البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

«البوابة» تفتح الذى يزعج الجميع الآن

بيزنس الحمير المذبوحة في مصر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

خيط رفيع ذلك الذى يفصل بين المعلومة والأسطورة فى هذا الملف الشائك، إذ يمثل الخوض فيه دربا من السفر نحو المجهول، ففى ظل السرية التامة التى يفرضها عليه جميع المشاركين فيه، حلت الشائعات مكان الحقيقة، وليست كثرة المعلومات التى يتناقلها الناس دليلاً على صدقها.. هذا ما أثبتته قضية ذبح الحمير التى تسارعت وتيرتها بصورة ضخمة خلال الأشهر الأخيرة، حيث لم يكد أسبوع يمر إلا ويتم العثور على كميات من الحمير المذبوحة سواء ملقاة على الترع أو فى داخل الغرف المُغلقة. 
لم تكن عمليات ذبح الحمير تتم فى السابق بالشكل الكثيف الذى شهدته ولا تزال مصر تشهده خلال الأيام الماضية، حتى إن صورة لسيارة نقل تقل عددا من رءوس الحمير كانت كافية لأن يتداولها رواد مواقع التواصل على أنها فى طريقها للذبح، كما لم تكن عمليات الذبح تتم عبثًا أو لمجرد بيع لحومها، كما يتوقع الكثيرون، لكن القضية أكبر من ذلك وكان الرابط فى حوادث الحمير المذبوحة هو العثور عليها «مسلوخة» منزوعة من جلودها. 
تكرار الحوادث المتعلقة بذبح الحمير كان كافيا لطرح العديد من الأسئلة حول القضية التى باتت تؤرق الكثيرين، وبداية الخيط الذى أمسكنا به بحثا عن الحقيقة كانت من الإحصائية التى كشفها لنا هشام جزر نائب رئيس المجلس التصديرى للجلود والذى قال إن هناك ما يقرب من 120 ألف جلد حمار يتم تهريبها سنويًا، بما يعنى أنه يتم ذبح كل هذه الكمية سنويًا، وذلك مقارنة بحجم المسموح بتصديره والبالغ 8 آلاف قطعة جلد حمار سنويًا فقط، وبسبب هذا التهريب، يخسر الاقتصاد المصرى نحو 5.6 مليون دولار. العديد من التساؤلات أثارتها هذه الإحصائية وكانت أكثر إلحاحًا ويدور معظمها حول استخدامات جلود الحمير، واهتمام شركة صينية عالمية بهذا النوع من الجلود، وحقيقة استخراج منشطات جنسية منها، ثم ما الذى يدفع بعض الصينيين للقدوم للعمل كسماسرة فى مجال تهريب هذا النوع من الجلود إلى بلادهم وهى التساؤلات التى سعينا للإجابة عنها فى التحقيق التالى. 


احتكار ذبح الحمير
فى البداية حاولنا الوصول إلى تقدير بإجمالى عدد رؤوس الحمير التى تملكها مصر، ولم يكن الحصول على هذه المعلومة سهلا رغم بساطتها، إذ واجهنا إحصائيات متضاربة فى هذا الشأن، ففى حين تقول الفاو «منظمة الأغذية والزراعة» إن مصر تملك ٣ ملايين حمار؛ تؤكد إحصائية جهاز التعبئة والإحصاء أن ما تملكه مصر لا يتجاوز ٥.١ مليون حمار فقط.
علمنا أن الجهة الوحيدة المُرخص لها إعدام الحمير فى مصر بحسب الدكتور حامد عبدالدايم المتحدث باسم وزارة الزراعة هى حديقة الحيوان، وذلك تنفيذا للقانون رقم ٨٩، لعام ١٩٨٨، كما أنه لا يوجد مجزر خاص بذبح الحمير إلا فى حديقة الحيوان فقط، كما أنه لا يجوز ذبح أى حمار إلا تحت رقابة الطب البيطرى أو المديريات التابعة لها فى المحافظات، لافتًا إلى ضرورة تحرير محضر إثبات بعملية الذبح والتخلص من المخلفات عن طريق المحرقة أو الدفن الصحى. 
