البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

نجيب محفوظ.. من "الشقاوة" إلى العالمية!

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

تحل اليوم 30 أغسطس ذكرى رحيل أحد أعلام الأدب العربي العالمي نجيب محفوظ الذي رحل عن عالمنا عن عمر يناهز 95 عامًا في عام 2006.
نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا ولد في 11 ديسمبر 1911 بميدان بيت القاضي بحي الجمالية بالقاهرة، وأمضى في هذا الحي طفولته، واستلهم منه أركان رواياته التي كتبها فصعد معها إلى آفاق الأدب الإنساني.
تنحدر أسرة نجيب محفوظ من مدينة رشيد، وكان جده قد نزح إلى القاهرة ولقب "بالسبيلجى" لأنه يملك سبيلا يشرب منه عابرو السبيل، وهو أول عربي حائز على جائزة نوبل في الأدب، كتب نجيب محفوظ منذ بداية الأربعينيات واستمر حتى 2004. 
تدور أحداث جميع رواياته في مصر، وتظهر فيها الحارة التي تعادل العالم، يُصنف أدبه باعتباره أدبًا واقعيًا، ويعد أكثر أديب عربي حولت أعماله إلى السينما والتليفزيون.
سُمي نجيب محفوظ باسمٍ مركب تقديرًا من والده عبد العزيز إبراهيم للطبيب المعروف نجيب باشا محفوظ الذي أشرف على ولادته التي كانت متعسرة.
يصف نجيب والدته بأنها: "سيدة أمية لا تقرأ ولا تكتب، ومع ذلك كانت مخزنا للثقافة الشعبية، وكانت تعشق سيدنا الحسين وتزوره باستمرار، والغريب أن والدتي أيضا كانت دائمة التردد على المتحف المصري، وتحب قضاء أغلب الوقت في حجرة المومياوات.. ثم إنها كانت بنفس الحماس تذهب لزيارة الآثار القبطية خاصة دير "مار جرجس، وكنت عندما أسألها عن حبها للحسين و"مار جرجس" في نفس الوقت تقول "كلهم بركة" وتعتبرهم "سلسلة واحدة"" وتأثر محفوظ بهذا التسامح الجميل فبرأيه الشعب المصري لم يعرف التعصب، وهذه هي روح الإسلام الحقيقية". 
أديب نوبل طفل شقي بامتياز، كان يجري مع أصدقائه وراء عربات الرش، وكان يحب اللهو مع الكتاكيت والدجاج فوق سطوح منزلهم، والكتكوت الذي لا يتحرك يظنه ميتا ويلقيه من فوق السطوح، حتى ألقى بـ40 كتكوت من فوق السطح، وكان عاشقا للسينما منذ سن الخامسة وكانت "القوة" الطريقة الوحيدة لإخراجه منها، وللتخلص من "شقاوته" أرسله أبيه إلى الكتاب، وهو ما رفضه محفوظ الذي يفضل اللهو واللعب على كل شيء.
وكان محفوظ أضعف أطفال الكتاب في حفظ القرآن، وكان يقرأ اللوح ثلاثين مرة، فيشعر أنه في حاجة ليقرأه ثلاثين مرة أخرى لكى يحفظه، كما كان محفوظ أضعفهم بنية، حيث يروي: "كانت عظامي كالشماعة، وجلدى معلق فوقها كالرداء وكان يخطف زملائه منى "ربع رطل الحلاوة" التى تلفه لى أمى كل صباح، ويلقون بقشر البيض المسلوق في وجهي، وكانت بطلة المعارك في خطف الطعام طفلة تدعى "عيشة" وإذا حاول أحد الاقتراب منها تنشب معركة حقيقية.. وكان يهرب منها محفوظ بالارتماء على "الحصير" ولف نفسه بها حتى تتحول لـ"حصنه الحصين".
وفى مدرسة "البراموني الأولية" تعلم محفوظ "سيرة العفاريت"، والتي كان يتحدث عنها مدرس العربى لحصص بأكملها، وكانت لا تخرج أبدا من ظهر الأرض إلا إذا سرق أحدهم الطباشير أو نسى الواجب.. ويقول محفوظ كنت أغنى وأنا صغير أغنية فيها اسم "زرمبيحة" فطلب الجيران من أمي أن توقفني عن ذلك وإلا ظهرت لنا العفريتة "زرمبيحة"!
أما عن حلم الطفولة فيحكي محفوظ في سيرته التي دونها إبراهيم عبد العزيز في كتابه "أنا نجيب محفوظ" أنه كان يحلم بأن يكون "سائقا للترام"، لأنه كان شيئا عجيبا بالنسبة له وهو صغير وكان الناس يدعون الترام بـ "العفريت".
ويقر محفوظ أنه كان فى صغره "بليدا" كارها للدراسة، فكانت بالنسبة له البعبع التى تسرق أجمل لحظات حياته وبداية لعصر الإرهاب بالنسبة له، فكان لا يقوم بواجباته حتى يضرب، حتى جاء يوم ومرض فيه، فتغيرت معاملة الأسرة لتصبح أكثر رقة ولطفًا وأغرقوه بالهدايا، وبعد أن شفي أراد لتلك المعاملة الطيبة أن تستمر ومن وقتها أصبح مجتهدا فى الدراسة.
ثالثة ابتدائي كانت بداية حب محفوظ للأدب حين أعطاه صديق "رواية بوليسية"، ومن هذا اليوم لم يتوقف أديبنا الصغير عن القراءة، فكانت القراءة تسليته الوحيدة لعدم امتلاك أسرته لتليفزيون.
كان لمحفوظ في صغره أربع هوايات: "لعب الكرة في الشارع، وسماع أغاني سيد درويش ومنيرة المهدية، وسلامة حجازي، وقراءة كل ما كتب".
كان نجيب محفوظ يعشق كرة القدم وزاولها لمدة عشر سنوات ولم يأخذه منها سوى الأدب، وأول ما جذب محفوظ للكرة عندما فاز الفريق المصري على الإنجليزي، وكان يعتقد أن الإنجليز لا ينهزمون، ليكتشف أن الكرة هي الشيء الوحيد الذى نستطيع ضربهم فيه دون أن يتمكنوا من ضربنا، فكنا بالكرة نجابهم بلا خوف وننتصر عليهم.
في أكتوبر 1995 طُعن نجيب محفوظ في عنقه على يد شابين قررا اغتياله لاتهامه بالكفر والخروج عن الملة بسبب روايته "اولاد حارتنا"، أُعدم الشابان المشتركان في محاولة الاغتيال رغم تعليقه بأنه غير حاقدٍ على من حاول قتله، وأنه يتمنى لو أنه لم يُعدما، تُوفي نجيب محفوظ في 30 أغسطس 2006 إثر مشكلات صحية في الرئة والكلى.