البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الأزمة الإخوانية بالأزهر تاريخية

عبدالغني هندي عضو "الشئون الإسلامية" في حواره لـ"البوابة نيوز": "كبار العلماء" يغلب عليها الطابع الإخواني.. وفشلنا في تجديد الخطاب الديني لأننا لم نتفق على مصطلح واضح له

عبدالغنى هندى عضو
عبدالغنى هندى عضو "الشئون الإسلامية"

«الأعلى للشئون الإسلامية» يحتاج إلى إعادة هيكلة لتفعيل دوره 
قانون الأزهر ينبغى أن يحدث من الداخل.. أزمة «أبوهاشم» تنم عن جهل بالمؤسسية 
أكد عبدالغنى هندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن هناك حالة من التخبط تعيشها المؤسسات العلمية فى مصر، والمسئولة عن تجديد الخطاب الدينى، أهمها عدم قيامها بتحديد مفهوم التجديد قبل البدء فيه، لافتًا إلى أن هناك غيرة تحكم أعمال تلك المؤسسات جعلتها تقلد بعضها البعض، وتتخلى عن القيام بمهامهما الرئيسية.
ولفت «هندى» فى حواره لـ«البوابة» إلى أن إسلام بحيرى لم يواجه بخطاب يحول دون ممارساته، وأنه ينبغى أن يواجه بقانون الحض على الكراهية، مشددًا على أن هناك حلولا لأزمة جامعة الأزهر تتضمن احترام المؤسسية والقانون.
■ فى البداية.. حدثنا عن رؤيتك لوضع الخطاب الدينى بعد أكثر من ٣ أعوام؟
- أحب أن أشير إلى أنه حتى وقتنا هذا، لا يوجد تعريف محدد لما يعرف إعلاميا بتجديد الخطاب الدينى، كما أنه من المفترض ألا يكون لدينا مصطلح المؤسسة الدينية، فنحن لدينا مؤسسات لنشر الدعوة أو العلوم الإسلامية واللفظ الذى نسمعه من المفترض ألا يطلق إلا على الكنيسة فقط لأنها ذات طابع كهنوتى، بينما مؤسسات الأزهر والإفتاء والأوقاف هى مؤسسات تعليمية هدفها نشر وتعليم وإفتاء بالعلوم الإسلامية، وهذه المؤسسات ذات منهجية واحدة هى منهجية الأزهر القائمة على الحداثة وعدم غلق الاجتهاد، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام منها نشر الدعوة وإدارة مال الوقف، وهو دور وزارة الأوقاف، والتعليم وهو دور الأزهر سواء الجامعى أو ما قبله، والإفتاء وهو الدور الذى تؤديه الدار، والقانون عرف الأزهر بأنه هيئة علمية قائمة على حفظ التراث.
■ لماذا لا نشعر بقدرة الأزهر على التجديد؟
- القائمون على الأزهر هم سبب الأزمة، لأن صدرهم ضيق بالنقد، ولم يقبلوا الآخر، كما أن الشعور بعدم قدرة الأزهر على التجديد تأتى من عدم وضوح الرؤية، فالخطاب الدينى يقوم على بديهيات منها تجديد الخطاب والشكل والآليات، وتقديم اللغة السهلة البسيطة التى من خلالها يمكن الوصول إلى المتلقى، وعدم توفيق الأزهر يأتى لكونه لم يستطع تحديد محدد معرفى للتجديد، ونحن حتى الآن لم نعرف المقصود منه رغم مرور ٣ سنوات ونصف السنة، وكان على الأزهر أن يقوم أولًا بالتعريف، وتحديد ما سيقوم به، وهو إلى الآن لا يملك استراتيجية، فخرج التجديد حائرًا بين ثلاث جهات، أزهر، أوقاف، وإفتاء، ووجدنا حالات أشبه بالغيرة وبات هناك تقليد دون إيمان بأهمية التكامل وأنهم جميعًا مؤسسات واحدة تابعة للأزهر.
■ إذًا، هل تتفق مع الوجه القائل بالصراع بين تلك المؤسسات؟
- ليس هناك صراع، بل لدينا عدم وجود احترام للأدوار، فهناك ٣ أدوار تقوم بها مؤسسات متخصصة، دور افتائى لدار الإفتاء، ودعوة يقوم بها وزير الأوقاف، وتعليم من اختصاص المشيخة، وهناك محيطون بشيخ الأزهر جعلوه يريد تحقيق كامل الأدوار دون أن ينشغل بالدور المخول له فيما يتعلق بمسألة التعليم، وفى السابق قام الأزهر بأدوار عدة، وكان ممثلًا للمصريين فى البرلمان فى عهد الملك ورقيبا على أموال الوقف، وتوزعت قياداته بين مناصب عدة، لكن الوقت الحالى لم يعد بمقدوره أن يقوم بتلك الأدوار جميعها وفق القانون الذى يحدد لكل مؤسسة ما ينبغى أن تؤديه.
