البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

فرج فودة.. الفكر أقوى من الرصاص

فرج فودة
فرج فودة

اهتم بالكتابة عن الجماعات الجهادية التي انتشرت في التسعينيات، وهاجم سعيها للعمليات الإرهابية، تحت اسم "الجهاد في سبيل الله والفريضة الغائبة"، وكتب عنها "الحقيقية الغائبة"، وهو الكتاب الذي ناقش فيه تطويع النصوص القرآنية، من أجل نشر فكر الجهاد، لاستغلالها في أهدافهم السياسية، إنه المفكر المستنير الدكتور فرج فودة، الذي أعتبر البعض مناظرته الشهيرة مع نائب المرشد العام مأمون الهضيبي، كانت السبب الرئيسى في صدور فتوى بإغتياله.
ربط فرج فودة، بين العمليات الإرهابية واستقلال بعض الإمارات الإسلامية في عهد السادات، وبين تغول التيار الدينى النابع من جماعة الإخوان المسلمين، ومحاولة تمكين الفكر الدينى لمحو ثقافة المجتمع المصرى. وأثارت كتابات "فودة" جدلا واسعا بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين، واختلفت حولها الأراء وتضاربت وتصاعدت حتى بلغت حدًا كبيرًا من العنف أدى في النهاية الي اغتياله فقد كان يدعو إلى فصل الدين عن الدولة، ويرى أن تحكيم الشريعة من الرجعية لأن الزمن تغير، والأحوال تغيرت، وكان يدعو إلى أن تكون الدولة مدنية بعيدة عن الدين.
أندرجت أعمال فرج فودة وجهوده البحثية في إطار البحث العلمي الحديث عن فهم الاسلام بذاته وفك الارتباط بين السياسة الديمقراطية والتوظيف السلطوي لرجال الدين والدين نفسه، وكتابه "الحقيقة الغائبة" ليس كتابًا في التاريخ وإنما رؤية فكرية وسياسية تستند الى وقائع وحقائق التاريخ الإسلامي، وبمثابة رد على أولئك المتزمتين المتعصبين والمتشددين دينيًا، الذين يهربون من التوثيق والتأصيل ويحيكون المخططات الارهابية القمعية ويعملون على وأد واطفاء الكلمة المضيئة وخنق كل صوت إبداعي يعتبرونه صوتًا نشازًا في جوقتهم وإهدار دم المثقفين المتنورين والعقلانيين بذريعة وتهمة أنهم "كفار" و"ملحدون " و"معادون" للاسلام وخارجون على القوانين الالهية وفوق كل شيء.
هذا الكتاب هو جهد علمي جاد، واسهام فكري في تبرئة الاسلام ممن يحاولون توظيفه واستخدامه سياسيًا لخدمة أهداف سياسية هي في التحليل النهائي معاكسة لروح وجوهر الإسلام الحقيقي، اذ أن الاسلام يحفز الى التقدم وهؤلاء يدعون الى التخلف، والاسلام دين سماحة، وهؤلاء دعاة تعصب، والاسلام يكرّس الحوار والشورى، وهؤلاء يريدون فرض أرائهم بالإكراه والعنف والارهاب، منوّها الى أن الانسان سيظل هو الانسان لا عاصم له من خطته الا أنه يسمع بجدية وتنزّه رأي الاخرين فيه.
حاول فرج فودة تأسيس حزب بإسم "حزب المستقبل" وكان ينتظر الموافقة من لجنة شئون الأحزاب التابعة لمجلش الشوري المصري ووقتها كانت ما تسمى بجبهة علماء الأزهر تشن هجوما كبيرا عليه، وطالبت تلك اللجنة لجنة شئون الأحزاب بعدم الترخيص لحزبه، بل وأصدرت تلك الجبهة في 1992 "بجريدة النور" بيانًا "بكفر" الكاتب المصري فرج فودة ووجوب قتله.
استقال فرج فودة من حزب الوفد الجديد، وذلك لرفضه تحالف الحزب مع جماعة الإخوان المسلمين لخوض إنتخابات مجلس الشعب المصري العام 1984. أسس الجمعية المصرية للتنوير في شارع أسماء فهمي بمصر الجديدة، وهي التي اغتيل أمامها في مثل هذا اليوم من عام 1992.