البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الْحَبْلُ السُّرِّي


..وبعد خراب مالطة، وبعد أن ظلت تفكر وتفكر، قررت وزارة الأوقاف تشكيل لجنة برئاسة الشيخ محمد عزالدين، وكيل الوزارة لشئون الدعوة، لمراجعة محتوى جميع المكتبات الورقية والصوتية والمرئية بجميع المساجد وملحقاتها على مستوى الجمهورية.
كما قرر الوزير، في بيان له، أن يقوم كل إمام مسجد بإعداد قائمة بالمحتويات العلمية لمكتبة المسجد الورقية والصوتية والمرئية إن وجدت ورفعها إلى مدير الإدارة التابعة لها المكتبة في غضون أسبوعين لمراجعتها من قبل اللجنة.
الوزير الموقر قال إن القرار جاء لضبط المحتويات الدينية بالمساجد وفق المنهج الوسطي المعتدل للأزهر بعيدًا عن التشدد والتطرف، وبعد أن اكتشفت الوزارة تواجد محتويات علمية ببعض المساجد تخالف ذلك المنهج.
في تصريح الوزير الموقر عدة أخطاء جوهرية: أولاً: كيف تكون محتويات المكتبة علمية وفي نفس الوقت تدعو للتشدد والتطرف؟!
ثانيًا: ألا يعلم سيادة الوزير الموقر أن السادة المتطرفين وأتباعهم يحكمون سيطرتهم على عشرات بل مئات من المساجد التابعة لوزارة سيادته؟ والأخطر سيطرتهم المطلقة على آلاف الزوايا والمساجد الصغيرة في كافة المحافظات.. أما عن تلك المحتويات الورقية والصوتية والمرئية فإنها تباع على الأرصفة في كل مكان ومن الممكن أن تجدها سيادة الوزير على باب وزارتكم الموقرة.
ثالثًا: ما يدعيه الوزير الموقر عن نيته في ضبط المحتويات الدينية بالمساجد وفق المنهج الوسطي المعتدل للأزهر!
سيادة الوزير الموقر.. “,”مين اللي قال إن الأزهر يمثل المنهج الوسطي المعتدل.. أو إنه الممثل الشرعي والوحيد لدين الإسلام؟
كثيرة هي المقولات التي نقبلها كمسلمات لا تقبل الجدل أو النقاش.. وحكاية أن الأزهر الممثل الرسمي أو الشرعي للإسلام تشبه كثيرًا حكاية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.. كما تشبه أيضًا حكاية مرشحي مجلس الشعب الذين يصرون بعد سقوطهم في الانتخابات على أنهم النواب الشرعيون.. تمامًا مثلما يفعل الأخ الموقر محمد مرسي الذي أصابته حمى الشرعية ويصر أمام أي زائر له “,”محليًا كان أو أجنبيًا“,” أنه الممثل الشرعي والوحيد للشعب المصري!
ألم ير سيادة الوزير الموقر ما فعله طلاب جامعة الأزهر منذ بداية الدراسة وتوجوه الأسبوع الماضي تحت لواء المنهج الوسطي.. ألم يقرأ الوزير الموقر أن جامعة الأزهر وجهت نداءً عاجلاً لوزارة الداخلية بسرعة تدخل الشرطة لحماية المبنى الإداري من “,”التخريب“,” المعتدل والوسطي بعد اقتحام طلاب مؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسي للمبنى واحتجاز رئيس الجامعة أسامة العبد ونوابه والموظفين في مكاتبهم الإدارية؟.
طلاب المنهج الوسطي المعتدل، قاموا بتحطيم أبواب مبنى إدارة الجامعة، وتهشيم كافة النوافذ الزجاجية للمبنى، واقتحام المكاتب، والحصول على مستندات وأوراق رسمية، وإلقائها مع الكمبيوترات من النوافذ.
