البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

نوبة صحَيان حكومي.. رفع رسوم تصدير السكر لـ3 آلاف جنيه.. حزمة قرارات للمجموعة الاقتصادية لـ"حلو الشعب".. إحصائية: نصدر بـ1.8 مليار جنيه ونستورد بـ2.8 مليار سنويًّا.. خبراء: خطوة مهمة على الطريق

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

فجأة دق جرس الحكومة يعلن نوبة صحيان، المجموعة الاقتصادية قررت الدفاع عن السكر "حلو الشعب" برفع رسوم تصديره لـ3 آلاف جنيه، إحصائية رسمية تقول إن مصر تصدِّر بـ1.8 مليار جنيه، وتستورد بـ2.8 مليار جنيه سنويًّا.. وماذا يعني القرار؟ خبراء قالوا يعني الكثير ويشدد على التعامل مع أعراض مشكلة نقص السكر وليس جوهرها، لكنهم عادوا يقولون: "خطوة على الطريق بالاهتمام بالمواطن ومزاج المواطن وسكر الشعب". 



كان المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، قد أصدر قبل ساعات قرارًا بفرض رسمٍ قدره 3 آلاف جنيه لصالح خزينة الدولة على كل طن سكر يتم تصديره للخارج. يأتي هذا القرار فى ظل وجود عجز بالفجوة الغذائية بمصر، حيث يتم استهلاك 3.1 مليون طن سكر سنويًّا ننتج منها محليًّا 2.2 مليون طن، ونستورد 900 ألف طن، فى الوقت الذى يقوم فيه التجار بتصدير ما يقارب المليون طن سنويًّا بدلًا من بيعها فى السوق المحلية.


وكشفت إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بداية هذا العام، جاء بها أن صادرات مصر من السكر وصلت إلى مليار و800 مليون جنيه و398 ألف جنيه فى عشرة شهور فقط من يناير وحتى أكتوبر عام 2016، بينما واردات مصر من السكر فى نفس الفترة بلغت 2 مليار و800 مليون و151 ألف جنيه.



وفى تصريحات لوزير التموين الأسبق خالد حنفى نهاية عام 2014 كشف فيها أن الحكومة ستفتح أسواقًا جديدة لتصدير 850 ألف طن سكر إلى دول أفريقية.
وفى بيان صادر عن وزارة الزراعة نهاية عام 2016 جاء به أن مصر تنتج 2.2 مليون طن من السكر سنويًّا، فيما يبلغ الاستهلاك المحلى 3.1 مليون طن سنويًّا، وهذا يعنى وجود فجوة فى الاستهلاك تُقدر بـ900 ألف طن يتم استيرادها من الخارج.


فيما يظل السؤال المطروح: ماذا نجني من هذا القرار ؟ هل سيحد من تصدير السكر ويسمح بسد حاجة الأسواق منه ويقلل من استهلاك الدولار فى استيراد 900 الف طن سنويا ؟.. ويرد الدكتور وليد جاب الله، الباحث والخبير الاقتصادي، أن رسوم التصدير على السكر بدأت برسم قدره 900 جنية للطن ثم ارتفعت لتصل إلى 2000 جنيه للطن بموجب القرار الوزاري رقم 1324 لسنة 2016 وكان من الطبيعي أن تتم مراجعة مقدار هذا الرسم بعد تحرير سعر الصرف وانخفاض قيمة الجنية المصري، فصدر قرار وزير التجارة والصناعة بفرض رسوم تصدير قدرها 3000 جنيه على كل طن مصدر، في محاولة لتحقيق التوازن في السوق المصرية مع زيادة الحافز التصديري، لارتفاع سعر السكر في السوق العالمية.
وأضاف أن البعض يطالب بمنع تصدير السكر بصورة كاملة، غير أن الواضح أن الحكومة تستخدم سلطتها في ضبط السوق بصورة تحقق الغرض ولا تتعارض مع التزاماتها الدولية في اتفاقيات حرية التجارة وهذا اتجاه محمود لكنه يتعامل مع أعراض المشكلة ولا يتعامل مع جوهرها المتمثل في ظاهرة أن مصر دولة مصدرة ومستوردة للسكر في الوقت نفسه. 
وتابع أن أساس هذه الظاهرة يرجع إلى انخفاض تكلفة إنتاج السكر المصري بسبب الدعم الحكومي لمستلزمات إنتاجه مثل دعم الأسمدة ودعم الطاقة وغيرها، وبالتالي يفضل التجار تصديره للاستفادة من ميزة ارتفاع السعر العالمي، ثم مع حدوث عجز بالسوق المحلية تضطر الحكومة للاستيراد بالسعر العالمي متحملة أعباء كبيرة لتوفيره باعتباره سلعة استراتيجية.
وأضاف جاب الله: نؤيد التدخل الحكومي بفرض رسم التصدير وندعو إلى عمل دراسة لتقدير قيمة الدعم الحكومي المقدم لكل طن سكر بحيث يصدر قرار دائم باسترداد الحكومة لذلك الدعم في حالة التصدير للخارج، وإلا تكون الحكومة بذلك تدعم مواطنين الدول الأخرى أو توجه الدعم لكبار المصدرين ثم تعود لتستورد بالسعر العالمي.

