البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الوجه الآخر لآلهة العنف

محمد نصر.. أستاذ الجامعة الذي قاد "كتيبة الفرقان"

محمد نصر   أستاذًا
محمد نصر أستاذًا بكلية العلوم الزراعية البيئية بالعريش، فر

لفت انتباهى أن أستاذًا بكلية العلوم الزراعية البيئية بالعريش، فرع جامعة قناة السويس، هو قائد لكتيبة الفرقان الإرهابية، وعضو في مجلس شورى جماعة بيت المقدس. بحثت عن سيرة الرجل فلم أجد غير النذر اليسير، إلا أن ما بين السطور كان كاشفًا عن حقائق غاية في الأهمية، أجابت لى عن أسئلة متنوعة ومتعددة..
لماذا يترك أستاذ أشرف على رسائل ماجستير العديد من الطلاب في جامعة قناة السويس على تدمير قناة السويس، ومحاولة إيقاف مجراها المائى العالمى؟ ما الذي يدفع أستاذًا في الجامعة إلى ترك الكلية التي يدرس فيها والذهاب لسيناء، والهروب بين مغاراتها وخنادقها وأنفاقها؟ 
علمت أن الرجل أصلًا من أهالي سيناء، فقد ولد بالعريش، في شمال سيناء، وعاش بها فترة طفولته، وكان يتحدث كثيرًا عن تهميش أهلها. أثرت ميثولوجيا التصوف واندماجها مع السلفية السيناوية التي أسسها جمال شحادة في الشمال السيناوى، في تلك الأفكار التي حلت فيما بعد على نصر. عاش نصر فيما بعد في محافظة السويس، كان يصلى في مسجد الهداية الذي يشرف عليه الحاج حافظ سلامة، والمحافظة هي منشأ ومركز لجماعة الإخوان وتيار جهادى ضخم، كنت أرصده بنفسى، وتوجد مراكز وبؤر حقيقية له في حى الأربعين وتل القلزم. 
حصل محمد محمد أحمد نصر على الدكتوراه في تنمية قناة السويس، وأشرف على عدد من رسائل الماجستير، وظهرت عليه ميول السلفية الجهادية في عام ٢٠٠٧، وساعتها تم اعتقاله في نفس العام بسبب اعتراف البعض من إخوانه بصلته بخميس الملاخى، وسالم الشنوب. أفرج عن نصر بعد ٤ شهور فقط من اعتقاله، وعمل مدرسًا بكلية الزراعة جامعة قناة السويس، وتم ندبه للعمل في قسم العلوم البيئية بالعريش. 
إلى هذا الوقت كان لا يبدو على نصر أي شيء سوى أنه إخوانى، يعمل في إحدى الأسر الإخوانية بمحافظة السويس، وكان لا يخفى انتماءه للجماعة، بحسب مقربين منه في تلك الفترة. 
عقب ٢٥ يناير، وانتفاضات الربيع العربى، شارك نصر في كل الفعاليات الثورية، وقرر ساعتها العمل في حملة حازم صلاح أبو إسماعيل لرئاسة الجمهورية. 
هانى مصطفى أمين عامر محمود، واسمه الحركى «أبوبلال» «تم تنفيذ حكم الإعدام به بخلية عرب شركس»: «إن نصر دعانى لمؤتمر لتأييد الشيخ حازم في الإسماعيلية، وكنت أعرفه منذ فترة ليست بالقصيرة، حيث كان يجمعنا تاريخ مشترك، وهو عضويتنا بجماعة الإخوان. ظهر نصر كأحد المقربين من حازم صلاح أبو إسماعيل، وبدا كمتحدث رسمى باسم حركة «حازمون» ثم اختفى بعدها لفترة، وأعلن بعد ثورة يونيو أنه المسئول عن كتيبة الفرقان، التي أعلنت مسئوليتها عن إطلاق قذائف آر بى جى على السفن المارة في قناة السويس». 
اختلف نصر مع القائمين على حملة حازم أبو إسماعيل، وعقب خروج مرشحه المفضل من الانتخابات الرئاسية بسبب جنسية والدته، أصابه اليأس.. رأى أن الحل ليس ديمقراطيًا.. وأن الحل لا يجوز سوى بالسلاح. انتقل نصر للعيش بالقاهرة عقب الثالث من يوليو ٢٠١٣ مباشرة، ظل بها فترة ليست بالقصيرة، كما قال رفيقه هانى مصطفى أمين: «قبل الانتخابات الرئاسية بأيام حدث خلاف بين نصر وأبو إسماعيل، فأسسنا سويا خلية كتائب الفرقان، وقررنا أن يكون التنظيم في بدايته على أساس دعوى تربوى، وقمنا بتشكيله عنقوديًا، وتولينا ساعتها إدارة جميع الخلايا العنقودية المنبثقة منه بجميع أنحاء الجمهورية، وركزنا في بداية دعوتنا على أعضاء حملة «حازمون» الذين كانوا قريبين منا، وكونا منهم مجموعة أطلقنا عليها «مجموعة الدعوة الفردية لضم الأعضاء الجدد». كل من انضموا لتنظيم نصر كانوا يؤمنون بما يسمى «الإسلام المقاتل»، وأن الحكم القائم بعد سقوط محمد مرسي غير شرعى، وأن الخروج عليه واجب شرعى، لأنه لا يطبق الشريعة الإسلامية». 