ألم يقرأ الوزير الموقر البيان الذي أصدرته وزارة الداخلية إثر هذا النداء وجاء فيه، إن “,”عددًا من طلاب الجامعة المنتمين لجماعة الإخوان ومعهم بعض طلبة المعاهد الأزهرية قاموا بالتعدي على المبنى الإداري للجامعة وإتلاف منشآته ومحاصرة مكتب رئيس الجامعة ومسئوليها وموظفيها وإتلاف المستندات وإطلاق أعيرة الخرطوش واستخدام الآلات الحادة“,”؟.
طلاب المنهج الوسطي المعتدل “,”ابن الناس الطيبة“,” لم يكتفوا بذلك بل قاموا في اليوم التالي بالتجمهر أمام مقر مشيخة الأزهر، وقاموا باقتلاع الرخام والأحجار الخاصة بجراج ونفق الأزهر، وقذفوا به المشيخة والمبنى الإداري الملحق بها، وحاولوا اقتحامهما، ونالوا بالسباب من فضيلة شيخ الأزهر الشريف ورجال أمن المشيخة.
هكذا الحال في تعليم الطلاب المنهج الوسطي.. والأدهى هو ما نشرته جريدة الدستور الإلكترونية، اقرأ معنا سيادة الوزير “,”ارتفاع نسبة المؤيدين للإخوان داخل المدينة الجامعية“,” حيث يبلغ عدد الإخوان 4 آلاف طالب من أصل 9 آلاف.
الكتيبات التي يتم بيعها أمام أسوار المدينة بأسعار بخسة لا تكفي حتى قيمة طباعتها، وبتصفح تلك الكتب تبين أنها لعدة كتاب ينتمون في الأساس إلى مدارس جهادية وسلفية وإخوانية وطبعًا كله تبع المنهج الوسطي.. العبارات المهينة تغطي جدران المباني وكلها شتائم موجهة إلى الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وقيادات الجيش بما لا يخالف شرع الله.
“,”الدستور الأصلي“,” تمكنت من دخول إحدى الغرف والتي يقيم بها بعض الطلاب المنتمين إلى الجماعة، لتجدهم جميعًا يسمعون الأغاني التي يقوم أعضاء الإخوان بتسجيلها مثل أغاني “,”تتشل الأيادي“,”، و“,”ثورة دي ولا انقلاب“,”، و“,”مصر إسلامية“,” كما قاموا بتلطيخ حوائط الغرف بالعبارات المناهضة لمعارضي الجماعة، وتعليق صور للرئيس المعزول محمد مرسي وإشارة رابعة العدوية وكتابة بعض العبارات المهينة لشيخ الأزهر وقادة الجيش، كما أن الكتب الدراسية لم تسلم هي الأخرى من العبارات التي قد سبق ذكرها، وتحدثوا عن أن ما حدث بعد 3 يوليو لن يستمر كثيرًا في مصر وأن عودة الدكتور محمد مرسي (قريبة).
هؤلاء هم الطلاب الذين تربوا وترعرعوا في حضن الأزهر الممثل الشرعي والوحيد لدين الإسلام.
هؤلاء هم طلاب المنهج الوسطي الذين سيحكمون الأزهر بعد أن يوفقهم الله في الحصول على الدكتوراه.. ولما لا والأساتذة الحاليون ورؤساء الأقسام وبعض عمداء الكليات من نفس العينة.