تفرض المافيا التى تتولى عمليات الذبح سياجا من السرية التامة على عملها ليس فقط لمخالفته القانون، وإنما خوفا من غضب الجيران والمعارف كون أكل لحم الحمير محرما شرعا، وعندما حاولنا الوصول إلى أى منهم لم يدلنا عليهم أحد، غير أن مسئولى شعبة القصابين قالوا لنا إن من يقوم بعمليات الذبح مواطنون غير متخصصى فى الذبح فالعملية تتم بعشوائية ودون اتباع الإجراءات الصحية والخاصة بسلامة الذبيحة وصحة الجزار. 
ومن جانبه، يقول هيثم عبدالباسط، نائب رئيس شعبة القصابين، إنه لا يوجد مجزر خاص بالجزارين الذين يقومون بذبح الحمير، لافتًا إلى أن عدم وجود تصاريح لممتهنى عمل الجزارة فى مصر من الأصل، كما أن هذه العشوائية هى التى ساعدت على خلق سوق سوداء يستغلها بعضهم فى ذبح الحمير، إضافة إلى عدم وجود جهة رقابية تقوم بالتفتيش على الجزارين إلا مباحث التموين، بحسب عبدالباسط، ويطالب نائب شعبة القصابين بإنشاء مجزر خاص لذبح الحمير، على أن يكون تابعًا لوزارة الزراعة وهيئة الخدمات البيطرية لحل مشكلة الذبح العشوائى. 
ويؤكد جلال عثمان مدير السيرك القومى، أن السيرك لا يملك حق ذبح الحمير، لافتًا إلى امتلاكهم برنامجًا لإطعام الحيوانات المفترسة، يقوم على التعاقد مع المدرب على رعاية الحيوان وإطعامه وعلاجه وخلافه، على أن يقوم السيرك بدفع تكاليف ذلك، ويضيف: السيرك لا يمتلك حميرا، ولا يبُرم عقودًا مع الموردين، لافتًا إلى أن ذبح الحمير كان يتم فى حديقة الحيوانات وفق لجان متخصصة. 
وفى نفس السياق، يقول أحمد مرسى صاحب شركة الحجاز، وهى الوكيل الوحيد للشركة الصينية DONG E E JIAO Com. Ltd المُصدرة للجلود، إنه بهذه الأعداد، فإن هناك نحو ١٠٠ ألف حمار يموت سنويًا دون الاستفادة منها، خاصة أن أعمار الحمير فى مصر لا تتجاوز الـ ١٠ - ١٣ سنة مقارنة بمتوسط الأعمار حول العالم «٢٣ سنة» وذلك بسبب البيئة المصرية.


سماسرة التهريب
يقول مرسى: إنه خلال الأشهر الأخيرة عُثر على حمير مذبوحة ملقاة على حواف المصارف والترع، خاصة فى محافظات الفيوم والبحيرة والدقهلية، إلا أن الرابط بين كل هذه الحوادث هو «العثور على الحمير مسلوخة من الجلد»، ويوضح أن المشكلة الأساسية تكمن فى أن عددا كبيرا من المصريين بدأوا فى ذبح الحمير للحصول على جلودها، خاصة مع قدوم عدد كبير من «سماسرة الصين». 
وسماسرة الصين، هم مجموعة من الوكلاء الذين يدفعون فى الجلد الواحد نحو ٥٠٠ أو ٦٠٠ جنيه، وهذا مبلغ كبير بالنسبة إلى الفئات التى تقوم بهذه العملية، إذ إن معظمها فئات مهمشة، بحسب صاحب شركة الحجاز.
«يتم تهريب نحو ١٠٠ أو ١٢٠ ألف جلد حمير سنويًا»، بهذا بدأ هشام جزر نائب رئيس المجلس التصديرى للجلود حديثه، لافتًا إلى خسارة الاقتصاد الوطنى مبالغ ضخمة، وعن طرق التهريب، يقول جزر، إن التهريب لا يكون إلا لدولة الصين فقط، ويحدث عن طريق تهريب الجلود على اسم بضاعة أخرى «على أنها أدوات منزلية أو مواد خام أخرى». 
