البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الخبير النفسي فؤاد الدواش لـ"البوابة نيوز": 13 مليون مصري يعانون من القلق والاكتئاب.. والنفاق السياسي أول الخطوات نحو جحيم الفساد.. انشطار الهوية الشخصية مرض العصر.. النساء سائدات في الزمن القادم

 الدكتور فؤاد محمد
الدكتور فؤاد محمد الدواش

كشف الخبير النفسي، الدكتور فؤاد محمد الدواش، عضو الجمعية المصرية للدراسات النفسية، عن أن نحو ١٣ مليون مواطن مصري، يعانون من القلق والاكتئاب، بسبب الظروف الاقتصادية والأزمات التي عانت منها مصر مؤخرًا، لاسيما بعد ثورة يناير ٢٠١١.
ويطالب طالدواش"، في حوار خاص مع "البوابة"، بإخضاع من يُرشَحون لتولى مناصب مهمة بالدولة، للكشف النفسي، وأن تجرى لهم اختبارات نفسية، لقياس قدرتهم على التفاعل مع الجمهور، بحكمة ووعى سياسي؛ مشيرًا إلى أن الخطأ من المسئول لا يُغتَفَر، لأنه يتعامل مع جمهور محبط ولديه مشاكل.
وأوضح الخبير النفسي، أن تنظيم "داعش" الإرهابي، مٌغَيب، ويساهم فى تشويه صورة الإسلام؛ وأن مثل هذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية، تعطي صورة سلبية عن الدين، في داخل البلاد وخارجها؛ معترفًا بأن "لدينا أزمة أخلاق، فضلًا عن أزمة فى الفهم السليم للدين، نظرًا لغياب الكثير من المعايير عن الناس، بفعل المصلحة والرغبة فى الانتفاع الوقتي".
عن أشهر الأمراض الاجتماعية والنفسية التي يعاني منها المصريون، في الفترة الأخيرة؟؛ قال "الدواش": «الإحصائيات صادمة، فنحو ١٣ مليون مواطن يعانون من القلق والاكتئاب، بسبب الظروف الاقتصادية والأزمات التي عانت منها مصر، لاسيما بعد الثورة، والتي كان لها دورٌ كبير في انتشار التوتر والقلق، والتوجس مما هو قادم، ومع تتابع الحكومات بأدائها غير الجيد، تصاعدت الأزمات، وظهرت على السطح، مما أدى لتزايد القلق والاكتئاب".
وأوضح أن انتشار ظاهرة الأسرة الضعيفة، أدى لتزايد حالات الطلاق، فبعدما كان الطلاق في السابق يتم بعد سنوات من الزواج، وكحلٍ أخيرٍ لاستحالة العيش بين الزوجين، أصبح يتم اليوم "على أهون سبب"، وبعد فترة قصيرة جدا من الزواج، قد لا تتجاوز الشهر أو الشهرين، مما أدى لبروز ظاهرة الأسرة ضعيفة الأداء.
وأرجع الخبير النفسي، هذه الظاهرة، إلى أن المقبلين على الزواج ليسوا مؤهلين للقيام بالواجبات والالتزامات المفروضة عليهم، كما أنهم فى الأساس لم يتعلموا معنى وقيمة الزواج، ومن ثم نشأ لديهم جهل شديد بهذه الحياة، وواجباتها، كأزواج وزوجات؛ مشيرًا إلى أن المقبلين على الزواج في حاجة ملحة لزيارة الطبيب النفسي، قبل الدخول إلى هذا العالم الجديد.
ويرى "الدواش"، أن "العاملين في كل الوظائف يحتاجون للجلوس مع معالج نفسي، كل فترة، لتفريغ ما لديها من أزمات، والعودة للعمل مجددًا بكفاءة ونشاط، وحتى لا يفرغ الشحنات السلبية في عمله أو بيته، وبالتالي تتفاقم الأزمة، وتتعاظم المشكلة".
النفاق السیاسي
وعن النفاق السياسي، ومدى تأثيره؛ يقول إن "النفاق السياس" هو ظهور طبقة أو فئة من المنتفعين، يتحزبون لمصالحهم طالما كانت مع الحاكم، بغض النظر عن مصلحة المجموع، وخطورته في أنه حلقة وسط تؤدي لحلقات أخرى أسوأ، بمعنى أن النفاق حلقة تؤدي للفساد والرشوة والمحسوبية، وصناعة فاسدين بمختلف الدرجات والألوان".
ويشير الخبير النفسي، إلى أن الحملات الرقابية للكشف عن الفساد، تعكس حالتين؛ أولاهما إيجابية، والأخرى سلبية، ففي "واقع الأمر هذه الحملات تعكس الحالتين، فقد يؤدي الكشف عن هذا الكم من الفساد لموجة من التشكك، إذا لم تتحسن حالة الناس، كما قد تؤدي لحالة من الطمأنينة إذا كان هناك أثر إيجابي وملموس، لما تم الكشف عنه من ثروات منهوبة".
ويوضح، أن مطالبته بإخضاع من يتولى منصبًا مهمًا بالدولة للكشف النفسي، "ليس بدعة مني، فالالتحاق بالكليات العسكرية يسبقه اختبارات نفسية، وكذا الكليات التطبيقية يسبقها اختبار قدرات، فما بالنا بوظيفة تمس حياة المواطنين، كالوزير مثلًا، والذي قد يطلق تصريحات مستفزة، أو غير مقبولة اجتماعيًا".