عقب سقوط الإخوان، قرر محمد أحمد نصر ترك الجامعة والتدريس بها نهائيًا، وذهب لقطاع غزة، وتسلل مع عبدالرحمن محمد راشد عواد، وأحمد جمال حسن سلمى وآخرين في غضون شهر إبريل ٢٠١٢ إلى القطاع، حيث التحقوا بمعسكرات تدريب هناك، وتلقوا تدريبات عسكرية تمثلت في التكتيكات العسكرية والحركية والاقتحام وتطهير المبانى وقطع الشوارع وحرب المدن والعصابات، وكيفية استخدام الأسلحة النارية والآلية، بمختلف أنواعها وقذائف الهاون، وإعداد المتفجرات بتوصيل الدوائر الكهربائية، كما شاركوا بمناورتين عسكريتين. 
فور عودتهم شكّلوا هيكلًا تنظيميًا لكتائب الفرقان بزعامة نصر، انبثق عنه العديد من الخلايا الجغرافية بعدة محافظات، الأولى أُطلق عليها مجلس شورى الدعوة، والثانية بالعريش، والثالثة بالإسماعيلية تولى مسئوليتها هانى مصطفى، والرابعة بالجيزة، والخامسة في المعادى، وبدءوا في العمليات المسلحة. 
كان نصر العقل المدبّر لتنفيذ مخطط صنع غواصة لضرب قناة السويس، وأقر المتهم أمام أيمن بدوى، رئيس فريق التحقيق، ومحمد خاطر، رئيس النيابة، أنه أسس مع المتهم الرابع محمد أحمد نصر محمد، واسمه الحركى «أبو أحمد»، خلية كتائب الفرقان، وتولّيا إدارة جميع الخلايا العنقودية المتفرعة منها بكل أنحاء الجمهورية. كان له سكن بأرض الجمعيات بالإسماعيلية، عضو الجماعة المتوفى عبد الهادى أحمد عبد الهادى، والثانى كائن في شارع حسان بن ثابت، في مدينة الشروق، ويستخدم في إيواء عناصر التنظيم وحفظ الأسلحة والإعداد للعمليات. 
كما أقام فترة طويلة في شارع العشرين بفيصل، حتى التقى توفيق فريج زيادة، وساعتها أقنعه فريج بضم التنظيمين معًا، بشرط أن تقوم «بيت المقدس» بعمل عدة عمليات تنسبها لخلية الفرقان، ثم تعلن بعدها عن اندماج الجماعتين، حتى يكون لذلك صدى إعلامي كبير. 
وافق نصر على شرط توفيق، إلا أنه اشترط على الأخير، أن يكون عضوًا في مجلس شورى الجماعة، وأن يحصل على منصب قيادى، تم دمج الجماعتين بالفعل، وساعتها نقل نصر إلى توفيق فريج زيادة فكرة تصنيع مواد متفجرة بخلط مادة نترات الأمونيوم باللبن، بدلا من استخدام مادة «تى إن تى»، لعدم القدرة على توفير المادة الأخيرة وشرائها. تحول نصر إلى سارق محترف بعد أن كان أستاذًا في العلوم، وشارك في سرقة سيارة نيسان صنى فضى اللون عقب خروجها من «دير بطمس» الكائن بطريق القاهرة - السويس، حيث استوقف هو ومجموعة معه قائدها، وخوفوه ببندقيتين آليتين «كلاشنكوف»، كما سرق سيارة أخرى سماوية اللون حال خروجها من كنيسة بالشارع الخلفى لكنيسة المنتزه بالإسماعيلية، رصدها عضو الجماعة المتوفى عبدالهادى أحمد عبدالهادى.. كان يتصور أن ذلك واجب عليه، وهو السرقة من أجل الدين، واستخدام سيارات المسيحيين في الجهاد. مات توفيق، واختلف نصر مع التنظيم، حول من يخلفه، كان أبو بكر البغدادى في هذه الآونة قد بايعه أغلب أعضاء مجلس الشورى، فيما فرض عليهم هو أن يكون القائد سيناويا، وأن ينفصل تنظيم المحافظات عن التنظيم بسيناء، على اعتبار أن سيناء آسيوية وليست أفريقية. اختلف نصر مع التنظيم. وقرر العودة للقاهرة.
ذهب نصر هو وعدد من قيادات التنظيم إلى الواحات، اختاروا تلك المنطقة، لصعوبة الوصول إليهم، وسهولة الاختباء بها، ووجود أماكن بعيدة عن أعين الأمن للتدريب، فضلًا عن وقوعها في مكان متوسط، حيث إن بها طريقا رابطا بينها وبين محافظة ٦ أكتوبر، وطريقا يربطها بواحة سيوه، وآخر يربطها بأسيوط والمنيا.. هناك جمعوا عددا ليس بالقليل، وقبل بدئهم بالهجوم، وصلت لهم القوات.. تبادلت معهم النيران، فقتل عدد منهم وفر الباقون لمدينة ديروط، إلا أن عددا من البدو أبلغوا عنهم، وكان ساعتها معهم عدد من السيارات، ووقع تبادل آخر لإطلاق النيران فقتل منهم ٩ على الأقل، أما نصر الذي كان معهم ففر إلى منطقة أوسيم بالجيزة، فتتبعه الأمن، وتبادل معه إطلاق النيران يوم ٢٧ سبتمبر الفائت، وقتل لتنتهى سيرة أستاذ بالجامعة تحول لأخطر إرهابي.