■ ماذا عن تعديل قانون الأزهر والذى رفضه البرلمان؟
- كل تعديلات القوانين اجتهادات جيدة، لكن الأزهر بحاجة لقانون واحد، يتضمن أنه يقوم على ٣ أذرع أو ٤ منها الأوقاف، والإفتاء، والهيئة، يشرف عليها ويتابع مهامها، ونحن نريد تعديل قانون الأزهر، لكننا نريد أن يقوم الأزهر من داخله بعرض التعديل فالقانون الحالى تم ترقيعه أكثر من مرة منها عام ٢٠١٢، فعلينا على سبيل المثال النظر للتعليم ما قبل الجامعى، فلماذا ينبغى على جميع الطلاب دخول الثانوية ومن ثم الجامعة دون تصنيف للقدرات؟، حيث أصبح هناك ضعف متراكم، كما أن هناك إشكالية فى التمويل فالميزانية تعادل ربع الميزانية المقررة للتربية والتعليم وهى أشياء ينبغى الالتفات إليها، أما عن التعديل من خارج الأزهر فقد يتسبب فيما قام به «أبوحامد»، من مطالبة بإلغاء المعاهد وغيره، ومن ثم ينبغى استغلال الخلاف القائم فى الجامعة من أجل بلورة حركة إصلاحية فى الأزهر فلسنا أمام خلاف على منصب فقط، لكننا أما عدم احترام للقانون أو المنهجية.
■ هل التعديل يشمل كبار العلماء؟
- هيئة كبار العلماء أنشئت فى ظرف صعب، قام خلاله الدكتور حسن الشافعى بترشيح الأسماء خلال هيمنة جماعة الإخوان، وتم فرض محمد عمارة ومحمد أبوموسى وحسن الشافعى وجميعهم من الإخوان، كما أن عددها لم يكتمل، والمحيطون بالشيخ أشاروا بعدم اكتمالها للحفاظ على استمرار المنصب، كما أن التشكيل نفسه لم يكن من خلال العرض على لجان، فغلب عليها طابع شخصى وإرضاء لجماعة الإخوان.
■ ماذا عن أزمة التسلل الإخوانى داخل المؤسسة؟ 
- مشكلة الإخوان تاريخية، فقد أراد الرئيس الراحل محمد أنور السادات أن يقضى على الشيوعية فاستعان بهم، ما جعل الأمر كارثيا فى الأزهر تحديدًا، وعلينا أن نعمل على إعادة ترتيب الأوراق وتنقيتها، فالمشيخة بها عناصر إخوانية منهم من قال بولاية مرسى، وهناك عضو بتأسيسية الإخوان ولا يزال، ومن يقوم بتحقيق التراث ويحمل عديدا من علامات الاستفهام، والشيخ صامت لا يتحدث، كما أن قاعدة الاختيار مضروبة.
بينما فى الجامعة، هناك ٦٣٣٠ معيدا تم تعيينهم فى عهد الدكتور عصام شرف، ونائبه محمد البلتاجى وإزاحتهم الآن بيد شيخ الأزهر وبإمكانه أن يشكل لجنة لمراجعتهم، كما يجب أن نتنبه إلى أن آخر رئيس اتحاد طلاب كان إخوانيًا وهو أحمد البقرى، وعلينا أن نقوم بمبادرة اجتماعية لمتفوقى كليات الأزهر تتضمن تنظيف المعابد وغيرها من الأمور التى من شأنها تجاوز أزمة الأصنام وهدمها، وتصحيح فكرة لطالما انتشرت.
■ لماذا يعترض البعض على وجود الدكتور «المحرصاوى» قائمًا بأعمال الجامعة؟
- وجه الاعتراض، أن هناك قانونا يكفل للدكتور أبو هاشم باعتباره أقدم النواب أن يكون هو المرشح، لكن هناك البعض ممن يحاولون السيطرة على المشهد من خلال التدخل فى أعمال المركز الإعلامى، والمرصد، وتعيين العمداء، وغيرها من الأمور، وينبغى أن تتم محاسبته على ما أحدثه من شرخ داخل جامعة هى أعرق الجامعات فى العالم وفق مبدأ الثواب والعقاب.