ويضيف لطفى شاور رئيس الحجر الزراعى بالسويس سابقًا، إن المهربين يستخدمون «الكونتنرات» فى عملية التهريب، إذ تكون هذه الكونتنرات قادمة من الصين محملة بالبضائع، وتعود أدراجها فارغة، وهم يستغلون هذا داخل الموانئ، ويتم تهريبها فى هذه الكونتنرات.
وأضاف شاور، أنه أثناء وجوده بمنصبه بالسويس، ضبط أكثر من حمولة من جلود الحمير مهربة إلى الصين، مشيرًا إلى صعوبة إحكام الرقابة فى ظل ابتكار المهربين طرقا جديدة أخرى. 
ما ذكره مرسى وشاور يؤيده التقرير المنشور فى صحيفة «الإندبندنت» البريطانية قبل يومين، والتى تؤكد فيه أن الصين سعت إلى زيادة وراداتها من جلود الحمير خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد انخفاض أعداد الحمير بها من ١١ مليون حمار فى أواخر التسعينيات إلى ٦ ملايين حمار فقط. 
وذكرت تقرير الصحيفة البريطانية، أن دولة النيجر الإفريقية زادت من صادراتها من الحمير، إذ تم تصدير نحو ٨٠ ألف حمار العام الحالى، مقارنة بـ ٢٧ ألف حمار العام الماضى.
وحذر تقرير صادر عن منظمة أممية لحماية الحيوانات من خطر الانقراض، من تعرض الحمير للانقراض وخاصة فى الدول الإفريقية مثل النيجر وإثيوبيا ونيجيريا، مشيرةً إلى تعرض الحمير لعمليات ذبح عشوائية فى نيجيريا، خاصة بعد أن ضاعفت الصين أسعار جلود الحمير ٣ مرات.


بيع جلود الحمير
حظرت وزارة الزراعة، بيع جلود الحمير إلا داخل حديقة الحيوان بالجيزة، وذلك وفق مناقصة تعُلن عنها الحديقة، بالتعاون مع الحجر البيطرى بخصوص كميات جلود الحمير المباعة واسم الشركة الراسى عليها المزايدة وإقرار الشركة الأخيرة بالغرض من شراء تلك الجلود، وفقا للمتحدث باسم وزارة الزراعة. 
وكذلك لا يسمح بنقل جلود الحمير إلا من خلال السيرك أو المنشأة المرخص لها حيازة الحيوانات المفترسة إلى حدائق الحيوان، وذلك بحضور طبيب بيطرى وتحرير محضر بها، وخلاف ذلك يعد جريمة، فضلًا على ذلك، هناك ضوابط لإصدار التصاريح الخاصة بتصدير جلود الحمير، تأتى على رأسها؛ طلب استخراج الموافقة التصديرية مثبت به نوع الجلد، وخطاب ترسية بيع هذه الكمية لنفس الشركة من الإدارة المركزية لحدائق الحيوان. 
كما يجب عمل محضر فحص ظاهرى وسحب عينات من الجلد المُخزن والمُرخص للشركة، وذلك بلجنة مشُكلة من طبيب حجر بيطرى والإدارة العامة للجلود، على أن يتم إرسال العينة إلى معهد بحوث صحة الحيوان وإثبات خلو العينة من الأمراض. 
كما يجب أن تتضمن التصاريح، فاتورة بيع من الشركة إلى الجهة المُصدرة إليها، وقيمة الجلود المُعدة للتصدير، وشهادة صحية تفيد صلاحية الجلد للتصدير، وذلك بناءً على الفحص الظاهرى، مشيرًا إلى كثرة الإجراءات المُتبعة لإحكام الرقابة. 
كما خصصت وزارة الزراعة، منافذ معينة لتصدير جلود الحمير وهى موانئ «دمياط والعين السخنة والأدبية وبورسعيد ونويبع»، وذلك على أن تكون الإدارة العامة للحجر البيطرى والفحوص بشرق الدلتا وسيناء هى المسئولة، فضلًا على موانئ «الإسكندرية والدخيلة والسلوم البرى»، على أن تكون الإدارة العامة للحجر البيطرى بالإسكندرية هى المسئولة عن الفحص، وتم تحديد الكمية المُصدرة من جلود الحمير سنويًا «بكوتة معينة» هى ٨ آلاف قطعة جلد، وذلك طبقًا لقرار وزير التجارة رقم ٦٩٢ لعام ٢٠١٢. 


