البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

في جلسة مرح مع صاحب "نكات".. الأديب الفلسطيني مازن معروف لـ "البوابة نيوز": الكتب في شوارع القاهرة تجاور الخبز.. "درويش" أشهر من طه محمد علي بسبب السلطة الفلسطينية

الأديب الفلسطيني
الأديب الفلسطيني مازن معروف

- النشاط الثقافي بمصر متسع وقصص إبراهيم أصلان أحببتني بها
- خدش الحياء تسبب في منع "نكات للمسلحين" من معرض الكويت للكتاب
- القضية الفلسطينية صعبت مهمة الأدباء.. وتهم التطبيع موضوع شائك
- المواجهة بالسلاح لاتتناسب مع تعقيد القضية الفلسطينية
- أنا لست فلسطينيا مئة بالمئة وأعتز بذكرياتي مع بيروت
- السخرية طالت "الجرذان التي لحست أذني بطل الكارتيه"
- الكوميكس آخر صيحات الإبداع.. وأسلوبي في السرد متطرف


كان ظهوره الأبرز في نهاية هذا العام 2016 عندما حصد جائزة كبرى في القصة القصيرة دشنتها الكويت للمرة الأولى؛ كان الوسط الثقافي المصري يتابع فعاليات المسابقة عن كسب؛ حيث أن كاتبًا مصريا كان من ضمن المتنافسين على الجائزة؛ ترقبوا إعلان اسمه على اعتبار أن الكتاب المصريين عادة ما يستفتحون أية جائزة تدشن للمرة الأولى؛ لكن المفاجأة قد حدثت بإعلان اسم مجموعة قصصية لكاتب فلسطيني شاب؛ سرعان ما لجأ البعض لمحركات البحث على شبكة الإنترنت وكتابة اسم الفائز ليعرفون من هو وما طبيعة تلك المجوعة القصصية التي حصدت جائزة بهذا الحجم؛ لكن الأديب الفلسطيني مازن معروف لم يمهلهم فترة البحث كثيرًا حتى تفاجئوا بقدومه للقاهرة وتنظيم حفل توقيع ومناقشة بمجموعته القصصية "نكات للمسلحين" الفائزة بجائزة ملتقى الكويت بالإضافة إلى الإعلان عن رغبته بالاستقرار في القاهرة؛ التقته "البوابة نيوز" وجها لوجه خلال الحفل لتفهم منه الكثير عن طبيعة مجموعته القصصية وحياته كأديب؛ فيقول عن نكات للمسلحين "أردت بها أن أصفي حسابًا مع الذاكرة" ويضيف "حاولت في كتابتي للمجموعة تناول الحرب بطريقة مختلفة عن الأشكال الاعتيادية لسرد الحروب والمأسي، وكان هدفي الأول من كتابتها تصفية ذاكرة الطفل الذي بداخلي" متابعا " كتبتها في أيسلندا وتقدم للجائزة بضغط من دار "رياض الريس" الناشرة للمجموعة فلم أكن أنتوي الترشح للجائزة".
ولد معروف في فلسطين بمدينة رام الله ثم انتقل للإقامة في مدينة بيروت اللبنانية، ولم يتمكن من رؤية فلسطين مرة أخرى؛ فقد عاش ذلك الشاعر والقاص الفلسطيني صاحب مجموعة "نكات للمسلحين" الصادرة عن دار رياض الريس، التي حصلت على جائزة الملتقي للقصة القصيرة التي تمنحها الجامعة الامريكية بالكويت، حياته منذ أن كان طفلًا بمخيمات الفلسطنيين ببيروت، فهرب من موطنه حيث الاحتلال الإسرائيلي إلى حروب أهلية بموطنه الثاني بيروت، ولكنه رغم ذلك يقول:"أنني أشعر بالإنتماء إلى بيروت أكثر من رام الله، فأنا لم أر فلسطين مرة آخرى".
أثارت المجموعة القصصية دهشة الكثيرين ممن اعتبروها رواية لارتباط وتسلسل أحداثها التي تتناول الحرب، وليست مجموعة قصصية ولكنه رغم ذلك، يرى أن الكاتب لاينبغي أن يضع عوائق أمام ما يريد أن يكتبه فيقول "أن القصص فن نفتقده في العالم العربي، والإعلام هو من منح الرواية كل هذا المجد" ورغم ذلك فلمازن معروف وجهة نظر خاصة في السرد فيقول عنها "إنها قد تكون متطرفة بعض الشئ، فأنا لا أميل إلى الأساليب الكلاسيكية في السرد، وإن كانت تمثل نوعا من أنواع الدعم للسرد، حيث أن الكاتب ينطلق من أرضية، فما نراه اليوم كلاسيكيا كان يعتبر حداثيا وثوريا في عصره، وإن كنت أحترم مثل هذه الأنواع إلا أنني أعتبرها مبتذلة ومكررة، وبالتالي لا أشعر بلالتزام الأخلاقي تجاه الكاتب أو الكتاب، فإذا لم يرق لي كتاب لا أستطيع أن أكمله؛ فقرأت لدرويش ولنجيب محفوظ وآخرين ولكن في هذا الوقت أرتبط بأشكال أخرى من الفنون تعتبر اليوم حداثية مثل الكوميكس".
