البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

دراسة إسرائيلية: "السيسي" كسر قيود احتكار أمريكا للسلاح المصري

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

نشر معهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى دراسة من عشر صفحات بعنوان «مصر تعيد تسليحها» فى ملحق «التقدير الاستراتيجي» الصادر عن المعهد، تناول فيه الباحثان «يفتاح شابير» و«كاشيش باربياني» معلومات بالغة الدقة والأهمية عن التسليح المصري.
بدأت الدراسة بمقدمة عن تاريخ التسليح المصري، فقالت إنه بين عامى ١٩٤٨ و٢٠١٥، قدمت الولايات المتحدة لمصر ما يقرب من ٧٦ مليار دولار من المساعدات الخارجية، بما فى ذلك ١.٣ مليار دولار سنويًا فى شكل مساعدات عسكرية منذ معاهدة السلام عام ١٩٧٩ بين إسرائيل ومصر فى إطار الدعم المالى الأمريكى للسلام بين إسرائيل وجيرانها.
وأشارت الدراسة إلى التقرير الصادر عام ٢٠٠٦ من مكتب المحاسبة الحكومى الأمريكى (جاو)، والذى ورد فيه أن نسبة الأسلحة الأمريكية قد بلغت ٨٠٪ من أسلحة الجيش المصري.
فيما ورد فى تقرير مركز أبحاث الكونجرس الصادر عام ٢٠١٣ أن المساعدات العسكرية الأمريكية شكلت ثلث ميزانية تسليح الجيش المصرى، حيث شملت الصفقات الطائرات المقاتلة إف ١٦ ومروحيات الهجوم الأباتشى بالإضافة إلى دبابات القتال التى يتم تجميعها فى مصر.
واستطردت الدراسة أن مصر بدأت برنامج إعادة تسليح واسعة النطاق فى أواخر عام ٢٠١٢، وذلك بعد تعيين عبدالفتاح السيسى وزيرًا للدفاع؛ فبعد شهر واحد من تعيينه أعلنت مصر شراء غواصتين من ألمانيا.
وفى يوليو ٢٠١٣، وهو ما دفع الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى تجميد دفعات توريد أى مساعدات عسكرية تعبيرا عن عدم الرضا عن الوضع السياسى فى مصر.
ومنذ تولى السيسى السلطة، وتحديدا منذ بدية عام ٢٠١٥، كثفت مصر برنامجها لإعادة تسليح نفسها بشكل واسع النطاق فى كسر غير مسبوق للعلاقات العسكرية التقليدية مع الولايات المتحدة، حيث بدأت تعتمد على مصادر أخرى للأسلحة الأخرى، مثل فرنسا وروسيا، لتعويضها عن الاعتماد على الولايات المتحدة.

مصر وأمريكا
تطرقت الدراسة إلى أن العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، والتى وصفتها بأنها كانت مزدهرة فى فترة رئاسة مرسى، وانخفضت بعد الإطاحة به، فيما حاولت إدارة أوباما الحفاظ على العلاقة مع النظام المصرى الجديد، إلا أنها وضعت صفقات السلاح الجارية رهن الانتظار.
وتحت ضغط من وزارة الدفاع الأمريكية، التى شهدت لمصر كشريك مهم فى المنطقة، رفعت الإدارة تدريجيًا الحظر وساعدت محادثات بين مصر وروسيا بالتأكيد فى دفع هذا التغيير.
من جانب آخر شعرت إسرائيل بالقلق من أن الحملة التى شنتها القوات المسلحة المصرية ضد التنظيمات الإرهابية فى سيناء، لم تتم دون مساعدة الولايات المتحدة، وبنهاية عام ٢٠١٥، كان جميع صفقات الأسلحة الأمريكية التى تم وقف تنفيذها تم الإفراج عنها، فحصلت مصر على طائرات هليكوبتر هجومية أباتشى وطائرات إف ١٦ والمضادة للسفن هاربون صواريخ. وبالإضافة إلى ذلك، مشروع لتجميع دبابات القتال الرئيسية.
فيما بدا أن الولايات المتحدة تستعد للحفاظ على التزامها بمنح مصر ١.٣ مليار دولار سنويًا كمساعدات عسكرية.