حكاية الـ8 آلاف قطعة 
ويوضح صاحب شركة الحجاز أحمد مرسى، أسباب تحديد كمية الجلود المُصدرة بـ ٨ آلاف قطعة فقط، ذلك على أساس حساب حجم احتياجات حديقة الحيوان المقُدرة بـ ٤ آلاف حمار سنويًا، ونفس الكمية للسيرك القومى، لافتًا إلى إهدار ثروة قيّمة بسبب النظر إلى احتياجات الحديقة والسيرك فقط دون النظر لإمكانيات مصر التصديرية.
ويقول مرسى: حتى إن بداية مشروع تصدير جلود الحمير، كان فى عام ٢٠٠٢، عندما حصلت شركته «الحجاز» على موافقة من يوسف والى وزير الزراعة الأسبق بتصدر ١٧٠٠ قطعة من الجلد إلى الصين. 
ويشير مرسى إلى أنه منذ عام ٢٠٠٤ حتى نهاية عام ٢٠١١، لم يتم تحديد كمية جلود الحمير المُصدرة، إلا أنه فى العام ٢٠١١، صدر القرار رقم ٣٠٤ بمنع تصدير كل أنواع الجلود بما فيها جلود الحمير، إلا أن شركة الحجاز تظلمت أمام وزير التجارة الراحل محمود عيسى الذى وافق على استثناء جلد الحمير من حظر التصدير.
ويشكو مرسى من كثرة الإجراءات التى وضعتها وزارة الزراعة، مشيرًا إلى قصر التصدير على الجلود المُشتراة من حديقة الحيوان فقط، حتى إنه يُحظر إصدار أى موافقة تصديرية لجلود الحمير إلا بعد توقيع لجنة بهيئة الخدمات البيطرية. 
ويشير مرسى إلى أن كثرة الإجراءات وعدم وضع إستراتيجية واضحة لتصدير جلود الحمير، خلقت سوقا سوداء موازية، أفقدت الدول ملايين الدولارات سواء بالتهرب من الضرائب أو استخدام الموانئ والقنوات الشرعية للتصدير.


حقيقة الشركة الصينية 
من بين كل شركات العالم، توجد شركة واحدة تستخدم جلود الحمير فى صناعة عقاقير طبية، تسمى «DONG E E JIAO Com. Ltd» تم إنشاؤها عام ١٩٥٢، وبحسب السجل التجارى لها، فإنها تمتلك أصولًا بقيمة ١٫٢٥ مليار دولار، ويعمل بها ٦ آلاف و٣٠٠ عامل، ومُدرجة فى بورصة «شينزن» الصينية وقيمتها السوقية نحو ٣١. ٦ مليار يوان صينى «٦. ٥ مليار دولار». 
المُنتج الرئيسى للشركة هو «Ejiao» والمُستخرج من جلود الحمير، وهو دواء مقدس يعود تاريخه إلى ٣ آلاف عام، وقامت الشركة بإنشاء مصنع جديد بتكلفة مليار دولار وطاقة إنتاجية تقدر قيمتها بـ ٢. ٦ مليار دولار سنويًا، وتستعمل الشركة حاليًا أقل من مليون جلد سنويًا للإنتاج مع حاجتها إلى ٢ مليون جلد سنويًا لتغطية الطلب على منتجاتها. 
ولشركة «DONG E E JIAO Com. Ltd» وكلاء فى عدد من دول العالم، أهمها البرازيل والمكسيك ومصر، وتعد شركة إفريقيا هى الوكيل الوحيد للشركة فى مصر وإفريقيا. 
وبحسب السجل التجارى لشركة إفريقيا، فإنها تم إنشاؤها خصيصًا لهذا المشروع فى عام ٢٠١٣، وهى إحدى شركات مجموعة «الحجاز للتجارة مصر» وتعمل فى مجال تصدير جلود الحيوانات الفصلية «الحمير» منذ عام ٢٠٠٢.
