البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

إلى المجتمع الدولي.. يقولون "ليلى" بالعراق مريضة


بات مؤكدا أن العراق وليس الاستفزاز بإطلاق الصواريخ وإجراء المناورات العسكرية، سيشكل الموضوع القادم للتراشق السياسى الأمريكى الإيرانى.

أثر تصريحات ترسخ فكرة ملالى إيران والقائمين على الحكم حول تبعية العراق، أكد رئيس مجلس الشورى الإسلامى على لاريجانى تمسك إيران ببقاء الرئاسات الثلاث فى العراق، ورغبة إيران فى بقاء الوضع السياسى كما هو والتهديد - دون مواراة - بدعوة الحشد الشعبى إلى التصدى المسلح ضد المتظاهرين فى العراق.

المثير للدهشة عدم صدور أى تعليق من الدولة العراقية ضد وقاحة لاريجانى.. بينما لو صدرت هذه التصريحات أو غيرها من أى دولة أخرى لقامت الدنيا، وصدعنا التيار الموالى لإيران احتجاجًا على التدخل فى الشأن العراقى.. ما يعكس تعبيرًا صارخًا عن مظاهر التبعية المرفوضة شعبيًا لإيران. الرد الأمريكى جاء سريعًا عبر تحليل نشرته جريدة «واشنطن بوست»، فيما يعتبر تمهيدًا لسياسة واشنطن القادمة فى العراق.. تؤكد فيه مصادر داخل البيت الأبيض تعرُّض الثقة التى طالما حكمت العلاقة بين الرئيس الأمريكى أوباما وحليفه رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى إلى عدة مراجعات نتيجة تصاعد الأزمة السياسية فى العراق، مع تكثيف الدور العسكرى الأمريكى فى عملية تحرير مدينة الموصل والضربات على مواقع داعش فى العراق.. إذ بدأ السؤال الأهم يزداد إلحاحًا داخل البيت الأبيض عن البدائل فى حال عدم صمود العبادى ونجاحه فى تجاوز الأزمة السياسية وهى القناعة التى تزداد لدى الإدارة الأمريكية مع تفاقم الأزمة يوميًا، ما يلقى بظلاله السلبية على الشق الأمنى والعسكرى فى مواجهة الحرب على داعش دون ضمان مناخ سياسى مستقر فى العراق. ليس إيران فقط لكن واشنطن أيضًا التى طالما اعتبرت أن وحدة البيت الشيعى هى الحصان الرابح الذى راهنت عليه فى العراق، بدأت تستشعر خطورة الخلافات مؤخرًا بين قيادات التيارات الشيعية الرئيسية، حيث بلغت درجة نشوب مواجهات مسلحة فيما بينها، الأمر الذى استدعى قرار واشنطن إرسال قوات إضافية من عناصر المارينز المجهزة بأسلحة ثقيلة لتعزيز حماية السفارة الأمريكية فى بغداد. تصاعد وتيرة الاشتباكات بين القوى والميليشيات المختلفة، بدأت بالمواجهات المسلحة بين قوات البيشمركة الكردية وقوات الحشد الشعبى فى محافظة ديالى، تلتها أخرى فى جنوب مدينة كركوك.. بينما الأخطر حدوث اشتباكات الأسبوع الماضى فى منطقة الكرادة ببغداد بين سرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر وسرايا «الخراساني» التى ظهرت بقوة إلى العلن مؤخرا.. هذا التشكيل أعلن تبعيته إلى ولاية الفقيه فى إيران، ولا يتبع الحكومة العراقية يعتبر من ألوية المهمات الخاصة فى فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيرانى بقيادة الجنرال قاسم سليمانى. رهان حكومة العبادى على المزيد من الإجراءات القمعية فى مواجهة الحالة الثورية السائدة فى شوارع العراق، بالتأكيد ليس طريقًا للخروج من الأزمة السياسية والأمنية التي يواجهها العبادي.. والاستهانة بمطالب الشارع لن تضمن تصفية الأزمة.. كما حدث مؤخرا مع تغيير قيادات أمنية في وزارة الداخلية بعناصر من منظمة «بدر» في إصرار على ترسيخ نهج الطائفية التي انتفض الشارع ضدها، في ظل عدم وجود قوة حقيقية على الأرض تملك السيطرة على زمام الأمور عودة المواجهات بين القوى المختلفة تزداد المخاوف من انزلاق الصراعات السياسية إلى حالة اقتتال هذه المرة بين نفس الطائفة تماثل الانشقاق الطائفي الذى احتضنته وروجت له أمريكا بعد غزوها العراق.. أما إيران التي كظمت غيظها لأيام أمام الشارع العراقي الرافض للتبعية.. تسعى الآن إلى تحويل هذه المظاهرات السلمية إلى مواجهات دموية ردًا على الهتافات التي انطلقت من المنطقة الخضراء وساحة التحرير، مطالبة بخروج إيران من العراق. بارقة الأمل التي لم يعد العراقيون ينتظرونها لا من العبادي وحكومته، أو حتى من معظم التيارات السياسية العاجزة، تكمن في الاتجاه نحو خطوات بناء عملية سياسية جديدة. كل المؤشرات الحالية تؤكد أن حكومة العبادي غير قادرة على خوض التحدي في هذا المجال، نتيجة تراكمات ترسخت منذ الغزو الأمريكي للعراق، حتى أصبحت تفوق قدرة أي طرف سياسي على الإصلاح الجذري.. الفساد الذى يمثل أحد أسباب انتفاض الشارع، طلب العبادي مساعدة الأمم المتحدة في معالجة ملفاته.. جلسات البرلمان مازالت متوقفة، بل إن العبادي لم يكمل حتى الآن قائمة وزارية ترتقى إلى مطالب الشعب. واقعيًا.. النظام الحالي وكل الأطراف السياسية عاجزة عن استيعاب وتنفيذ العملية السياسية، بعيدًا عن ميراث الطائفية البغيضة، بارقة الأمل الوحيدة تتجه نحو المجتمع الدولي بدلًا من «أسطوانات» القلق الصادرة عن أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون.. هذه المنظمة مطالبة بدور حقيقي وليس نظريًا عبر الإشراف الكامل على خطوات عملية سياسية في العراق بداية من إجراء انتخابات تشريعية يليها انتخاب حكومة جديدة، أيضًا الاتحاد الأوروبي يستطيع القيام بدور أكبر من مجرد تصريحات تحث الحكومة والبرلمان على التوصل إلى تسوية سياسية. منظمات المجتمع الدولي تعرف جيدًا حقائق وجذور أزمة العراق.. وأن مطلب حكومة «تكنوقراط» الذى أصبح يقترن كثيرًا بالشأن العراقي لن يتحقق دون تدخل منظمات دولية محايدة.