البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

إنقاذ أبو سمبل.. أعظم مشروعات "ناصر" الثقافية

أبو سمبل
أبو سمبل

شاهدة على عظمة وحضارة الأجداد؛ تقف آثار مصر مفاخرة العالم بما بناه أصحاب التاريخ الضارب بجذوره في عمق التاريخ، وحفاظًا على هذه الآثار التي لا تُقدر بمال، أطلقت مصر نداءً للعالم في مارس 1960، للمساهمة في إنقاذ آثار النوبة، وعلى رأسها معابد أبو سمبل، من الغرق، وعلى الفور استجابت منظمة اليونيسكو للنداء، وتبنت حملة، شارك فيها 51 دولة، فتم إنقاذ المعبدين بتكلفة 36 مليون دولار دفعت مصر منها 12 مليونًا، وتحملت المنظمة والدول المشاركة باقي المبلغ، وفي ذكرى رحيل الزعيم جمال عبدالناصر نُلقي الضوء على واحدٍ من أهم المشروعات الثقافية التي أنجزت في عهده وهي عملية إنقاذ ونقل معبد أبو سمبل.
على الشاطئ الغربي لبحيرة ناصر وراء السد العالي يقف معبد أبو سمبل شامخًا شموخ ثالث فراعنة الأسرة المصرية التاسعة عشرة الملك رمسيس الثاني الذي شيده عام 1250 ق.م، ويتكون المعبد من جزأين يسميان بـ"معبد أبو سمبل الكبير" و"معبد أبو سمبل الصغير"، وكلاهما أكثر سعة وفخامة من كل المعابد المصرية في مختلف العصور الفرعونية.
وتتكون واجهة المعبد من أربعة تماثيل كبيرة تمثل الملك بارتفاع 20 مترًا وباب يفضي إلى حجرات طولها 180 قدمًا، وتوجد ستة تماثيل في مدخل المعبد الآخر أربعة منها لرمسيس الثانى واثنان لزوجته نفرتارى، وبني المعبد في عهد رمسيس الثاني كنصب دائم له وللملكة نفرتارى، للاحتفال بذكرى انتصاره في معركة قادش، ولتخويف أهل النوبة المجاورين له، وقد بدأ بناء مجمع المعبد في حوالى 1244 قبل الميلاد، واستمر لمدة 20 عاما تقريبًا، ومع مرور الوقت كانت الرمال قد غطت تماثيل المعبد الرئيسى حتى الركبتين. 
يبلغ ارتفاع واجهة المعبد الكبير 33م وعرضها 38م، ويدخل المعبد في الصخر مسافة 63 م، نُحتت في الواجهة أربعة تماثيل عملاقة لرمسيس مجسِّدًا الأرباب، ويبلغ طول كل من التماثيل 20م، والقسم العلوي من أحدها مكسور، وعلى الرغم من ضخامة هذه التماثيل فقد أبدع المثّال في نحت ملامح الوجه الوسيم، والابتسامة الرقيقة التي تستقبل الشمس المشرقة، وفوق التماثيل نطاق نقشت فيه أسماء رمسيس الثاني وألقابه "المؤلَّه والمولود من الشمس والمختار منها"؛ أما المعبد الصغير فيقع على نحو 150 م إلى الشمال من المعبد الكبير، وواجهته مزينة بستة تماثيل، أربعة منها لرمسيس الثاني والآخران لزوجته الملكة العظمى نفرتاري الموحدة مع الربة حتحور.
بدأت حملة التبرعات الدولية لإنقاذ المعبد عام 1959 بسبب ما تعرض له المعبد من ارتفاع منسوب مياه النهر على أثر بناء السد العالى، وإنشاء بحيرة ناصر، فقد كانت هذه الآثار مهددة بالغرق بسبب تكون بحيرة ناصر وراء السد العالي، فيما بدأ إنقاذ معبد أبوسمبل في عام 1964، بحملة إعلامية عالمية من منظمة اليونسكو لإنقاذ المعبد، ونقلت الدولة المصرية برئاسة جمال عبدالناصر، وبالتعاون مع منظمة اليونسكو عام 1965، المعبد إلى مكان قريب ذي منسوب عالٍ لا تصله مياه بحيرة ناصر، والمشروع تضمن تقطيع المعبد إلى أحجار كبيرة زنة 1-2 طن ثم رفعها ثم تجميعها في المكان الجديد.
وبعد أعمال الرفع الهندسي والتصوير، والتصوير الفوتوغرامتري، واستكمال كل أصناف التوثيق، تمت إزالة نحو 150 ألف متر مكعب من الصخور من فوق المعبدين، ثم بدأت عمليات نشر أحجارهما بوزن 10-15 طنًا لكل قطعة، ونقلت بعد ترميمها إلى مكانها الجديد، وركبت مرة ثانية وحُقنت بدقة وكُحِّلت وانتهى ذلك العمل في 1966.
وبدأت أعمال تقنية عالية لإعادة تشكيل الجبل فوق المعبدين، فجُعلت فوق المعبد الكبير قبة خرسانية فريدة من نوعها بقطر 59م وفوق المعبد الصغير قبة تعادل نصف الأولى ثم غطيتا بالصخور كما كانت الحال من قبل، ثم جُهزت المجموعتان بأحدث أساليب قياس الحرارة والرطوبة والسلامة من الهزات والكوارث وتأمين الإضاءة وغير ذلك من التدابير التي جعلت العمل قمة في الدقة والتقنية.