■ برأيك، الأزمة فى جامعة الأزهر كيف يمكن تجاوزها؟
- هناك حلان لتجاوز الأمر أولهما حل مؤسسى له علاقة باحترام المؤسسية فى مجلس الجامعة، بحيث يرشح ٣ أسماء أو اسمين لتولى منصب رئيس الجامعة أو أعمال القائم برئاستها، وإما أن يكون الحل القانونى باحترام النص الموجود فى القانون، وفى رأيى أن ما حدث لم يحترم التدرج الوظيفى والعلمى ولم يراع المؤسسية أو القانون، فجأة قرار نزل دون الحديث عن استقالة أحمد حسنى، وهناك تخبط واضح، ما بين استقالته وإقالته، ولو فرضا عدّل أبوهاشم عن قراره، هناك مشكلة ومن تسبب بها يجب أن يحاسب، وأول إنسان هو المسئول القانونى، ويجب بناء عليها أن يخرج ويقول إنه لدينا سياسة ثواب وعقاب.
■ ماذا عن ضعف سيطرة الأوقاف على مساجدها؟
- لا ننكر أن وزارة الأوقاف قامت بدور كبير للسيطرة علي المساجد، ولكنه غير كاف، فالأمر يحتاج إلى جانب تشريعى، يتمثل فى منع الجمعيات الشرعية، وتجريم القيام بها، كما ينبغى العمل على حل مشكلة الأئمة ونقص أعدادهم مقارنة بأعداد المساجد وحلها مرتبط بالعلاقة مع جامعة الأزهر، فبالإمكان أن يكون هناك تكليف لطلاب الفرق النهائية بالكليات الشرعية، فهناك إهمال للجزء العملى وعلينا أن ندرك خطورته.
■ ماذا عن دور هيئة الأوقاف؟
- وزارة الأوقاف لا بد أن تراعى مسألة مال الوقف، فالهيئة رغم ما يقدمه المهندس إبراهيم محلب، إلا أنها تتطلب دورًا أسرع فى استثمار مالها.
■ هل المجلس الأعلى للشئون الإسلامية مقصر فى دوره؟
- المجلس يجب أن يلعب دورًا فى المحتوى الرقمى الدينى، وعلينا أن يتسع صدرنا للنقد والعمل على تطبيقه، وأن ننتقد أنفسنا نقدًا ذاتيًا، وأن نعمل على التطوير، فالمجلس يحتاج إلى إعادة هيكلة فى مسألة الحضور وتشكيل الفكر.
■ برأيك.. هل يمكن التعويل على الدكتور أسامة الأزهرى باعتباره مستشارًا للرئيس فى تجاوز الأزمات؟
- الدكتور أسامة الأزهرى لا ينبغى تحميله فوق طاقته، كى لا نعاقب أنفسنا، فهو مكسب وعلينا أن ندعمه، وأن نتأكد بأن التجربة هى ما ستصقله، والانتظار ضرورة، لأنه مستقبل المؤسسة فى التعبير عنها.
■ لماذا تتهم المناهج الأزهرية بالتطرف؟
- لأنها الوسيط الوحيد بين الأزهر والمجتمع، وهو المنهج الوحيد الموجود فى البلد، وهذا على غير الحقيقة، واذا لم أواجه التطرف بالمناهج الأزهرية، فبأى المنهج يمكن أن أواجه؟، لكن علينا أن نفرق بين المنهجية الثابتة التى تقوم على التعددية، ولا يمكن التخلى عن أحد المذاهب، أو الوسطية، أو تصحيح المفاهيم، بينما المناهج يمكن تجاوزها كل يوم من خلال استخدام مصطلحات وألفاظ تناسب العصر الذى نحياه.
■ هل يمكن بإيجاز تلخيص تحديات الخطاب الديني؟
- أزمتنا هى حلول خطاب الأزهر المعتدل، محل خطاب الجماعات، وهى أزمة تواجه مشكلة التمويل فهى صناعة شاقة جدًا، كما ينبغى رسم استراتيجية بالمعنى الشامل منها علاقة الأزهر بالدولة، الكنيسة، العالم الخارجى، علاقته بالمنظمات الإسلامية، علاقته بالداخل، وأن تتضمن الوضوح، وأن يضع استراتيجية لكى يوضح الأمر أمامه فيما يخص مراكز التعليم والمعاهد الأزهرية والمناهج والقائمين عليه وغيرهم، كل يقوم بدوره، فهى مؤسسة كبيرة جدًا ومن المختزل أن يتحكم فيه فرد أو اثنان.