ويعود تاريخ إنشاء هذه الشركة إلى عام ٢٠٠٠، إذ أقيمت كشركة تجارة دولية فى هونج كونج لتتولى تصدير الجلود، ولهذه الشركة فرعان آخران، الأول فى تونس تحت اسم «morc trading». 
ويثبت السجل التجارى لشركة morc trading والمُشهرة فى عام ٢٠١٥، بأن قيمتها السوقية تصل لـ ١٩ مليونا و٥٠٠ ألف دينار تونسى «حوالى ٨٧٧ مليون جنيه» ومشُهرة باسم أحمد مرسى تحت رقم «١٩٧٧\٠٩ \٠١٢». 
والفرع الثانى للشركة تم إنشاؤه فى هونج كونج، عام ٢٠١٤ تحت اسم «morc limited» لتتولى تسويق واستيراد بعض المنتجات، بحسب السجل التجارى لها، وتمتلك شركة إفريقيا ٩٠ فدانا بطريق أسيوط الغربى، تم شراؤها من جمعية الفيوم الجديدة بقيمة ٤. ٥ مليون جنيه، إضافة إلى التعاقد على استقدام معدات وإنشاءات بقيمة ٣ ملايين جنيه، وذلك لإنشاء مزرعة لتربية الحمير. 
وخلال عام ٢٠١٥، صدرت شركة الحجاز «إفريقيا» جلود حمير بما تصل قيمته إلى ٢ مليون دولار، من مصر وتونس وبعض الدول الإفريقية، وتأتى على رأس هذه الدول «إثيوبيا والسودان والنيجر ونيجيريا». 


أزمات بسبب عدم التقنين 
من جانبه، يوضح محمود العسقلانى، مدير جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، أنه لا بد من إنشاء أماكن محددة لإعدام الحمير، مشيرًا إلى أن المنظومة الحالية المعمول بها من قبّل حديقة الحيوان أو السيرك القومى بدائية وتتسبب فى مشاكل ضخمة. 
ويقول العسقلانى، إن هناك ضبابية تسود هذا القطاع، إذ يوجد كثير من الأشخاص يملكون حيوانات مفترسة، متسائلا عن طريقة إطعام هذه الحيوانات وأماكن ذبحها.
ويلفت العسقلانى إلى إمكانية تسرب لحوم الحمير إلى الأسواق نتيجة عدم وجود تقنين لهذا القطاع، مطالبًا بضرورة إنشاء جهاز لسلامة الغذاء، إذ أن تداخل الأجهزة الرقابية «هيئة الخدمات البيطرية ووزارة الصحة والتموين» يعيق الرقابة على الغذاء.
ويطالب هشام جزر نائب رئيس المجلس التصديرى بتقنين إعدام الحمير، مشيرًا إلى أنه من الممكن أن تتعاقد الدولة مع الشركة الصينية المُصنعة للعقاقير الدوائية، بعمل معالجة مبدئية لجلود الحمير، بحيث يتم تقنين الوضع وعمل قيمة مضافة من حيث تشغيل عمالة ودفع ضرائب. 
ويعاود أحمد مرسى حديثه، إن مصر قادرة على تحقيق عائد من وراء تصدير هذه الكمية من الجلود خام يصل إلى ٦. ٨ مليون دولار سنويًا، لافتًا إلى خسارة الدولة ضرائب وجمارك بسبب حوادث التهريب للجلود، بسبب عدم التقنين. 


حقيقة المنشطات الجنسية 
يقول لطفى شاور رئيس الحجر الزراعى بالسويس سابقًا، إن شركة صينية تستخرج من جلود الحمير «منشطات جنسية» من خلال استغلالها طبقة الأدمة، مشيرًا إلى احتواء الجلد على هرمونات منشطة جنسيًا. 
ويتفق محمود العسقلانى رئيس جمعية ضد الغلاء، مع الرأى القائل إنه يتم استخراج المنشطات الجنسية من جلود الحمير، مطالبًا بضرورة إعادة هيكلة عملية إعدام الحمير وتصديره، بحيث تدر دخلًا على الدولة.
من جانبه، يوضح أحمد مرسى صاحب شركة الحجاز الوكيل الوحيد للشركة الصينية، أن هذا الدواء يعتبر مقدسا فى دولة الصين، لافتًا إلى أن عمر الدواء أكثر من ٣ آلاف سنة، وأنهم يملكون متحفا لهذا الدواء. 
وحول هذا الدواء، يضيف، أن الطب الصينى التقليدى يختلف عن الطب الحديث، إذ أنه يهتم بالدم، ويعتبرون أن كل الأمراض التى تصيب الإنسان سببها قصور أو عيب فى الدم، وعلى هذا الأساس تم اختراع دواء ضد أكسدة خلايا الجسم ويعمل على تنشيط خلايا الدم. 
وكان هذا الدواء قديمًا، حكرًا على الإمبراطور الصينى، وتم نسيان طريقة تصنيعه مع مرور الزمن، حتى كان عام ١٩٥٢، إذ وجدت شركة «DONG E E JIAO Com. Ltd» كتيبا صينيا قديما يحتوى على الطريقة، ومن ثم بدأت الشركة فى إعادة صناعة الدواء. 
وأضاف مرسى، لأن هذا الدواء مقدس، فقد بدأت الشركة فى تصنيع الدواء بنفس المكان الذى كانت تتم فيه صناعته قبل ٣ آلاف عام، حتى إن الشركة تستخدم الماء المُستخدم فى عملية التصنيع من بئر معينة تختلف مياهها عن أى مياه أخرى. 
ويطُلق الصينيون على الدواء اسم «إكسير الشباب الدائم» حتى إنه يتم استهلاكه محليًا ولا يصُدر، نافيًا ما يقال عن أن الدواء «منشط جنسى»، ولا تعدو أكثر من كونها «شائعات»، ذلك لأن الدواء يُستخدم لعلاج خلايا الدم، وبالتالى يعمل على تنشيط جميع الخلايا ومنها الخلايا المرتبطة بزيادة القدرة الجنسية. 
ويلفت الدكتور محمد عباس أستاذ طب وجراحة أمراض الذكورة والعقم بقصر العينى إلى أنه لا توجد دراسات علمية على استخدام جلود الحمير فى عمل منشطات جنسية، مشيرًا إلى استخدام مادة الجيلاتين المُستخرجة من جلود الحيوانات فى عمل أغلفة للأقراص الدوائية. 


مشروع تربية الحمير 
تقوم فكرة شركة الحجاز لصاحبها أحمد مرسى على إنشاء نقطة إعدام رحيم للحمير، على أن تخضع للإشراف الطبى الكامل، إضافة إلى إنشاء مصنع لتحويل لحومها ومخلفاتها إلى طعام للحيوانات الأليفة كالكلاب والقطط وبعض السماد العضوى. 
فضلًا عن إنشاء مزرعة لتربية الحيوانات الفصلية الخيلية وإنتاج سلالات جديدة وإنتاج ألبانها، وإقامة مصنع للعظام لإنتاج الغراء والكالسيوم، وإنشاء مصنع لتجميع ألبان حيوانات الفصلية الخيلية وإنتاج مستحضرات طبية وتصدير الإنتاج إلى الخارج، كما يتم إنشاء محرقة بيئية تعمل بالطاقة الشمسية للتخلص من المخلفات التى يصعب التعامل معها، وإنشاء مخزن للجلود ومعالجتها بطريقة صحية وجعلها جاهزة للتصدير. 
وبحسب دراسة الجدوى المُقدمة من شركة الحجاز، فإنها حصلت على موافقة من الهيئة العامة للخدمات البيطرية والإنتاج الحيوانى بوزارة الزراعة على تراخيص بإنشاء مزرعة دواب للفصيلة الخيلية «الحمير»، ويلفت أحمد مرسى إلى صعوبة إقناع المسئولين بإقامة مشروع لتربية الحمير، مطالبًا بتدخل سياسى من أجل إنفاذ المشروع.
وحصلت شركة الحجاز على خطاب تخصيص من جمعية الفيوم الزراعية بـ ٩٠ فدانا لإقامة المشروع بمبلغ ٤. ٥ مليون جنيه، بحيث تكون ٣٠ فدانا للمزرعة، على أن تكون ٦٠ فدانا للمنشآت الأخرى، إلا أن المشروع توقف بعد إلقاء القبض على مؤسس الشركة أحمد مرسى بدعوى بيعه لحوم حمير. 
