البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

في اليوم العالمي للقهوة.. أدباء هاموا في رائحة البن

الشاعر الراحل محمود
الشاعر الراحل محمود درويش


يحتفل العالم مطلع شهر أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للقهوة، الذي تنظمه المنظمة الدولية للقهوة من مدينة ميلانو ويتم فيه توزيع أكواب مجانية من القهوة بهدف زيادة وعي المواطنين بالمشاكل التي تواجه مزارعي البن والتشجيع على التجارة العادلة لكن بخلاف ذلك فالقهوة تشكل صورًا بيانية في أعمال الروائيين والشعراء في غاية الروعة، ولم يعرف أحد سر عشق الأدباء العرب لهذا المشروب، وتستعرض "البوابة نيوز" عدد من الأعمال الأدبية التي شكلت القهوة وفناجينها جزء كبير من مفرداتها وتراكيبها اللغوية.



محمود درويش.. التائه بين فناجين قهوته

يأتي الشاعر محمود درويش على رأس قائمة الأدباء العرب التي دخلت القهوة كمفردة أساسية في تكوين الصور الشعرية في قصائده لدرجة أن في كتابه ذاكرة للنسيان" كتب عدة مقالات كثيرة عنها، فيقول درويش: القهوة هي هذا الصمت الصباحي الباكر المتأني والوحيد الذي تقف فيه وحدك مع ماء تختاره بكسل وعزلة في ‏سلام مبتكر مع النفس والأشياء وتسكبه على مهل في إناء نحاسي صغير وداكن وسري اللمعان، أصفر مائل إلى ‏البني ثم تضعه على نار خفيفة، آه لو كانت نار الحطب.



نزار قباني.. والعشق الممزوج برائحة البن

برع الشاعر السوري نزار قباني في توظيف القهوة وطقوس شربه في عدد ضخم من قصائده في "مع بيروتية" يقول "المطعم أصبح مهجورا وأنا أتأمل فنجاني ماذا سيكون بفنجاني غير الأمطار وغير الريح وغير طيور الأحزان" لينهي قصيدته بـ "قد ماتت كل نساء الأرض وأنت بقيتي بفناجني" وفي قصيدة أخرى بعنوان "مقهى" يقول قباني "شاركيني قهوة الصبح ولا تدفني نفسك في أشجانها إنني جارك يا سيدتي والربا تسأل عن جيرانها"، والتوظيف الفلكلوري جاء في قصيدته "قارئة الفنجان" إذا يقول "جلسلت والخوف بعينيها تتأمل فنجاني المقلوب"؛ ونلاحظ ثلاث استخدامات مختلفة لفنجان القهوة في ثلاث قصائد لنزار قباني القهوة عندما تشتبك مع الفلسفة وعندما تشتبك مع العشق والهوى، وعندما يسلط الضوء عليها كطقس شعبي يستخدمه المنجمين والعرافات.




مجيد طوبيا.. وعصر اضمحلال القهوة في مصر

في تحفته الخالدة "تغريبة بني حتحوت" يطل علينا الروائي المصري مجيد طوبيا بسرد جزء كبيرا عن القهوة في هذه الملحمة الروائية البديعة، حيث يصف طوبيا مصر قبل الحملة الفرنسية بأن مشروبها الرئيسي كان القهوة منذ عهد الفاطميين وحتى هذه الفترة الذي يصفها مجيد لم تكن مصر تعرف أي شئ عن الشاي، ولكن بعد رحيل الفرنسيين بدأ الشاي يظهر في مصر بالتحديد عقب الثورة العربية وإعلان الحماية البريطانية لتنتهي القهوة كمشروب رئيسي ويحتل مكانها الشاي.




أعمال أدبية غلفت القهوة عناوينها

لم تظل القهوة مسيطرة على متن موضوعات الكتاب فقط بل أنها احتلت أيضا عناوين كتبهم ومن هذه الأعمال الأدبية، رواية "قهوة سادة " للسيد حافظ الصادة عن هيئة الكتاب عام 2012، "قهوة باليورانيوم" لأحمد خالد توفيق، قهوة بنكهة الفراق لسمر سالم الصادرة عن دار نون بالقاهرة عام 2015، "قهوة" لناردين شومان، ديوان قهوة وشيكولاتة لعمر طاهر، وديوان "قهوة الصبحية لزين العابدين فؤاد والقائمة تطول وتطول.




القهوة ودلالاتها النفسية عند الأدباء

كتب عبد الوهاب محمد أغنية للفنانة وردة بعنوان "مسا النور والهنا" جاء في كلمات هذه الأغنية "واللي يشربها سادة مالوش مكان هنا" فاتخذ الشعراء صورة القهوة السادة في كتابتهم وكأنها دلالة للحزن، كذلك تعطي القهوة السوداء دلالة تختلف عن القهوة الفاتحة اللون.



القهوة في الأدب العربي القديم 

في مدينة حلب بسوريا صدرت فتوى للشيخ سعد الدين الشاذلى يبيح فيها شرب القهوة فانشد أبو الفتح المالكى الشاعر السورى مؤيدا للفتوة "قولوا لقوم قهوة البن حرمــوا مقالــة معلوم المقام فقيه"، وتابع معبرا عن فرحته ومحاولا مساعدة الشيخ في فتواه: "يا سائلي عن قهوة البن التي كم فتى عن هواها ما فتي"

وقال الإمام الأنصارى إمام المذهب المالكى الذي ولد في فاس وتوفى عام 1631: "يقولون لي قهوة البن هل تحلُّ وتؤمن آفاتهــــا فقلت: نعم هي مأمونة وما الصعب إلا مضافاتها"



وقد جاء بعض الأئمة والشعراء مثل أبى بكر العصفوري، ومحمد مامائى؛ وإبراهيم بن المبلط بصور متألقة للقهوة منها "فنجان قهوة ذا المليح وعينه الكحلاء حارت فيهما الألباب فسوادها كسوادها وبياضها كبياضها ودخانهـا الأهداب"؛ أما محمد بن عمر الحريرى عالم وشاعر كان يفضل القهوة على الشاى وخصوصا لأنها ترفع قدرته على التفكير فيقول: "هاتها قهوة خلاصة بنٍّ مرة الذوق تدفع النوم عني إنما النوم في الحقيقة موت هلى يحب الموت امرؤ متهني أين منها الشاي الذي ذكروه فمن الشاي يا أخا الذوق دعني".