صفقات مع روسيا وفرنسا
انتقلت الدراسة للحديث عن الاتصالات المصرية مع روسيا وفرنسا وعقد الصفقات العسكرية معهما، فقالت الدراسة إنه فى فبراير ٢٠١٤، اختار السيسى روسيا كوجهة له فى أول زيارة له لدولة غير عربية منذ توليه الحكم، فى ضوء الزيارة، اندلعت تكهنات بشأن صفقات محتملة لشراء أسلحة من روسيا بـ٢ مليار دولار.
فيما لاقت زيارته ترحيبًا كبيرًا لتنويع موارد التسليح المصرى داخل مصر خاصة بعد نشر التفاصيل للجمهور، ورغم ذلك لم تتم معرفة على ماذا تم الاتفاق بخلاف شراء مصر مقاتلات من طراز ميج ٢٩، وأنظمة بعيدة وطائرات مضادة للصواريخ الباليستية، ونحو ٥٠ مروحية هجومية كا-٥٢، واثنين من طرّادات الصواريخ R-٣٢ من البحرية الروسية.
وصلت لأول مرة فى شهر أغسطس عام ٢٠١٥، والثانية فى يونيو ٢٠١٦.
وفضلًا عن ذلك فاجأ السيسى العالم ببعض صفقات سلاح كبيرة جدا التى وقعت على غير العادة فى مثل هذا النوع من الصفقات بسرعة، بما فى ذلك: فى مارس ٢٠١٤، عقد صفقة بأربعة طرادات من طراز Gowind-٢٥٠٠ وثلاثة طرادات سيتم بناؤها فى مصر اعتبارا من أغسطس ٢٠١٦، وكانت سفينتان بالفعل تحت البناء، واحدة فى فرنسا وواحدة فى مصر.
وفى فبراير ٢٠١٥ أعلنت مصر وفرنسا مزيدا من الصفقات شملت ٢٤ طائرة مقاتلة من طراز رافال، جنبا إلى جنب مع تسليح مطرقة الذخائر الموجهة بدقة وصواريخ ميكا «جو-جو»، وفضلا عن ٣ صواريخ مضادة للسفن إكسوسيت وكذلك ١٥ من صواريخ سام. هذه الصفقة تم التفاوض عليها وتنفيذها بسرعة غير عادية.
وفى أكتوبر عام ٢٠١٥، أعلنت مصر وفرنسا أن مصر ستشترى اثنتين من سفن الميسترال الهجوم البرمائية، بقيمة ٩٥٠ مليون يورو.
هذه السفن كانت ستشتريها روسيا من فرنسا، لكن تم إلغاء الصفقة فى أعقاب المشاركة الروسية فى أوكرانيا. فيما وافقت روسيا على نقل بعض معدات القيادة والسيطرة الروسية المثبتة مسبقًا على السفن إلى مصر، وبيع نحو ٥٠ طائرة كا-٥٢ وهى طائرات هليكوبتر، كما تم تزويد الميسترال بسفن وطائرات إنزال. وفى إبريل ٢٠١٦ أعلنت مصر وفرنسا اتفاقا آخر لقمر صناعى للاتصالات وأربع سفن مقاتلة أخرى، وهما طرادات Gowind-٢٥٠٠، واثنتان من سفن دوريات البحرية، وأفيد أن مصر ستشترى ١٢ طائرة نقل إيرباص A-٤٠٠.

