البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

أصابع قطر تلعب بمستقبل الرئيس الفرنسي


فى مدينة الحريات باريس تجد كل شيء تقريبا، الكنائس العتيقة وأجراسها وزوارها، تقابل أمامها المسلمين يعبرون الشارع بجلبابهم وذقنهم وزبيبة الصلاة وأيضا الحجاب بالنسبة للنساء، تجد فرق الغناء والرقص والألعاب فى أحد الطرقات، وفى الطريق المقابل تجذبك أصوات مظاهرة كبرى لقبيلة «الأورمو» الإثيوبية يصرخون قهرا وظلما ويرفعون ملابس ملطخة بالدماء من جراء الجرائم التى ترتكب بحقهم.
تستمع لعازف جيتار شاب يعزف على أحد الجسور أمام كاتدرائية النوتردام، وآخر عجوز يعزف أمام متحف اللوفر وينتظران ما يجود به المستمعون من نقود قليلة، وتشاهد أثرياء العرب ببذخهم ينفقون فى شارع الشانزليزيه، وتقرأ فى الصحف خبر سرقة ٧ ملايين يورو من كيم كاردشيان وهى تتجول فى نفس الشارع الأكثر شهرة فى العاصمة الفرنسية. 
1- 
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية ترى الجيش وما زال يؤمن الشوارع والمتنزهات والمناطق المهمة والتاريخية، وتشعر ببعض الجدية والترقب فى ظل أجواء الانتخابات الوشيكة والتى أعلن الرئيس السابق «نيكولا ساركوزي» خوضها، كما يوجد مرشحون محتملون آخرون أيضا سوف يخوضون الانتخابات منهم «مارى لوبان» زعيمة حزب الجبهة الوطنية الفرنسى الذى يمثل أقصى اليمين فى فرنسا، والمعروف عنها عداؤها الشديد للإسلاميين والمهاجرين، وأنها تريد ترحيل جميع المهاجرين من الأراضى الفرنسية، وطبعا الرئيس الحالى «فرانسوا هولاند».
هناك فى باريس علمت من بعض الفرنسيين والمصريين أن فرصة «لوبان» ليست قليلة، وخاصة مع ارتفاع حجم العمليات الإرهابية فى الشهور الأخيرة، ومنها حادث «نيس» الذى وقع أثناء الاحتفال بالعيد الوطنى فى يوليو الماضي، وعلى ما يبدو أن المرأة التى تحلم برئاسة فرنسا تستغل الفرصة التى أهداها إليها الإرهابيون ببراعة، للترويج لأفكارها بضرورة طرد المهاجرين من أصول عربية وخاصة المسلمين، بعد أن ثبت أن الجناة فى كل الحوادث الإرهابية التى وقعت على مدار العامين السابقين فى فرنسا فرنسيون من أصول عربية مسلمة ممن يطلق عليهم «الجيل الثاني».
2- 
يبدو أن «لساركوزي» أيضا فرصة جديدة لاعتلاء العرش الفرنسى من جديد، وخاصة بعد إخفاق «هولاند» فى القضاء على البطالة والحالة الاقتصادية المتدهورة فى فرنسا وإن كان وفاء «هولاند» بوعده بإقرار قانون زواج الشواذ ومحاباة الإسلاميين فى فرنسا قد تنفعه فى وقت الشدة، بينما دعم دولة «قطر» للرئيس السابق قد يقلل من فرص نجاحه امام «هولاند»، وهو الأمر الذى أصبح مزعجا للغاية للشعب الفرنسى بعد أن أصبحت «قطر»، التى لا تمتلك أى تاريخ أو حضارة أو ثقل ثقافى، ولم تكن يوما دولة رائدة فى المنطقة العربية -وهنا أتكلم بلسان الفرنسيين- تشترى البعض من كبرى الفنادق المعروفة فى فرنسا والمصانع والصحف الكبرى ومحطات التليفزيون، فقد أصبحت تسيطر على نسبة كبيرة من الإعلام الفرنسي، وكذلك النوادى الرياضية الشهيرة مثل «باريس سان جيرمان»، كما أنها أصبحت تستولى حتى على بعض البنايات فى الشوارع الرئيسية، والضواحى الشهيرة فى باريس والمدن الفرنسية فى الجنوب.
