البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الحرائر «2»


أورد البخارى فى صحيحه بكتاب «المغازي» حديث ٤٠٢٥، عن على بن أبى طالب: «بعثنى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنا والزبير والمقداد فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة -هودج يحمله جمل مخصص للنساء والمقصود هنا امرأة- معها كتاب فخذوا منها، قال: فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، قلنا لها أخرجى الكتاب، قالت: ما معى كتاب، فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب -نخلع ثيابك عنك- قال فأخرجته من عقاصها -ضفيرة بشعرها- فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم».
«القانون مجموعة قواعد عامة «ملزمة» ومجردة تنظم السلوك البشرى الاجتماعي، ويتبعها «جزاء»، إما على شكل مكافأة، وإما عقوبة لمن ينفذها أو يخالفها، ويتم ذلك من قِبل السلطة العامة فى الدولة».
أهم قاعدتين فى القانون «الإلزام» و«العمومية»، باختصار «لا استثناءات فى تطبيق القانون»، ولا ينفى ذلك التعامل بروح القانون، أول من اشتق مصطلح «روح القانون» الفليسوف الفرنسى مونتسكيو فى كتابه الذى حمل الاسم نفسه «روح القانون»، وله تعريفات كثيرة تحدث عنها فقهاء القانون، لا مجال لعرضها.
فى زمن «أمن الدولة الجميل» -كما وصفه جهادى سابق فى رسالة وجهها لأحد أكبر القيادات الأمنية بالجهاز- لم تشارك المرأة فى الأعمال الحركية، فقط كما أوردنا كانت وظيفتها رعوية أو دعوية أو وجودها دون إرادتها، مع استثناءات قليلة مثل «نجاة يسري» وصديقتها اللتين أطلقتا النار على حافلة سياحية فى ٢٠٠٥ بميدان السيدة عائشة، ثم قتلتا نفسيهما.
وفى تنظيم التكفير والهجرة لشكرى مصطفى، اعتقل الأمن مع الرجال ٣٣ سيدة، وحُفظت القضايا فى حق نساء التكفير والهجرة، لأن أدوارهن لم تتعد «الرعاية والدعوة وبعضهن تورط دون إرادتهن».
رغم تورطهن القانونى بالعلم لتحضير عمليات إرهابية، أو وجود مفرقعات وأسلحة بمنزلهن، لم توجه لهن تهمة، حرصا من الأمن على «الأسرة» وعمادها المرأة، وكان ذلك قليلًا فى ذلك الزمن، لم يوجه الاتهام إلى مائة امرأة فى السنة، كان رقم «مائة» كثيرًا، كانوا «إخوانيات» أو «جهاديات» يقرن فى منازلهن، وكان بعضهن مضطرات فكان «روح القانون».
بعد ثورة ٣٠ يونيو وإنهاء حكم «الجماعة» تغير دور النساء، وأصبحن «حرائر»، خرجن فى المظاهرات بالآلاف، تصدرن الاعتصامات، ووضعن أنفسهن أو وضعوا حائط صد أمام «الأمن»، ضربن واعتدين على أساتذتهن فى الجامعات، حملن السلاح، ووضعن أو وُضعت لهن أحزمة ناسفة حول بطونهن، لم يكن الأمر استثناءً، كما كان قبل ذلك، فكان تنفيذ القانون.
كان لدى «الجماعة الإسلامية» و«الجهاد» شرفًا فى توريط المرأة –مع استثناءات قليلة لا تذكر- اختلف الأمر بعد إزاحة الجماعة الأم عن سدة حكم مصر، تغير دور المرأة بشكل كبير، أصبحت وجودها استراتيجى لمزيد من المكاسب والمظلومية، فإن نجحت العملية الإرهابية فأهلا وسهلا، وإن فشلت وقُبض عليها، يعلو صوت مظلومية الحرائر.
اجتمع فى ذلك الزمن جميلان، أمن الدولة الجميل، وشرف الجماعات ضد توريط النساء، ورطت الجماعات المرأة وحولتها من الرعاية إلى الدعاية ومن الدعوة إلى السلاح، وفى الحالتين بعضهن مضطرات أو مخدوعات. الأغلال فى يد «الحرائر» مشهد قاس، صدرته الجماعة الأم وأزلامها، لكنه يخفى قسوة أشد، قسوة امتزجت باستغلالية وخبث وامتهان لمن كرمها الله تعالى ووصفهن النبى صلى الله عليه وسلم بالقوارير. امرأة وقفت أمام مقر الحكومة، متظاهرة ترفع لافتة، تندد بواقع، توجه إليها رجال الأمن، بكل أريحية، طالبوها أن تأتى معهم، وبعيدا عن مقر الحكومة بأمتار، طلبوا منها الانصراف حفاظا على نفسها وبيتها وأولادها، وآلاف النسوة تظاهرن فى المكان نفسه، طلب منهن الأمن التفرق، فلم يستجبن وفحشن فى القول، ففرقهن الأمن، وفى الواقعتين هم نفس رجال الأمن وفى الحالين طبق رجال الأمن القانون وروحه.