البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

ثقافة الشائعات.. تحكم العالم وتصنع الخوف


فى إحدى الجامعات الأمريكية تم عرض صورة - مواطن أبيض يشهر سلاحًا فى وجه مواطن أسود- على رجل أبيض، ثم طلب من هذا الشخص رواية ما رآه على ١٥ شخصا آخرين محل التجربة، وبعد أن تناقلها الـ١٥ شخصًا أصبحت المعلومة أن مواطنًا أسود يشهر سلاحًا فى وجه آخر أبيض وكان مدلول التجربة أن الشائعة تنتقل بما يتوافق مع الأهواء الشخصية وليس بما حدث فعلا.
والشائعة كما وردت فى موسوعة علم النفس هي: «عبارة عن خبر أو حدث يتناقله الناس دون تحقق من صحته، وغالبًا ما يكون مبالغًا فيه بالتهويل»، ومن هنا نجد أن الشائعات هى إما خبر لا أساس له من الصحة، أو خبر صحيح تمت إضافة معلومات غير صحيحة له، أو خبر صحيح تم التهويل فيه، أو خبر صحيح تم الحذف منه بحرفية، أو خبر صحيح وتم التعليق عليه أو تفسيره بطريقة مغايرة لحقيقته.
وللشائعات تأثير جبار فى الآتي:
١- الأحداث الحياتيّة مثل إشاعة الرسائل المميتة عبر المحمول، والتى انتشرت لجهل الناس بالتكنولوجيا.
٢- الأحداث الاجتماعية: مثل شائعة تلوث نهر النيل، والتى أدت إلى إقبال الناس على شراء المياه المعدنية فى وقت سابق فى مصر.
٣- الأحداث الاقتصادية: فمثلا تسرب شائعة بغلاء أسعار بعض السلع ثم تدرس ردود أفعال الناس؛ فإذا وجدت معقولة ومحتملة يتم فعلًا رفع الأسعار، وأما إذا وجدت مستفزة فيمكن تكذيب الشائعة واعتبار الأمر كأن لم يكن.
٤- الأحداث السياسية: أشاع بعض أعوان نيرون أنه لم يحرق روما وإنما حرقها بعض المسيحيين، مما أدى إلى حملة اضطهاد موجهة نحو المسيحيين.
٥- الأحداث الفكرية: أشيع أن سقراط يفسد عقول الشباب بما يطرح عليهم من تساؤلات، وقد أدى ذلك إلى حشد الرأى العام ضده ومطالبته بقتله وقد تم فعلا ذلك.
٦- الأحداث الحربية: جنكيز خان تمكن من الانتصار على خصومه بالشائعات التى صورت جيشه مثل أسراب الجراد التى لا يوقفها شيء. 
عزيزى القارئ 
إن الشائعات تؤثر فى توجهات الناس وروحهم المعنوية وبلبلة الرأى العام وتفكيك الجماعة، وتؤثر أيضًا فى مسارات الأحداث وفى الإنتاج والتسويق.... لذلك لا عجب حينما يقول نابليون بونابرت: إننى أخشى ثلاث صحف أكثر مما أخشى ثلاثة جيوش إدراكًا منه لقيمة حرب الشائعات.
وتبين أن الشائعات تنتشر أكثر فى وقت الأزمات والظروف الضاغطة أو المثيرة للقلق، وحين يكون هناك تعتيم إعلامى أو غموض. ووجد «كارل يونغ» الباحث النفسى، أن الأفراد القلقين ينشرون الشائعة بحماس أكبر بكثير من الآمنين والمستقرين. وقام ألبورت وبوستمان بوضع معادلة، هي:
قوة الشائعة = موضوع مهم (أو أشخاص مهمّون) X غموض حول الحدث (أو الموضوع أو الأشخاص).
وقد وجد أن الشائعة تزداد قوتها حينما تكون التركيبة النفسية للناس المستهدفين بالشائعة جاهزة لاستقبالها، خاصة حين تكون الشائعة متوائمة مع معتقدات الناس ومشاعرهم وثقافتهم ورموزهم.
وهنا نسأل: ما أسباب الشائعات؟.. الإجابة هى: 
١- غياب المعلومة الصحيحة. ٢- عدم نشر المعلومة الصحيحة فى الوقت المناسب.
٣- رواية الحدث الواحد من أكثر من مصدر. ٤- تضارب المعلومات. ٥- الفراغ الثقافى والفكرى. ٦- عدم الثقة فى مصدر المعلومة. 
والسؤال المطروح... ما دوافع إطلاق الشائعات وانتشارها؟
١- البطالة والفراغ. ٢-التعصب الدينى والفكرى. ٣ - التعصب القبلى أو المذهبى. ٤- التنافس على تحقيق مكاسب سياسية. ٥- العمل على تحطيم الآخر نفسيًا. ٦- المشاعر المكبوتة. ٧ – العدوانيّة. ٨ – الإسقاط.
٩ - جذب الانتباه. ١٠ - عدم ثقة بالنفس. 
والسؤال المثير: لماذا تنتشر الشائعة أسرع من الخبر الصحيح؟ لأنها تلعب على وتر حساس يمس المجتمع، مثل: اللعب على وتر الوطنية واللعب على الوتر الدينى. 
كيف نقاوم الشائعة: 
لكى نقاوم الشائعات يجب أن: 
١- التفكير النقدى الذى يمحص الأمور قبل أن يقبلها أو يرفضها ويحلل كل ما يسمعه من معلومات. 
٢- عدم التصديق إلا بوجود البراهين الواضحة المؤكدة التى يقتنع بها العقل.
٣- عدم التسرع فى سرد الوقائع قبل التأكد من صحتها.