الإرهابي و"وهم الوحي"
وعن تحليله لشخصية الإرهابي، وتفسيره لمحاولات تصدير النموذج الداعشي إلى مصر؛ قال الخبير النفسي: "عملت فترة من الزمن على شخصية المتطرف، وأعتقد أن هذه الفئات لديها إيمان مشوه، وإحساس بأنهم مخاطبون بالوحي، بمعنى أنه عندما يقرأ آية يعتقد أن هذه الآية بمثابة تكليف له من الله، وأن الوحي يخاطبه هو!".
وأضاف "الدواش"، أن "كل التفسيرات تأتي بما يهوى ويحب، وليس كما يفرضه الواقع، أو فى السياق التاريخي والحقيقي للآية"؛ معتبرًا أن "تنظيم داعش الإرهابي مٌغَيب، وأنه يساهم في تشويه صورة الدين، وأن مثل هذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية، تعطي صورة سلبية عن الدين، في الداخل والخارج؛ لأنه يعتقد أن الله اختصه هو، دون غيره، بإنقاذ العالم وتطبيق الشريعة!".
وأشار إلى أنه "لا فرق بين الداعشي والنازي والفاشي، والذين لديهم أيديولوجيات متعصبة، لأن النازيين كانوا يقولوا نحن أسياد العالم، والداعشيون يرون أنهم الأفضل والأكثر إيمانًا، وجميعهم ينطبق عليهم المرض النفسي الذي يسمى بـ"الاضطراب المسىء النرجسي"، لكونه يمجد ويعظم نفسه، ويسىء للآخرين ويهددهم".
وقال إن "من نماذج الاضطراب أيضًا لديهم، ما يسمى جهاد النكاح، فمثلًا في الوقت الذي فيه يقاتل، وفي ظل الذبح والعنف الذى يمارسه، يقدم على الزواج بواحدة وثانية وثالثة، بحجة أنها تعينه على الجهاد!، ولا أدري أي لذة له في ظل هذه الأجواء، غير أنه هذا يعكس مرحلة متقدمة من النرجسية المسيئة".
وعما إذا كانت أكثر الحالات الطالبة للعلاج النفسي، من النساء أم الرجال؟؛ أجاب "الدواش"، بأنه "فى الغرب يلجأ للعلاج النفسي الأشخاص المميزون، لأنهم يدركون المفهوم الحقيقي للعلاج النفسي، بأنه ليس فقط الشفاء من الأمراض، وإنما أنه يعطي بعدًا ذاتيًا للشخصية، ويسهم في التبصير بالكثير من المشكلات"؛ كاشفًا عن أن "الأكثر طلبًا للعلاج النفسي هن النساء والفتيات، وهذا يثبت أن السيدات سيكنَّ أكثر مهارات في الفترة المقبلة، ولهذا فإنني أعتقد أن العقود المقبلة ستكون للنساء".
ضغوط نفسیة
ويرى عضو الجمعية المصرية للدراسات النفسية، أن السبب الرئيسي وراء زيادة معدلات الانتحار، يتركز في "فقدان المعنى"، و"غياب الرعاية"، بمعنى عدم وجود رؤية لدى هؤلاء الأطفال في التكيف، والتعامل مع ظروفهم وحياتهم، وبالتالي فإن الحل الأسهل مع اليأس هو الانتحار، وكمية الأسى وعدم التفهم داخل الأسرة قد يدفع لذلك". 
ويشير إلى أن "تكرار نصيحة الأم لابنها بالمذاكرة، كل دقيقة، يمثل ضغطًا نفسيًا بشكل كبير عليه، وقد لا يكون هذا هو السبب الرئيسى، لكن مع تزايد الضغوط والإحساس باليأس والوحدة والفشل، فإنه يلجأ إلى الانتحار للهروب من ضغوط الحياة، التى لا يمتلك لها حلولًا".
وينفى "الدواش" ما يردده البعض من أن الشعب المصري نكدى بطبعه، قائلًا: "أعتقد أن الشعب المصري ليس نكدي، ولكن يتم تنكيده لكي لا يفكر، والشعب حاليًا في حاجة حقيقية إلى من يحنو عليه، ويحسن من أحواله، ويعطيه أملا حقيقيا في المستقبل لأن التبشير بالعدمية والافتقار يؤدي لمزيد من الإحباط الذي يؤدي بالتبعية لفقدان الهمة وقلة الإنتاج ويزيد التخلف".
 ويتوقع الخبير النفسي، أن تشهد السنوات المقبلة أمراضًا نفسية متطورة، خاصة مرض ما يسمى انشطار "الهوية الشخصية"، وهي حالة تمزق داخلي تحدث داخل الشخصية بتخيل فيها أنى ٣ أو أربعة أشخاص في شخص واحد، وكان من ضمن الحالات العلاجية التي صادفتها حالة لسيدة قالت لي أنا أشعر بأني ثلاثة أشخاص.. أحدهما نائمة والأخرى تحاول توقظني وثالثة تنظر للاثنين وتسخر منهما، وأنها لا تستطيع الخروج من هذه الحالات الثلاث".
وقال "هذا نوصفه بأنه انشطار في الشخصية، فتجد شخصًا ما اليوم يمثل شخصية انتهازية، وبعد أسبوع متدين، وبعد فترة قليلة أخرى وصولي، فليس هناك هوية ثابتة له.