البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

شاهد.. منزل نجيب محفوظ.. "الرواية الأخيرة"

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

أبواب مغلقة بعدما كانت تطل على الحياة وتنتظر إشراقة كل صباح جديد، وبعد أن كان السرور يكمن في ذلك المنزل، حل محله الهدوء والعتمة، وصفوه الجيران بطيبة القلب، وكان بمثابة الأب الروحي بالنسبة لهم، إنه الروائي المصري الشهير، الذي حاز على جائزة نوبل في الأدب، "نجيب محفوظ"، والذي رحل عن عالمنا في أغسطس عام 2006، بعد صراع مع المرض.

في العجوزة، وبجوار مستشفى الشرطة، الذي تُوفي به "نجيب محفوظ"، توجد العمارة التي كان يقطن بها، وفي إطار مبادرة وزارة الثقافة بوضع لافتات على منازل المبدعين، تم تعليق لافتة على مدخل العمارة، كتب عليها: "هنا عاش الروائي نجيب محفوظ"، حيث كان يعيش في الطابق الأرضي هو وزوجته "عطية عبدالله"، وكريمتاه "أم كلثوم وفاتن"، ولكن أصبح ذلك المنزل لا حياة فيه بعد رحيل محفوظ وزوجته، ومؤخرًا رحلت ابنته "فاتن" عن عمر ناهز 60 عامًا، بعد صراع مع المرض، لتبقى "أم كلثوم" وحيدة بعدما فارقها أحباؤها منتظرة لقاءهم.

تلجراف عزاء يثبت تقصير المثقفين مع أسرة نجيب محفوظ
ما أن تدخل إلى العمارة حتى تجد باب الشقة التي كان يسكن فيها نجيب محفوظ موصدًا، وصندوق البريد الخاص به مازال كما هو، وأكياس من "الشيح" معلقة على الأبواب، لمنع جلب الحشرات إلى المنزل، والجديد والمثير للاهتمام وجود كارت موضوع بباب الشقة، عليه الغبار، ومن الواضح أنه موجود منذ فترة طويلة، وذلك الكارت للكاتب الدكتور زكي سالم، أحد أعضاء فريق حرافيش نجيب محفوظ، وكتب عليه: "البقاء الله.. أتصل بكم كثيرا.. وسأتصل.. نحن مقصرون".

الأديب العالمي.. الأب الروحي لجيرانه في حي العجوزة
وقال "الحاج عاشور"، مالك كشك، ومن أهالي المنطقة: "ذكرياتي مع نجيب محفوظ من الستينيات، وهو رجل طيب ومثقف، وقمة في الاحترام، وعلى الرغم أنه كان روائيا كبيرا إلا أنه عمره ما تكبر على أهل منطقته، وكان يتعامل معنا بتواضع"، لافتا إلى أنه كانت لديه عادة بشكل يومي وهو أن يخرج من منزله في الصباح الباكر، ويتجه إلى الكورنيش، قائلا: "كان متعود كل يوم الصبح، يخرج ويتمشى على الكورنيش وبعدها يرجع العصر للبيت تاني".
وأضاف: "نجيب محفوظ من الكتاب المتواضعين، كان دايما بيقعد معايا ويمشي يسلم على الناس، وكان بيشتري أي حاجة يحتاجها من الكشك"، مشيرا إلى أنه كانت عادته يوميا هي المشي على الكورنيش، والذهاب إلى المكتبة ثم العودة إلى منزله في نهاية اليوم، واصفا إياه بأنه "ثروة قومية".
من محاولة الاغتيال للوفاة.. رحلة نجيب محفوظ الأخيرة
وتابع "عاشور"، أنه عندما تعرض لمحاولة اغتيال في 1995 من الجماعات الإرهابية بسبب رواياته، كان حينها يستقل سيارته ومتوقف بها عند الكورنيش، وقام أحد الإرهابيين بطعنه في رقبته، ونقل على الفور إلى مستشفى الشرطة، قائلا: "كلنا كنا زعلانين عليه وخايفين يحصله حاجة".
وأشار إلى أنه بعد وفاة محفوظ أصبح المنزل كالعتمة، لا حركة ولا صوت، "بعد وفاته بفترة، توفيت زوجته، وبناته عاشوا مع نفسهم ملهمش علاقة بحد، كانوا انطوائيين، ومن قريب سمعنا ان بنته فاطمة توفيت، ومنعرفش إن كانت أم كلثوم عايشة في البيت ولا لأ".

عم جمال بائع التين الشوكي.. حرفوش محفوظ المنسي
أما عم جمال، بائع التين الشوكي، يقول إنه يتواجد في هذه المنطقة لبيع التين منذ الثمانينيات، ويروي ذكرياته مع الراحل نجيب محفوظ: "كان رجل محترم ومفيش حد في أخلاقه، وكانت كل الناس بتحبه، كان متعود يوميا يخرج من بيته الساعة 5 الصبح يتمشي على الكورنيش وكوبري قصر النيل، ويروح شغله، وبعدها يرجع بيته الساعة 5 العصر".
ووصف نجيب محفوظ بأنه مثال في التواضع والرقي، ولم يتعال في يوم على أحد: "كان بيقدر الصغير والكبير، وبيسلم على الناس والجيران بكل محبة، مهما قولت وحاولت أوصف مش هقدر أعطيه حقه".
وأشار "جمال" إلى أن منزله كان مفتوحا للجميع، وكان الكثير من الكتاب يحضرون إليه، والطلبة يزورونه ليستفيدوا منه ومن خبراته، لافتا إلى أنه عندما توفي كان الخبر كالصاعقة بالنسبة للجميع، وكانت جنازته مهيبة حضرها الجميع سواء الكاتب أو الجاهل، خاصة أنه كان محبوبا من قبل المواطنين.
وتابع: "كان على طول بيسلم عليا، ويسألني إن كنت محتاج أي حاجة، ويطمن عليا كل ما يشوفني، ويقولي لو احتاجت أي حاجة قولى ومتتكسفش".
وأوضح "جمال"، أن محفوظ قد تعرض للاغتيال في التسعينيات، وأنه بعدها قام الأمن بوضع الحواجز الحديدية على بلكونة منزله من الخارج كحماية له، فضلا عن أنه كانت توجد حراسة أمام منزله لتلبية كل احتياجاته، وظل الوضع بعد وفاته، لكن الآن لا يوجد أحد في المنزل الذي طالما كانت تملؤه المحبة.