى فى بعض الأجهزة والقطاعات بالدولة، وفرض ذلك تكوين تلك الأكاديمية وليس مجرد مركز أو حتى جامعة.
■ فالنص فى القانون على إنشاء أكاديمية وطنية لمكافحة الفساد يعنى بكل صراحة ووضوح أن الفساد الذى تعانى منه مصر منذ سنوات طويلة تطلب وجود تلك الأكاديمية حتى يمكن لها مواكبة التطور من جانب المفسدين، وأيضا كشف الوسائل الحديثة التى يلجأ إليها هؤلاء المفسدون للهروب من الملاحقة والعقاب.
■ ولا أحد يعترض على إنشاء مثل هذه الأكاديمية، لأن أى اعتراض قد يفسر على أنه بمثابة دعم للفساد، ولكن السؤال المطروح هو: هل إنشاء الأكاديمية هو السبيل الوحيد للحرب على الفساد؟ وهل وجود هذه الأكاديمية يعنى لجوء المفسدين إلى رفع الراية البيضاء والاستسلام والتوقف عن نشاطهم المشبوه؟
■ فالحقيقة المؤكدة أن هيئة الرقابة الإدارية قد تعاظم دورها وتوسع نشاطها فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى بصورة غير مسبوقة، وحازت إعجاب وإشادة غالبية المصريين الشرفاء لما حققته من ضربات كبرى ضد المفسدين وإسقاطهم بسيف القانون.
■ وإذا كانت بعض الأرقام والبيانات المتداولة عن تراجع أنشطة الفساد خلال السنوات الأخيرة الماضية بنسب ما بين ٣٠٪ إلى ٤٠٪ عما قبل، فإن هذا يمثل خطوة متقدمة لضمان نجاح وسياسات الإصلاح الاقتصادى وإعطاء الأمل لكل مصرى شريف فى مستقبل أفضل.
■ واستمرار الحرب على الفساد مطلب شعبى، وصدور القانون الجديد بداية جادة وحقيقية لتراجع الفساد الذى أصبح فى بعض الأوقات هو القاعدة، والشرف والشفافية والنزاهة هى الاستثناء، وأن مهمة الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد نشر ثقافة محاربة الفساد بين جميع المصريين الفقراء والأغنياء.
■ فالنجاح الحقيقى للقانون الجديد والأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد هو أن يرفع المفسدون الراية البيضاء، ويعلنون تجميد نشاطهم والعودة إلى الطريق المستقيم والصحيح، والحفاظ على أموال الدولة، وأنه لا مكان لأى مفسد على أرض مصر الكنانة.
■ فرغم قناعتى بأن التشريع ليس دوما هو الحل للمشاكل التى تواجه المجتمع لأن لدينا ترسانة كبيرة من التشريعات، إلا أننى أشعر بأمل كبير وتفاؤل أكبر بأن صدور هذا القانون بما يتضمنه من تعديلات وإنشاء أكاديمية وطنية لمكافحة الفساد بداية قوية للحرب على الفساد، وأن المفسدين جميعا سوف يرفعون الراية البيضاء إن آجلا أو عاجلًا.