أزمات اقتصادية
وبعد استعراض الدراسة للتسليح المصري، رأت الدراسة أن هذا التسليح غير المسبوق فى الآونة الأخيرة لا يهدف إلى معالجة حالة ملحة أو عاجلة، أو لمواجهة التهديدات التى تتعرض لها مصر، وإنما لإرسال رسالة لحليفها التقليدي، الولايات المتحدة الأمريكية، وتساءلت الدراسة: كيف ستغطى مصر هذه التكاليف الباهظة واقتصادها ليس فى أفضل حالة منذ بداية الاضطرابات فى عام ٢٠١١؟ أجابت الدراسة أن هناك مصدرًا معروفًا للتمويل وهو دول الخليج.

تسليح غير مسبوق لمصر
تساءلت الدراسة: كيف يمكن تفسير الإجراءات المصرية الأخيرة؟ هل التهديدات التى تتعرض لها مصر على جبهات مختلفة مبرر لهذا التسليح؟، فمثلًا مصر تواجه حربًا عنيفة مع الإرهابيين فى سيناء ولديها بعض الخلافات مع السودان، وهناك مسلحون على حدودها مع ليبيا، فهل هذه الظروف مبرر لهذه الأسلحة الكبيرة والمتنوعة، أم الهدف هو إرسال رسالة ما للولايات المتحدة؟.
رأت الدراسة أن كل هؤلاء الخصوم ليس لديهم جيش قوي، وبالتالى لا تحتاج هذه التهديدات إلى هذا العدد من الطائرات المقاتلة المتطورة. فلماذا ستة طرادات جديدة وسفينتا هجوم برمائيتان مصممتان لمسافات طويلة ويملك مثلهما عدد قليل جدًا من القوات البحرية فى العالم؟.
وأوضحت الدراسة أن التهديدات التى تواجه مصر، لم تمنع تل أبيب من التفكير بريبة فى الأغراض الحقيقية للتسليح المصري، الذى إذا تم النظر إليه فى سياق أكبر، فيمكن اعتبار أن السيسى يريد لمصر أن تستأنف وضعها السابق باعتبارها قوة إقليمية فى الشرق الأوسط، مع القدرة على بسط سلطتها فى جميع أنحاء شرق البحر الأبيض المتوسط، والشرق الأوسط، وإفريقيا، فشراء أسلحة جديدة سيمكن مصر من استعراض قوتها العسكرية فى جميع أنحاء المنطقة.
فمجرد إمكانية إرسال قوة مسلحة بدبابات ويرافقها مروحيات هجومية إلى مضيق باب المندب أو حتى لإيران سيعطى مصر مكانة قوية فى المنطقة.
وخلصت الدراسة إلى أن هناك آثارًا كبيرة على إسرائيل. فخلال عقود حافظت مصر علي التزاماتها بموجب اتفاق السلام مع إسرائيل.
وعلاوة على ذلك، منذ تولى السيسى السلطة فى مصر، والعلاقات الثنائية فضلا عن مستوى التعاون قد تحسنت إلى حد كبير.
وأشار الباحثان إلى أن إعادة تسليح مصر الآن، لا يجب أن يقلق إسرائيل فى المدى القريب. ومع ذلك، فإن إعادة تسليح مصر وسعيها لتصبح إقليمية يجب أن ينظر إليه من قبل تل أبيب بعناية.
فقبل كل شيء، الجيش الإسرائيلى لا يمكنه تجنب رؤية هذا التسليح باعتباره تهديدًا محتملًا، فالتسليح المصرى بالطائرات الحديثة مثل رافال وطراز ميج ٢٩ سوف يؤدى إلى تآكل التفوق النوعى لإسرائيل، حتى بعد تسليح إسرائيل بطائرات إف ٣٥ فسيظل هناك تفوق فى البحرية المائية المصرية، وهو ما دعا رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى إتمام صفقة الغواصات الجديدة من واقع القلق العسكرى لإسرائيل؛ فالتسليح البحرى المصرى يمكن أن يؤثر على حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلى.