البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

جورج شاكر يكتب: القيامة عنوان الانتصار

جورج شاكر
جورج شاكر

ساعة الصليب ظنت قوى الشر في يومها أنها انتصرت على كل القيم الروحية، وكل المعاني الإنسانية، وقالوا وصلنا للنهاية، انتهت الرواية، تحققت الغاية، إنما سيدي أمات الموت بموته، إذ صارع الموت في عرينه فصرعه وأبطل قوته، ونزع شوكته، ونحن نرى أن القيامة بمثابة إنتصار على عدة أمور هامة نذكر منها الآتي: 
أولًا: القيامة انتصار الحياة على الموت 
نعم ! إن أعدى أعداء الإنسان هو الموت، إنه العدو الذي بسط سلطانه البغيض على الجميع، فامتدت قبضته الرهيبة إلى البشرية جمعاء على اختلاف أعمارها وأجناسها ومستوياتها، إنه ملك الأهوال، مجرد ذكر إسمه يزعج الإنسان، ويتصاغر أمامه الأبطال. 
لكن القيامة كانت إنتصار على الموت، فالسيد المسيح أمات الموت بموته، وقام ظافرًا منتصرًا هاتفًا " أين شوكتك يا موت ؟! معطيًا لنا حياة القيامة، التي لا تخشى الموت.
ثانيًا: القيامة إنتصار الحق على الباطل 
عندما تجسد المسيح أعلن لنا الحق، بل كان هو في ذاته الحق متجسدًا. ولكن وآسفاه قادة الدين مع كهنة ذلك الزمان، بالباطل حاكموه، وصلبوه، ودفنوه، ووضعوا الحجر الكبير على قبره وظنوا أنهم قد تخلصوا منه، واستراحوا من صوت طالما كان يوبخهم وينذرهم. 
ولكن في فجر الأحد قام المسيح، وبقيامته أعلن لنا أن الحق لا يموت، ولا يمكن أن يُقبر، وصوت الحق لا يمكن أن يخفت، وأن الحق أقوى من الباطل بما لا يقارن.
ثالثًا: القيامةإنتصار الحب على الكراهية 
إن القيامة هي إنتصار المحبة على الكراهية، وإنتصار الصفح والغفران على الحقد وحب الانتقام، وانتصار السلام على الحرب والخصام. 
فعندما تجسد الرب يسوع، تجسد الحب الإلهي، وقدم للعالم كله المحبة الإلهية، المحبة التي ليس لها مثيل أو نظير، ولو لم تكن هناك قيامة لكان معنى هذا أن كراهية الإنسان في النهاية هزمت محبة الله.
رابعًا: القيامة انتصار الخير على الشر 
عندما كان المسيح بالجسد على أرضنا، كان يجول يصنع خيرًا، كم من معجزات صنع، كم من أمراض شفى كم من دموع كفكف، كم من قيود حطم، كم من جياع أشبع، كم من متعبين أراح.
والسؤال هل يمكن أن تنهزم الحياة الحلوة الجميلة، المليئة بالخير والحب والعطاء أمام جحافل الشر والظلم والظلام ؟! وهل يمكن أن ينتصر القبح على الجمال؟! بالطبع لا وألف لا، فلقد قام المسيح من الأموات وأثبت للملا أن الخير حتى لو انهزم في جولة أو في جولتين، لكن النصر النهائي للخير على الشر، وللجمال على القبح، وللنور على الظلمة.
خامسًا: القيامة انتصار النور على الظلام 
الجدير بالذكر أن ريشة الوحي المقدس تصور لنا ساعة الصلب ساعة ظلام دامس، وهذا يعني إن لحظة موت المسيح كانت حدثًا تاريخيًا لم يحدث مثله من قبل ولن يحدث نظيره من بعد، فعند موته احتجبت الشمس.
نعم ! لقد خيم الظلام على الأرض، وكأن الطبيعة تتشح بالسواد في حزن عميق وهي تشاهد رب الطبيعة في آلام فوق حد التصور، وفي فجر الأحد قام نور العالم من الأموات، وأشرق شمس البر بنوره وضيائه على العالم الظالم والمظلم، فمن ذا الذي يستطيع أن يمنع الشمس من الشروق ؟!... وهل يمكن أن ينتصر الظلام على النور؟! إن قيامة المسيح أعلنت إنتصار النور على الظلام. 
ونحن نتابع الأحداث المؤلمة والمؤسفة التي مرت بها بلادنا العزيزة هذه الأيام عندما إمتدت يد الإرهاب الغاشم لتقتل أبرياء لا ذنب لهم في الكنيسة، وقيادات أمنية كانت تؤدي دورها الوطني، وقد أدانت الدنيا كلها هذا العمل الإجرامي والإرهابي الأثيم الغادر، فالحقيقة أنه لا يمكن لأية قوة على سطح الأرض مهما كانت أن تقترب من وحدة شعب مصر، فتلاحم الشعب المصري ووحدته حقيقة ساطعة كالشمس وراسخة كالجبال في وجدان كل إنسان منذ فجر التاريخ، فمصر كما يقال دولة صفرية لا تقبل القسمة، واستحالة أن تفرق بين شعبها، وعصية على أن تنحني أو تنكسر.
فنحن مصريون قبل الأديان، ومصريون بعد الأديان، ومصريون إلى آخر الزمان وأينما كنا في أي مكان.
ويأتي عيد القيامة ليؤكد لنا أن القيامة هي إنتصار الحياة على الموت... وإنتصار الحق على الباطل... وانتصار الحب على الكراهية... وإنتصار الخير على الشر... وإنتصار النور على الظلام... وإنتصار العدالة على الظلم، وهذا ما يملأ قلوبنا بالعزاء والرجاء، فحتى لو كان في العين دمعة على أحبائنا الذين انتقلوا للسماء لكن في القلب تعزية، وفي النفس رجاء... هو رجاء القيامة.