البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

"جعجع" يعلن دعم ترشيح منافسه "ميشال عون" لرئاسة لبنان

الزعيم المسيحي اللبناني
الزعيم المسيحي اللبناني سمير جعجع

أعلن الزعيم المسيحي اللبناني سمير جعجع أمس الاثنين ترشيح منافسه ميشال عون لرئاسة الجمهورية في قطيعة على ما يبدو مع حلفائه المدعومين من السعودية تضعه في صف عدوه إبان الحرب الأهلية والمدعوم من جماعة حزب الله.
تأتي هذه الخطوة لتعزز من فرص عون (80 عاما) لملء موقع الرئاسة الشاغر منذ 20 شهرا في مظهر نادر للوحدة في المجتمع المسيحي الذي مزقته الانقسامات السياسية لسنوات. ولا بد لعون من الآن تأمين دعم أوسع لتولي المنصب المحجوز للمسيحيين الموارنة في إطار النظام السياسي الطائفي في لبنان.
وعون جزء من تحالف 8 آذار الذي يضم حزب الله الجماعة الشيعية المدعومة من إيران وحركة أمل الشيعية بقيادة رئيس مجلس النواب نبيه بري. وجعجع جزء من تحالف قوى 14 آذار بقيادة السياسي السني سعد الحريري المدعوم من المملكة العربية السعودية.
وقال جعجع في مؤتمر صحفي مشترك في مقر إقامته في معراب بجبل لبنان وكان عون إلى جانبه إن هذه الخطوة تهدف إلى انقاذ لبنان من الأزمة السياسية.
وأضاف "طال الشغور في سدة رئاسة الجمهورية واستحكم الفراغ فضرب شلل شبه تام المؤسسات الدستورية كافة ومست ارتداداته السيادة الوطنية وهددت وجود الدولة بالذات في وقت تعيش المنطقة أكثر أيامها سوءا وتفجرا وتعقيدا، لقد بتنا نعيش وضعا أمنيا هشا في لبنان وأزمة لاجئين خانقة ووضعا اقتصاديا متدهورا وضياعا شاملا على المستويات كافة".
وتابع قوله "لقد بتنا على قاب قوسين أو أدنى من الهاوية فكان لا بد من عملية إنقاذ غير اعتياديه- حيث لا يجرؤ الآخرون- مهما كان ثمنها نضع فيها كل إقدامنا وجرأتنا ونكراننا للذات."
وأضاف جعجع الذي ظل مرشحا لقوى 14 اذار للرئاسة لأكثر من عام "من هذا المنطلق أعلن وبعد طول دراسة وتفكير ومناقشات ومداولات في الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية تبني القوات اللبنانية لترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية في خطوة تحمل الأمل بالخروج مما نحن فيه إلى وضع أكثر أمانا واستقرارا وحياة طبيعية".
وقد تؤدي خطوة ترشيح عون إلى القضاء على مبادرة الزعيم السني سعد الحريري المدعوم من السعودية والتي كانت تطرح ترشيح الزعيم الماروني سليمان فرنجية في اتفاق على تقاسم السلطة من شأنه أن يجعل منه رئيسا للوزراء.
ويعارض عون وجعجع اللذان يرأسان أكبر حزبين مسيحيين في لبنان مبادرة الحريري التي تم تداولها في ديسمبر كانون الاول وأكدت إيران والمملكة العربية السعودية على دعمها.
وكان جعجع المرشح الرئاسي الرسمي لتحالف قوى 14 آذار عندما طرح الحريري فرنجية وهو جزء من تحالف 8 آذار كبديل. وعلى الرغم من ان فرنجية لديه علاقات وثيقة مع حزب الله إلا أن الحزب تمسك بدعم عون.
ودعا جعجع حلفاءه في 14 آذار إلى دعم عون قائلا "أدعو جميع الفرقاء والأحزاب والشخصيات المستقلة في لبنان إلى الالتفاف حول ترشيح العماد عون .. علنا نخرج من حالة العداء والاحتقان والانقسام التي نحن فيها إلى حالة أكثر وفاقا وتعاونا عنوانها الوحيد الأساس المصلحة الوطنية العليا ولا شيء سواها."
ولم تتضمن ورقة التفاهم التي قرأها جعجع أفكارا استفزازية لأي من حلفاء الطرفين، ولم يأت جعجع على ذكر مشاركة حزب الله في القتال في سوريا دعما للرئيس بشار الأسد كما وصف إسرائيل بأنها دولة عدوة.