ألم يتابع سيادة الوزير الموقر قناة الحافظ والبرنامج الموقر الذي كان يقدمه الدكتور عاطف عبدالرشيد واسمه (في الميزان) ويستمر بثه أكثر من خمس ساعات يوميًا.. أغلب ضيوف البرنامج المذكور أساتذة ورؤساء أقسام وعمداء كليات كلها تابعة لجامعة الأزهر – بلغ عدد الأساتذة الإخوانجية في جامعة الأزهر 300 أستاذ من أصل 3000 أستاذ وفقًا لمصادر أزهرية - وكلهم لا يدخرون وسعًا في تكفير وسب كل خلق الله المعارضين للإخوان داخل المحاضرات وخارجها في كافة وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والورقية والإلكترونية.. والنموذج الفذ لهؤلاء الوسطيين المعتدلين الشيخ محمود شعبان “,”هاتولي راجل“,”.. يقول عن نفسه في ويكيبيديا الشيخ محمود شعبان.. تدرج الشيخ محمود شعبان في تلقي العلم على يد مشايخ الدعوة السلفية أمثال أبوإسحاق الحويني والشيخ ياسر برهامي ومحمد إسماعيل المقدم هذا من الناحية الحركية، أما من الناحية الأكاديمية فقد تدرج في جامعة الأزهر حتى وصل لدرجة أستاذ دكتور بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر تخصص أستاذ بلاغة القرآن الكريم.
الشيخ الموقر لم يجد حرجًا وقام بتكفير قيادات جبهة الإنقاذ على الهواء.. وطالب بضرب أعناقهم استنادًا لنص حديث رواه الإمام مسلم.. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. وَهُو جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ عَلَيْهِ مُجْتَمِعُونَ، “,”مَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَرِ“,”.
وأخذ شعبان ـ اللي مش لاقي راجل ـ من الحديث حكمًا شرعيًا بأن قادة جبهة الإنقاذ يعتبرون خلعوا الطاعة ونازعوا الحاكم أمره ومن هنا يجب ضرب أعناقهم.
أما النموذج الآخر فهو (عبدالله بدر عباس) داعية تخرج في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر عام 1982 قسم التفسير، عمل معيدًا بالجامعة ثم مدرسًا للتفسير والحديث بعد حصوله على الدكتوراه عن تفسير الرازي عام 1991 وله عدة كتب أبرزها (ماذا تعرف عن الجن؟).
الشيخ الموقر محبوسا الان على ذمة قضايا سب وقذف وقبل سجنه كان “,”طايح “,” في كل عباد الله بالتكفير واتهام كل معارضي مرسي والشذوذ والعنف ..
وأكد أنه سيقوم بتعليق أي معارض على باب الجامع ليكون عبرة، واختص الإخوة الأقباط بقوله إنه سيقوم بخزق عين أي نصراني يتكلم عن مرسي.
ومن السادة ضيوف قناة الحافظ أيضًا كان الأستاذ الدكتور الموقر عميد كلية طب الأزهر، والتي أمرت نيابة ثان مدينة نصر بضبطه وإحضاره لاتهامه بتحريض الطلاب على اقتحام بعض الكليات والتظاهر بالجامعة بعدما كشفت التحقيقات بأنه ينتمي لجماعة الإخوان الموقرة.
هكذا انتهى حال الأزهر الوسطي والمعتدل والممثل الشرعي لدين الإسلام الى أن يصبح ذراعًا أخرى للجماعة الموقرة.. وبالمناسبة هذا ليس جديدًا فإن علاقة الجماعة بالأزهر تمتد بعمر الجماعة وهناك عشرات الرسائل المتبادلة بين الإمام حسن البنا وشيوخ الأزهر وزيارات وندوات وفتة ولحمة والذي منه.. وكان آخر تواصل بين الجماعة والأزهر، الزيارة التاريخية لوفد من الجماعة برئاسة المرشد العام الى الأزهر، حيث تم استقبالهم بحفاوة منقطعة النظير.
أما الدولة وبمعنى أدق أنظمة الحكم فقد تعاملت مع الأزهر وكأنه نقابة مهنية.. النظام له شيخ الأزهر والجماعة لها كل اللي تحته.
هكذا تم اختراق الأزهر سيادة وزير الأوقاف الموقر ليتحول من الممثل الرسمي والشرعي للمنهج الوسطي لدين الإسلام الى الراعي ـ برضه ـ الرسمي والشرعي للإرهاب.