وأشارت دراسة الجدوى إلى أن المشروع سيحقق حجم صادرات بقيمة ٦٥ مليون دولار خلال السنة الأولى، على أن ترتفع إلى نحو ١٠٠ مليون دولار عند اكتمال المشروع، حيث سيتم تصدير جلود نحو ١٠٠ ألف من جلود الحمير، إضافة إلى لحومها. 
ليس هذا فقط، ولكن هناك إمكانية لتطوير أكبر للمشروع بتصنيع ألبان الحمير وزيادة قدرة المشروع إضافة إلى تشغيل ٥ آلاف عامل بطريق مباشر وغير مباشر، فضلًا عن تشجيع المزارعين وهم أفقر فئات المجتمع على تربية الخيول والحمير، وهى لا تتطلب عناية فائقة مثل حيوانات التربية «الأبقار» وتجميع عائد مجزى للمزارعين، ووقف عمليات الذبح العشوائى، وإيجاد مصدر دخل لكثير من الفئات المُهمشة. 
وعن ضمانات المشروع، تلفت دراسة الجدوى إلى وجود إشراف حكومى كامل، وعمل أختام مميزة بهذه النوعية من اللحوم التى ستورد للسيرك القومى وتصدير الباقى منها، كما سيتم استخدام تكنولوجيا متقدمة لمراقبة المصنع بالكامل، ووضع غرامات صارمة عليها وسحب التراخيص فى حالة ثبت ضلوعها فى تسرب اللحوم إلى الأسواق. 
وضع حصة سنوية للحيوانات التى سيتم ذبحها سنويًا حتى لا تتعرض النوعية للانقراض، وتم عرض المشروع على وزارة التجارة والتى وافقت عليه وفتح الحصة التصديرية للمشروع مع الإنتاج السنوى، وكذا عرض المشروع على الهيئة العامة للاستثمار والتى وافقت على إقامة المشروع للاستثمار الداخلى وليس بنظام المناطق الحرة.


الإفتاء.. المشروع بيد ولي الأمر 
يقول أحمد مرسى: إن مسئولى وزارة الزراعة، طلبوا منه ضرورة أخذ رأى دار الإفتاء فى مشروعه، وبناء على ذلك، تقدم إلى الإفتاء للحصول على فتوى خلال عام ٢٠١٣. 
وجاء رد دار الإفتاء على النحو التالى: «بناء على طلب شركة الحجاز بخصوص إنشاء مجزر للخيول والحمير، برقم ٤٣٠ لسنة ٢٠١٣؛ وانتهت الفتوى إلى أن ذبح هذه الحيوانات «ممتنع شرعًا» حيث لا يجوز أكل الحمير، ولكن الشريعة جعلت لولى الأمر الحق فى الإباحة والمنع، وهذا يعنى أن رفض هيئة الفتوى يمكن القفز عليه من خلال طلب ولى الأمر «رئيس الجمهورية» أو من ينوب عنه فى إباحة ذبح هذه الحيوانات. 
ويشير مرسى إلى أنه عندما استوضح الأمر من دار الإفتاء، قالوا إن الأمر قد يكون مشروعًا، إذ أجازه رئيس الدولة أو وزير الزراعة، طالما أنك لن تسرب لحوم الحمير إلى الأسواق، وكانت الشركة طلبت إنشاء المجزر لتصدير لحوم هذه الحيوانات للاستهلاك الآدمى فى الخارج. 


تسرب لحوم الحمير بالأسواق 
مع كل مرة يتم اكتشاف واقعة ذبح حمير ، أو اكتشاف حمير مسلوخة أو جلود حمير يتصور الجميع أن هذه اللحوم معدة للبيع فى محلات الجزارة، غير أن الحقيقة على خلاف ذلك إذ «لا يمكن بيع لحوم الحمير معروضة فى محلات الجزارة بسبب تغير لونها إلى الرمادى الغامق حال تعرضها للهواء».. بهذا بدأ عصام رمضان عضو جهاز حماية المُستهلك حديثه، مشيرًا إلى وجود ٥ فروق بين اللحوم العادية ولحوم الحمير. 
