البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

مَنْ يعالج الكاتب الكبير محمد جبريل؟


لن يكفى المقال لأحصى أعمال الكاتب الكبير محمد جبريل الأدبية إبداعا ونقدا. هو واحد من أهم كتاب جيل الستينات فى مصر. لكنه عادة لا يذكر بينهم، رغم أنه تميز عنهم إلى جوار الإبداع بالنقد الأدبى.
لقد ولد بالإسكندرية عام ١٩٣٨ وبدأ حياته الصحفية فى جريدة المساء عام ١٩٥٩. تجاوزت مؤلفاته الخمسين بين مجموعات قصصية وروايات وكتب نقدية.
من مجموعاته القصصية «حكايات وهوامش من حياة المبتلي» و«سوق العبيد» و«حارة اليهود» و«رسالة السهم الذى لا يخطئ»، ومن رواياته المهمة والعظيمة «الأسوار» التى كان لها شأنها حين صدرت عام ١٩٧٢، ثم «إمام آخر الزمان» و«قاضى البهار ينزل البحر» و«اعترافات سيد الحب»، ورباعية بحري «أبو العباس وياقوت العرش والبوصيرى وعلى تمراز»، وأيضا حكايات عن جزيرة فاروس وروايات عديدة غيرها عن الإسكندرية وعمان ومصر ومجموعات قصصية عديدة أيضا.
ومن كتبه النقدية «مصر من يريدها بسوء» و«قراءة فى شخصيات مصرية و«مصر فى قصص كتابها المعاصرين»، و«نجيب محفوظ.. صداقة جيلين» «وآباء الستينات» وغيرها.
مثل كل البشر كبر محمد جبريل فى السن وأصابه المرض، سبق المرض أى قدرة له على العلاج. وافقت الدولة أيام المهندس إبراهيم محلب على علاجه فى الخارج لكن وحده دون مرافق. وما يعانيه يحتاج إلى مرافق وخصصت له مبلغًا لا يكفى حالته وعليه أن يدفع الباقى. ومن ثم لم يسافر محمد جبريل إلى الخارج، وظل يعانى المرض فى صمت.
ولقد طالبت وطالب غيرى كثيرًا على صفحات التواصل الاجتماعى بأن يتم علاج الكاتب الكبير بما يليق باسمه وتاريخه. وبالمناسبة محمد جبريل البعيد عن الدخول فى القضايا العامة فى الصحافة، ليس أقل من غيره بل يتفوق كثيرا على غيره فى قيمة الأعمال الأدبية.
ويكفى أن أقول إنه جوار أعماله الأدبية كان أستاذا ومعلما للكثيرين من الشباب المبدعين فى لقاءاته بهم، التى كان يعقدها فى نقابة الصحفيين. ولقد شاركته يوما فى العمل فى لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة، وكان دائما لا يطلب شيئا لنفسه.
هو من أجمل الكتاب الذين كتبوا وأرّخوا لحى الأنفوشى ومنطقة بحرى فى الإسكندرية، مظهرا أبعادا صوفية تحتضن المدينة الجميلة. غاب فى السبعينات سنوات فى عُمان كان فيها رئيسًا لتحرير جريدة الوطن، وفى مصر من يغيب عن القاهرة ينساه النقد والنقاد. حين عاد لم نره أبدا يقيم لقاء حول أعماله ولا حفلات توقيع. ترك أعماله تتحدث عن نفسها. لم يقترب من الحكم، ولا من بيدهم القرار الثقافى. كان يعمل ما عليه ويمضى إلى بيته.
لم يظهر فى مقاهى نصف البلد، حيث يحتدم الجو الثقافى. اعتبر أن أعماله هى من تتحدث عنه واكتفى بذلك. قليلون هم الكتاب الذين يقررون الحقيقة الضائعة فى مصر، وهى أن عملك الأدبى هو من يتحدث عنك لا أنت. كتبت حوله المقالات لم يتباه بها.
وكتبت عنه الرسائل فى الجامعات فلم يروج لها. الآن وقد أصبح سفره متعذرا، لأن قرار السفر السابق لا يشمل مرافقًا، ولا يكفى ما يعانيه كما قلت فأنا أرفع صوتى طالبًا من الدولة ممثلة فى وزارة الثقافة، وكذلك وزارة الدفاع أن يجد الكاتب الكبير محمد جبريل مكانًا له فى مستشفى الجلاء العسكرى فى مصر.
هو نفسه لا يريد العلاج بعيدًا عن مصر تطوعًا من أحد. ومصر أولى بالكاتب الكبير من أى تبرع أو تطوع من أحد فى الخارج لعلاجه. أتمنى أن يجد كلامى هذا صدى وتأثيرًا. محمد جبريل قيمة وقامة رائعة فى حياتنا الأدبية والثقافية.