بينما أحمد الدريملى، الخبير القانونى، رأى أن زيادة الرسم حل صحيح لمنع تصدير السكر بالفعل، متسائلًا: كيف نكون نحن دولة مستوردة ومصدرة للسكر فى أن واحد وهذا قمة الإعجاب؟ مضيفًا أنه لا يجوز أن تقوم الحكومة بحظر تصدير السلع الغذائية كالسكر لأن هذا سيعرض مصر لعقاب من منظمة التجارة العالمية ولكن يمكن للحكومة أن ترفع الرسوم والتعريفة الجمركية وهذا حقها حتى تضيق على المصدرين الذين يصدرون ما يحتاجه السوق المحلية فى ظل استيرادنا نفس السلعة.



وقال محمد أبو الفتوح نعمة الله، مدير مركز وادى النيل للدراسات الاستراتيجية: الأصل فى الحكومات هو حماية حرية المنافسة وضبط الأسواق وحماية حقوق المستهلك والعمل على تعظيم استثمار الموارد وتخفيف أعباء المعيشة ويقاس نجاح الحكومات بقدرتها على ضبط الأسواق وتخفيض أعباء المعيشة وحماية المستهلك وتعظيم الرفاهية فى المجتمع. 
وتابع: اإذا نظرنا لمصر لوجدنا أننا مجتمع يعانى وجود فجوة غذائية مزمنة وتزايدًا مستمرًّا لأعباء المعيشة وشيوع الاحتكار والمضاربة بالأسواق وضاعف من ذلك تحرير سعر صرف الجنيه دون النظر لانخفاض مرونة الإنتاج فى الاقتصاد المصري وعدم قدرته على تلبية زيادة الطلب وخصوصا فى السلع الغذائية والاستهلاكية فى الاجل المنظور وهو ما ينعكس فى صورة ارتفاع ملحوظ فى أعباء المعيشة دون قدرة الاقتصاد على تعويض الزيادة فى الطلب لزيادة حجم الصادرات.
ولفت نعمة الله إلى أنه إذا كنا نستورد اكثر من نصف احتياجاتنا من السكر الخام والمكرر ونستورد اكثر من ثلثى احتياجاتنا الغذائية ويعانى اكثر من ثلثى المصريين من الفقر وسوء التغذية فلا يعقل أن نترك الأسواق دون حماية وخصوصًا إن كانت العديد من أوجه اختلال الهيكل الاقتصادي صناعة حكومية فنجد مثلا نحو ثلث قيمة الدواجن رسوم وجمارك وضرائب استهلاك ومثلها اللحوم والعديد من السلع الغذائية التى نستوردها فلا يعقل والأوضاع كذلك أن نصدر السكر لأننا نعفى السكر الخام من الجمارك والرسوم وتكلفة إنتاجه لدينا تزيد على الأسعار العالمية ونتيجة لخفض سعر صرف الجنيه انخفضت القيمة الحقيقية للأجور والطاقة وغيرها وهذا انخفاض اسمى غير حقيقي يدفع ثمنه فئات أخرى من المجتمع بينما يستفيد به المنتج بالإضافة لقيمة الرسوم والجمارك التى تم إعفاؤه منها لتوفير السلعة للمستهلك. 
وأوضح: سواء تم منع تصدير السكر او فرض رسوم تصدير مرتفعة على التصدير فـ"القرار" صائب لتخفيض الأسعار للمستهلك.