ويوضح رمضان، أنه لمعرفة ما إذا كانت هذه لحوم حمير من عدمه، يجرى تسخين سِكينة ثم وضعها على اللحم، وإذا كانت لحم حمير ستخرج منها رائحة مثل رائحة الإسطبل أو روث الحيوانات، إضافة إلى أن دهون الحمير تكّون بقعة زيتية إذ ما تم طبخها مقارنة بدهون اللحوم الأخرى.
ويلفت رمضان إلى أن مشكلة قانون حماية المُستهلك تكمن فى عدم تغليظ العقوبة، إذ لا يقوم جهاز حماية المُستهلك بالتفتيش على محلات الجزارة إلا بعد تلقيه شكوى من المواطنين أو وفق ضبطية تم الإبلاغ عنها، فضلًا على ذلك، لا توجد عقوبة على بيع لحوم الحمير، ولكن العقوبة التى يتم توقيعها ليست أكثر من غرامة بقيمة ٢٠٠ جنيه فقط، وهى عقوبة على الذبح خارج السلخانة، على أن يتم تحديد مجزر حديقة الحيوانات ليكون المجزر الوحيد والرئيسى لإعدام الحمير. 
ويطالب رمضان بعمل تعداد للحمير يكون على أساس الرقم القومى للشخص مالك الحمار، وبذلك تتم الرقابة على الحمير ومعرفة أماكنها، ولا يمكن تسريبها إلى الأسواق. 
المشكلة الأخرى أن هذه اللحوم لا يتم بيعها كلحوم جاهزة للأكل مباشرة وإنما تدخل فى صناعة اللحوم المفرومة وغيرها بحيث لا يمكن فى النهاية تمييزها عن اللحوم الأخرى، وغالبا ما يتم ذلك فى المناطق الشعبية والعشوائيات التى لا يستطيع سكانها شراء اللحوم الطازجة ذات السعر المرتفع، خاصة أن التوابل الكثيرة التى يضعها أصحاب المطاعم والطهاة على اللحوم الفاسدة تجعل التعرف على جودة اللحوم المطهية صعبا.
حاولنا معرفة الأضرار الصحية الناجمة عن تناول لحوم الحمير فأوضح الدكتور محمد محمود عمرو، مدير مركز السموم بمستشفى قصر العينى، أن تناول لحوم الحمير بالنسبة للإنسان يحمل أضراراً خطيرة حيث تحتوى لحومها على بكتيريا وفطريات وطفيليات وفيروسات تصيب الإنسان بأمراض معوية وتظهر أعراضها فى القيء والإسهال المستمر، بالإضافة إلى أن لحم الحمير ينقل للإنسان الدودة الشريطية.
وأشار مدير مركز السموم إلى أن تناول الإنسان اللحوم الفاسدة مثل لحوم الحمير يصيبه بالتسمم الغذائى، الذى تظهر أعراضه فى القيء والإسهال المستمرين، والتعرض لجفاف شديد، مؤكداً أن التسمم من لحوم الحمير قد يصل للكبد والكلى ويؤدى لتغيير الدورة الدموية بالكامل.
فى المقابل وعلى النقيض من ذلك قال حسين منصور، رئيس هيئة سلامة الغذاء التابعة لوزارة الصحة، إن لحم الحمير مثله مثل أى لحوم أخرى إذا اتبعت الإجراءات السليمة أثناء الذبح، مشيرا إلى أن تداول لحم الحمير والكلاب فى الأسواق المصرية ليس جديدا، ولكن الجديد اكتشاف الأمر وتداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
وأضاف منصور أنه من المستحيل التفريق بين لحوم الحمير والقطط والكلاب واللحوم العادية إذا تم فرمها، مشيرا إلى أن مشكلة لحم الحمير فقط أنه مخالف للشريعة ومقزز وممنوع ذبحه قانونا، وأوضح أن الأشخاص الذين تناولوا لحوم الحمير يجب ألا يقلقوا، قائلاً: «متخافوش ولا هتنهقوا ولا هيحصلكم أى حاجة».