رغم ما عاشه معروف من حروب واعتداءات إلا أنه تعامل من خلال مجموعته مع السلطة والسلاح بشكل ساخر؛ فيعقب على ذلك قائلًا: "المجموعة ليست ساخرة بشكل كامل، وإن كانت السخرية تحتل مواضع فيها، فأنا أرى أن السخرية تخاطب ذكاء الإنسان وليس عاطفته، والسخرية تختلف عن الاستهزاء والتسفيه، فالسخرية في رأيي بمثابة طوق النجاة وليس فقط شكل من أشكال المقاومة والمصريين على سبيل المثال ينجون من أزماتهم بالسخرية منها".
يفجر معروف مفاجأة بأن مجموعة "نكات المسلحين" التى فازت بجائزة الملتقى للقصة القصيرة بالكويت، منعت من معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الماضية، حيث الرقابة المتشددة التى رأت أن المجموعة تحتوي على ألفاظ جريئة وخادشة للحياء.
يتنقل معروف، بين العاصمة اللبنانية بيروت حيث يعيش، وبين أوروبا، إلا أنه يرتبط ارتباط وثيقا بالقاهرة منذ قرأ عنها في الأدب المصري ولا سيما أدب إبراهيم أصلان الذي يرتبط به كثيرا فيقول عنها:"إنها مدينة نشيطة، ولدي أنبهار كبير بها وبالحالة الثقافية فيها، ففي القاهرة عزاء لي ككاتب حيث يتواجد بها نشاط ثقافي كبير ومتعدد من ترجمة، وتأليف، وهناك اعتبار خاص للكتاب حيث أراه في الشوارع إلى جانب الخبز، والطعام، فضلًا على جهود البعض لمحاولة قرصنة الكتب وإن كنت أرفض هذا الأمر إلا أني أرى اعتبار كبير للكتاب في القاهرة".
لم يرى معروف قسوة الإحتلال ولكنه عان منذ أن كان طفلًا ويلات الحرب الأهلية بلبنان، ولم ينسى القضية الفلسطينينة رغم ذلك فيقول "أحاول أكون أمينا مع نفسي بألا أحمل شعارات كبيرة، فلا أستطيع أن أتنكر لذاتي الفردية كشخص عاش يوميات في بيروت، فإلى أين أذهب بهذا الحمل؟!، هل أتخلى عنه لمجرد أني ولدت خارج فلسطين؟!، أنا لست فلسطينيا مئة بالمائة وهذه حقيقة يجب أن أعترف بها".
يقع الكاتب الفلسطيني بين مطرقة الاحتلال وسندان التطبيع؛ يعقب على هذه المقولة قائلا:"المجتمع الفلسطيني في الداخل يعيش تحت أزمة كبيرة، أزمة احتلال وأزمة سلطة وأزمة الحصار وغيرها، الكاتب مطالب بأن يكتب تحت كل هذه الظروف، وهو أمر صعب للغاية ولكن أرى أن القضية الفلسطينية قضية معقدة جدا وفي رأيي أنها لاتحتمل هذه القراءة الواحدة، وهي قراءة المواجهة بالسلاح وإفناء الآخر لأنه هناك قيمة كبيرة للإنسان مهما يكن، وأنا لا أحكم المجتمعات بشكل عام أو أنمطها وبالتالي علينا أن نعيد قراءة التاريخ الفلسطيني من جديد، فانا لا أري من الأدب سوى كونه أدب وقد نختلف حول هذا الأمر أما التطبيع واتهامات الكتاب بذلك فهذا موضوع سياسي شائك ولست مختصًا بهذا الأمر".
وعمن يمثلون المشهد الثقافي الفلسطيني يقول:" بالتاكيد أن محمود درويش شاعر حقيقي وشاعر ذكي جدا، وخرج من الشعر الخطابي إلى الشعر الرمزي، وتنقل ما بين القضية الفلسطينة إلى رمزية لها علاقة بالأسطورة والحياة، والتاريخ وجدلية الأرض والهوية، ولكن هناك شعراء آخرين مثل طه محمد علي وهو شاعر كبير وأصيل، ويكتب من مساحة مختلفة جدا ولم يكن شاعرًا مقربًا من السلطة وبالتالي لم تكن له شهرة محمود درويش، ولذا لم يعرفه العالم إلا مؤخرا وتحديدا بعد وفاته، الأسماء التي تمثل المشهد الثقافي في فلسطين بينهم بالتأكيد أسماء كبيرة، ولكن هناك تحفظات على أسماء آخرين أيضا.
بعد "نكات للمسلحين" صدر لمازن معروف مجموعة أخرى بعنوان "الجرذان التي لحست أذني بطل الكاراتيه"، يعاود معروف خلالها الكرة مرة جديدة بخلق عوالم غريبة، لكنها وإن كانت من نسج خيال الكاتب، تلامس الوقائع التي يعيشها الناس، من خلال الحس الفني الساخر، الذي يرسم رغم سخريته خيطا رفيعا يصل عميقا إلى وجدان القارئ بلغة بسيطة، محكمة، وسرد شيق، وبخفة العارف الخبيرِ التي تميز أعمال معروف، التي سبق وصدرت؛ حيث صدر له من قبل في الشعر "كأن حزننا خبز" و"الكاميرا لا تلتقط العصافير" و"ملاك على حبل الغسيل" وفي القصة القصيرة "نكات للمسلحين"، التي نافست وفازت بالدورة الأولى من جائزة الكويت لملتقى القصة القصيرة.