البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

حكاية الإخوان مع سجون شمس بدران "1"


إن من أعظم الفرى هى فرية يرددها الكثيرون من أفراد وقيادات «جماعة الإخوان التكفيرية»، وكذلك المدافعون عنهم بالباطل من رجال الطابور الخامس ووكلاء ومندوبو الصهيونية العالمية فى وطننا الحبيب، هى فرية كون التكفير ظهر فى الإخوان ليس كفعل منهم ناتج عن طبيعة فكرهم، وأساس تكوينهم، وليس لكونهم جماعة تكفيرية بالأساس أسسها التكفيرى الأكبر «حسن البنا» على أساس من تكفير المجتمع المصرى والعربى والإسلامى، بل والبشرية كلها، وإنما ظهر التكفير فى الإخوان كرد فعلٍ على حوادث التعذيب التى وقعت للإخوان وعليهم فى سجون «شمس بدران»! إبان فترة حكم الرئيس «جمال عبد الناصر».
والحقيقة التى لا مناص منها أن هذا الزعم غير صحيح بالمرة، بل هو كذب صريح، وسوف نقوم فى السطور القادمة –إن شاء الله- بتفنيد هذا الزعم الكاذب، وسوف نعمل على بيان لا شك فيه من كون التكفير فى الإخوان قديما قِدَم الإخوان أنفسهم، وأنه لم ينشأ فى السجون كما يدعى المدافعون بالباطل عن الإخوان تنفيذًا لأوامر الشيطان الأكبر وأتباعه!
فالسجون التى يتحدثون عنها ويشيرون إليها كانت مع منتصف الخمسينيات وفى أوائل الستينيات، بل وسجون «شمس بدران» تحديدًا، وأحداثها كانت سنة ١٩٦٥م بعد القضاء على النظام الخاص الجديد بقيادة «سيد قطب»، الذى كان يهدف لتدمير مصر كلها، وتدمير كل محولات الطاقة فى القاهرة الكبرى وما حولها، لتظلم مصر كلها فى لحظة واحدة، وكذلك كان من ضمن خططهم اللعينة تفجير القناطر الخيرية تمامًا، لتغرق الدلتا كلها، بما ومن عليها، ويحل الخراب والبوار والدمار والموت على أهلها!
ولولا رحمة الله بهذا البلد الأمين والطيب أهله وحفظه لهم ورعايته بهم، لكان ما لا يحمد عقباه إلى هذه الساعة، فتم اكتشاف ذلك المخطط الرهيب والقبض على كل عناصره قبل أن تحين ساعة الصفر بقليل، لينجى الله بلادنا من شرورهم وخرابهم.
بل لقد كان التفجير والتدمير اللذان يسعى فلول النظام الخاص الإخوانى لتنفيذهما فى الحقيقة مؤسسين على بعض ما ذكرتُ فى مقالٍ سابق، من كونهم قد كفروا الرئيس (عبد الناصر) وكل زملائه من ضباط حركة يوليو وغيرهم، وكفروا النظام الحاكم وحكومته، والشعب المصرى والجيش بل والدولة بكل ما ومن فيها، وكل ذلك كان قبل أن يحتدم الخلاف أو يدخلوا فى الصراع مع السلطة، وقبل أن يدخلوا السجون، فكيف يكون التكفير نشأ بسبب التعذيب فى السجون؟!
ثم.. كيف يكون التكفير للشعوب والدول رد فعلٍ لأمر ما، مهما كان هذا الفعل؟ إن التكفير أيديولوجية ثابتة وواضحة، لها أساس عليه تقام، ومقدمات تترتب عليها نتائج، وليست موقفًا انفعاليًا، ينتج عن الغضب أو السخط أو التذمر!
فالتكفير لكى ينتج فى الواقع لابد له من هدوء وروية، وحجج عقلية وشرعية، تمامًا كما فعل إمامهم وسيدهم وكبيرهم الذى علمهم التكفير «حسن البنا»، وتبعه من بعده تلميذه النجيب، وحامل عقيدته وراوى فكره «سيد قطب»!
وأيضًا.. هل كانت سجون «شمس بدران» وغيره، حظائر للتعذيب الشديد، الذى يذهب العقل والروية ويبقى الانفعال الذى ينتج عنه التكفير أم كانت السجون على غير هذه الحالة وكانت كأنها فنادق من ذات الخدمة العالية و«النجوم الخمس»؟!!
لقد قضى أكثر الإخوان تكفيرًا على الإطلاق وهو «سيد قطب» كل فترة حبسه، متنقلا ما بين مكتبة السجن والمستشفى، ولم يقع عليه أى نوع من التعذيب، سواء كان تعذيبًا بدنيًا أو حتى نفسيًا!
بل لقد كان يؤلف الكتب ويطبعها وهو فى السجن بعلم النظام وموافقته وتصريحه!
فلماذا كفَّر «قطب» شعوب الدنيا كلها، وكفَّر العالم أجمع، وسمى القرن العشرين بــ«قرن الجاهلية الكبرى»، الذى هو أشد من الجاهلية الأولى قبل بزوغ شمس الإسلام؟!
لماذا كفر «سيد قطب» جميع مسلمى الدنيا منذ انتهاء عهد الخلافة الراشدة فى العام الأربعين من الهجرة وحتى يوم الناس هذا؟ حتى كفر المؤذنين فى المساجد، وبل وجعلهم أشد الناس كفرًا وأكثر الناس عذابًا يوم القيامة، وهو لم يعذب قط فى السجون؟!!
إن «جماعة الإخوان التكفيرية» هى جماعة مردت على النفاق والكذب والتضليل والخداع، لأجل ذلك أطلقت أبواقها الإعلامية، لتزعم أنها جماعة سلمية مستأنسة لا تقتل ولا تفجر ولا تدمر، وأنها جماعة وطنية لا تخون الوطن ولا تعمل لحساب أعدائه، ولا تبيعه بأبخس الأثمان، بل وبغير ثمن، وأنها جماعة وسطية، لا تكفر أحدًا، ولا تبيح دمه ولا تستحل منه المال والعرض، وكل ما مر ما هو إلا عين الكذب والتضليل والخداع!
وكان من جملة خداعها وكذبها وتضليلها ما نشرت الجماعة من منشورات وكتب ومقالات لا تحصر، حول التعذيب لأفرادها فى السجون، وبوسائل وطرق لا يمكن لعاقل إلا أن يحكم عليها بالكذب أو على أسوأ الفروض بالمبالغة الشديدة!
إلا أنهم وكعادة كل كذاب ودجال عرفته البشرية فاتتهم القاعدة الذهبية التى تقول: «إذا كنت كذوبًا، فكن ذكورًا»، فرووا هم بأنفسهم عن السجون أحوالًا وحكايات، وكيف كانت تتم معاملتهم بأحسن المعاملة داخل السجون، حتى ذكر «مهدى عاكف» أن من جملة أخطاء «عبد الناصر» أنه تركهم فى السجون، ليعيدوا تجميع أنفسهم، ويضعوا خطط الحرب عليه وعلى الدولة!!
على ما سنبينه فى الحلقة القادمة إن شاء الله.
فى الأسبوع القادم.. للحديث بقية... إن شاء ربُّ البرية.