منافسو «ساركوزي» يروجون لعلاقته القوية بأمير قطر الحالى «تميم» وكذلك السابق حمد، وأنه يذهب إلى «قطر» شهريا لإلقاء محاضرة مقابل ١٥٠ ألف يورو نظير المرة الواحدة، غير مساعدة الأمير السابق له فى دفع المبلغ الذى حكمت به المحكمة لطليقته وكان ٣ ملايين يورو، أى أن «قطر» تسيطر تماما على المرشح المحتمل، وبلغة المصريين «كاسرة عينيه»، وهو ما يدركه الفرنسيون تماما الآن، وفى حالة فوزه بالرئاسة فإن الدولة العربية الصغيرة قد تتمادى أكثر فى السيطرة على فرنسا، ليس فقط عن طريق الإعلام والاقتصاد ولكن أيضا عن طريق مراكز الحكم واتخاذ القرار، وهو ما قد يؤثر سلبا أيضا على علاقة مصر بفرنسا والتى شهدت ازدهارا ملحوظا فى عهد «هولاند»، وقد يحدث العكس تماما إذا حدث وفاز «نيكولا ساركوزي» حليف قطر بالرئاسة.
3- 
فى باريس من نفس الأسبوع كانت السفيرة «مشيرة خطاب» مرشحة مصر لمنصب «مدير عام منظمة اليونسكو» متواجدة للترويج لحملتها والتقت كبار المسئولين الفرنسيين وكذلك المثقفين والصحفيين كما التقت أعضاء المجلس التنفيذى لليونسكو، وقد أقامت السفارة المصرية فى باريس حفلا ترويجيا لدعم ترشحها للمنصب وأقيم فى منزل السفير المصرى «إيهاب بدوي» والذى بذل مجهودا كبيرا فى دعم السفيرة من خلال ترتيب عقد لقاءات لها مع المسئولين والمثقفين فى باريس، والذين كانوا أيضا من ضمن ضيوف الحفل بجانب ممثلى عدد من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، وحضر الحفل أيضا الدكتور «أشرف الشيحي» وزير التعليم العالى وهو أيضا رئيس الوفد الاستشارى لدعم السفيرة مشيرة خطاب، والسفير «نهاد عبداللطيف» مدير الحملة الانتخابية، بالإضافة إلى بعض السفراء والدبلوماسيين العرب والأجانب فى فرنسا والسفراء الدائمين لدى اليونسكو.
أثناء الحفل قالت السفيرة إن خبرتها الدبلوماسية وعملها خبيرة لدى الأمم المتحدة، وعملها سفيرة فى بعض البلدان أثناء مرورها بتحولات مهمة مثل جمهوريتى «التشيك وسلوفاكيا» و«جنوب إفريقيا»، هى دعائم رؤيتها التى وضعتها من أجل مستقبل اليونسكو، وتحدثت عن خبرتها الميدانية على مدار ١٥ عاما لخدمة الفئات المهمشة فى المجتمع، من خلال توليها منصب وزيرة الدولة للأسرة والسكان، وعملها خبيرة بإحدى لجان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، غير نجاحها فى التصدى لظاهرة ختان الإناث، وعملها فى مجالات خاصة بالتعليم ومكافحة العنف ضد المرأة ومشكلات الإنترنت مكنتها من جمع خبرات متنوعة، تساعدها فى إنجاز مهام اليونسكو، وخاصة أن المنظمة أصبحت من أهم منظمات الأمم المتحدة وبالتحديد فى هذا الوقت الذى تواجه فيه البشرية التطرف والإرهاب. 
فى لقاء جانبى مع مشيرة خطاب قالت إنها ترى أن ضعف التعليم فى مصر سبب كل المشاكل، وأنها كثيرا ما كانت تتحدث مع الرئيس الأسبق «مبارك» أثناء توليه السلطة عن ضرورة الاهتمام بالتعليم، ولأن ذلك لم يحدث حصدت مصر سنوات من الجهل كانت سببا كبيرا فيما آلت إليه الأمور فيما بعد، وأن التعليم فى مصر يجب أن يكون على قمة الأولويات.
يذكر أن المنافس الأقوى أمام السفيرة «مشيرة خطاب» على هذا المنصب مرشح دولة «قطر» الدكتور «حمد بن عبدالعزيز الكواري»، وهو يشغل منصب وزير الثقافة منذ ٢٠٠٨، وسبق أن كان سفيرا لبلاده فى عدد من الدول الغربية ومنها باريس، وأيضا كان الممثل الدائم لقطر لدى اليونسكو، وقد حصل على تزكية مجلس التعاون الخليجى، كما أنه أيضا يقوم بجولات كثيرة عبر العالم للحصول على الدعم، وتتنافس أيضا على نفس المنصب اللبنانية «فيرا الخوري»، ويقول المراقبون إن العرب يفتتون أصواتهم هكذا ما قد يؤثر سلبا على فرصتهم.