ودعت الورقة إلى "ضرورة إقرار قانون جديد للانتخابات يراعي المناصفة الفعلية وصحة التمثيل بما يحفظ قواعد العيش المشترك ويشكل المدخل الأساسي لإعادة التوازن لمؤسسات الدولة." كما دعت الى التزام لبنان بالقرارات الدولية.
وقال جعجع "بناء على ما تقدم من نقاط تشكل نواة مهمة لبرنامج رئاسي وانطلاقا من هذا الإطار السياسي الواضح الذي دفعنا إلى تبني هذا الترشيح .. أدعو القوى الحليفة في 14 اذار وثورة الارز إلى تبني ترشيح العماد عون".
من جانبه شكر عون حزب القوات اللبنانية برئاسة جعجع على ترشيحه وأكد التزامه بجميع ما جاء في ورقة التفاهم قائلا "لن ننسى ما قاتلنا من أجله في سبيل سيادة هذا الوطن وفي سبيل استمراره".
وأضاف عون "إذا تكلمنا عن الماضي فيجب الخروج منه كي نستطيع بناء المستقبل ولا يجب أن ننساه كي لا نكرره. فاذن الورقة السوداء انتهى دورها ويجب حرقها ولندع كل ذلك في ذاكرتنا فقط."
وتعهد في حال انتخابه أن يكون "غطاء لجميع اللبنانيين، لن نتعامل كيديا مع أحد" متمنيا الإجماع على انتخابه رغم وصفه الخطوة بالمستحيلة "ولكن ولو لمرة واحدة لأننا نريد بالفعل صيانة جميع مكونات الوطن مسلمين ومسيحيين".
ويتم انتخاب الرئيس اللبناني من قبل مجلس النواب الذي يحتاج إلى حضور ثلثي أعضائه لكي ينعقد. وعون وحلفاؤه الحاليين ليس لديهم نفوذ كاف لضمان انتخابه حتى مع دعم جعجع.
والأهم من ذلك أن رئيس مجلس النواب نبيه بري وهو سياسي شيعي يرأس حركة أمل وجزء من تحالف 8 آذار، كان قد أشار إلى أنه لن يدعو مجلس النواب إلى الانعقاد إلا في حال ضمان مشاركة جميع الطوائف، وهذا يعني أنه على عون كسب تأييد السنة بالإضافة إلى الدعم الشيعي القوي الذي يتمتع به حزب الله.
وأشار محمد كبارة النائب عن تيار المستقبل إلى انزعاجه من البيان قائلا "الشراكة ليست عبارة عن لي ذراع وهي ليست فرضا خصوصا أن ما نسمعه من التيارين السياسيين يطلب من الآخرين الرضوخ والقبول من دون مناقشة ومن دون تبصر"، وتساءل قائلا "هل أصبحت معراب الممر الإلزامي للرئاسة؟".
وقال المحلل السياسي وكاتب العمود في جريدة النهار اللبنانية نبيل بومنصف لرويترز "من المؤكد سيكون هناك تغييرات دراماتيكية في المشهد اللبناني كله بسبب هذه الخطوة"، وأضاف "أظن أن النتيجة الأكبر أنه سيكون هناك تفكك لقوى 14 آذار نتيجة هذا المشهد"، وتشكل تحالف 14 آذار عام 2005 من فصائل معارضة عقب انسحاب القوات السورية من لبنان.
كان التوتر بين تحالفي 8 و14 آذار لا سيما حول ترسانة حزب الله قد أدى الى اقتتال أهلي قصير في عام 2008، وخلال السنوات الماضية أرسل حزب الله مقاتلين إلى سوريا لدعم قوات الرئيس بشار الأسد.
وحمل كل من جعجع وعون السلاح ضد بعضهما البعض إبان الحرب الأهلية التي اندلعت في البلاد بين عامي 1975 و1990 فيما يسمى "حرب الإلغاء"، وعلى مدى العقد الماضي أي منذ انسحاب القوات السورية من لبنان عام 2005 ظل كل منهما على طرفي نقيض من الانقسام السياسي في لبنان.
وكان الاثنان قد طردا من الحياة العامة في فترة الهيمنة السورية التي تلت الحرب الأهلية حيث عاش عون في المنفى في فرنسا بينما سجن جعجع، وهو القائد الوحيد الذي دفع ثمنًا قضائيًا لأفعاله خلال الحرب،. وفي عام 2005 تم الإفراج عن جعجع وعاد عون من المنفى.