البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال المصري في حواره لـ"البوابة": الاقتراض من المؤسسات الدولية ليس بدعة.. إغلاق فجوة المخصصات بنسبة 100% نهاية العام

السيد القصير رئيس
السيد القصير رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى

- حققنا أرباحًا تتجاوز الـ 100 مليون جنيه لأول مرة منذ عشرات السنين 
- اعتماد القوائم المالية المتأخرة خلال الربع الأول من 2016
عانى بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى على مدى سنوات طويلة من تفاقم أزمة الديون المتعثرة، ووجود فجوة في المخصصات بلغت 1.7 مليار جنيه حتى عام 2011، لكن الإدارة الحالية وضعت منذ اللحظة الأولى لتوليها زمام المسؤولية جدولًا زمنيًا لإغلاق فجوة المخصصات على عدة مراحل إضافة إلى تجويد «المحفظة الائتمانية» للبنك حتى تمكن من تحقيق أرباح تجاوزت 100 مليون جنيه خلال العام الحالى لأول مرة منذ عشرات السنين، حسبما قال السيد القصير، رئيس مجلس الإدارة في حواره الشامل لـ «البوابة نيوز».
أكد «القصير» أن الإجراءات الأخيرة الخاصة برفع سعر الفائدة على الأوعية الادخارية بالجنيه المصرى إضافة إلى الإجراء الموازى المتعلق برفع قيمة الجنيه مقابل الدولار، دفع الكثير من حائزى الدولار للتنازل عنه، مشيرًا إلى أن محافظ المركزى طارق عامر، قادر على اتخاذ أنسب الإجراءات في إدارة السياسة النقدية وسعر الصرف.
■ وضعتم إستراتيجية جديدة للبنك حتى عام 2017.. ما أبرز المحاور الرئيسية التي تم إنجازها حتى الآن، خاصة أننا على أعتاب نهاية 2015؟
- عندما وضعنا إستراتيجية 2015-2017، كانت تستهدف تحقيق عدة محاور رئيسية، لعل من أبرزها تحقيق معدلات نمو تتراوح ما بين 20- 25%، في مختلف الأنشطة المصرفية، وإغلاق فجوة المخصصات، والانتهاء من اعتماد القوائم المالية المتأخرة، وذلك بالتعاون مع الجهات الرقابية المتمثلة في البنك المركزى، والجهاز المركزى للمحاسبات ومراقبى الحسابات.
كما تتضمن المحاور الرئيسية للإستراتيجية، التوسع في شبكة فروع البنك وتطوير البنية الداخلية، وتدريب العمالة والارتقاء بمستوى الموظفين، بالإضافة لما سبق، فقد اهتم البنك بإصدار منتجات مصرفية جديدة تتواكب مع ظروف السوق واحتياجاتها، حيث تم إصدار شهادة دولارية بسعر عائد 3.75%، وشهادة التنمية للأشخاص الاعتبارية، بسعر عائد مغرٍ، إضافة إلى إصدار شهادة المصرى التي طرحها البنك مؤخرًا، تماشيًا مع توجهات السوق، بسعر عائد 12.75% لمدة ثلاث سنوات، يصرف عائدها ربع سنوى، وذلك بهدف الحفاظ على العملاء وتحقيق معدلات النمو المطلوبة.
■ في إطار خطة البنك لإغلاق فجوة المخصصات بشكل كامل، مع نهاية العام الجارى.. ما آخر تطورات هذا الملف؟
- مع نهاية العام الحالى سيتم الانتهاء تمامًا من غلق فجوة المخصصات، ولأول مرة منذ عشرات السنين، سوف يحقق البنك أرباحًا فعلية تتجاوز قيمتها الـ 100 مليون جنيه، ويرجع ذلك لوجود فوائض مالية، ناتجة عن الفرق ما بين الإيرادات والتكاليف، وزيادة ونمو عوائد النشاط، إضافة إلى أن الفوائض المحققة من معالجة الديون المتعثرة، ساهمت أيضًا في غلق فجوة المخصصات، التي كانت تتجاوز الـ 1.7 مليار جنيه، وذلك عند استلام البنك في 2011.
■ وماذا عن الانتهاء من اعتماد القوائم المالية المتأخرة للبنك، وذلك بالتعاون مع البنك المركزى والجهاز المركزى للمحاسبات؟
- بالنسبة للقوائم المالية المتأخرة، فقد تم اعتماد القوائم المالية للبنك عن عامى 2010-2011، وانتهى الجهاز المركزى للمحاسبات من قوائم عام 2012، ولكننا فضلنا ـ وذلك بالتنسيق مع البنك المركزى والجهاز المركزى للمحاسبات ـ تأجيل الدعوة لاعتماد قوائم 2012، لحين الانتهاء من مراجعة قوائم 2013-2014، وذلك حتى يتم اعتماد كل القوائم المالية المتأخرة مرة واحدة، خلال الربع الأول من العام المقبل 2016.
■ هناك من يرى أن مشكلة الديون المتعثرة، مازالت تؤرق البنك.. ما إجمالى التسويات التي أبرمها البنك خلال عام 2015؟
- الديون المتعثرة أصبحت لا تمثل مشكلة في الوقت الحالى، وذلك بعد نجاح البنك في تغطية فجوة المخصصات، وذلك لأن المشكلة التي كانت تواجه البنك عند عمل تسويات للديون المتعثرة، عدم كفاية المخصصات، إضافة إلى محدودية أرقام البنك، مما لا يعطى قدرة على التفاوض مع العملاء المتعثرين، ولكن بوجود تغطية شبه كاملة للمخصصات زالت تلك المعوقات.
أضف لما سبق، أنه تمت معالجة ديون غير منتظمة، في حدود تتراوح من 35 - 40% من إجمالى محفظة الديون المتعثرة البالغ قيمته 1.2 مليار جنيه، وبلغت المتحصلات النقدية من وراء هذه المعالجات ما يفوق الـ 300 مليون جنيه، بالإضافة لوجود تسويات منتظمة تصل إلى 400 مليون جنيه.
وهنا يجب التأكيد على أن مسألة الديون المتعثرة والمصانع المتوقفة، تحتاج إلى معالجة من منظور شامل، فالبنوك تبذل كل إمكانياتها، وتقدم كل البدائل والحلول المقترحة لمساندة ودعم المتعثرين، ولكن هذه المشكلة تحتاج كما ذكرت إلى معالجة شاملة.
■ رغم كل محاولات البنك تقديم خدمات التجزئة المصرفية، إلا أن دوره ما زال محدودًا في هذا القطاع.. ما أسباب ذلك؟
- فيما يتعلق بالتجزئة المصرفية، فقد كان عدد عملاء هذا القطاع لا يتجاوز الـ 2000 عميل، بحجم محفظة تصل إلى 15 مليون جنيه، ولكن حاليًا بلغ حجم محفظة التجزئة المصرفية 400 مليون جنيه، لقاعدة من العملاء يصل عددهم إلى 22 ألف عميل، والرقم قد يبدو صغيرًا، ولكن معدل النمو جيد، ونستهدف تحقيق معدلات أعلى خلال المرحلة المقبلة.
ويجب أن تعلم أن الهدف الأول، كان تهيئة البيئة الداخلية بالبنك، من خلال وضع السياسات المطلوبة، ورفع كفاءة العناصر المصرفية، وتطوير العنصر البشرى، حتى يكون قادرًا على دراسة وفهم المنتجات الجديدة، وهذا الأمر استغرق بعض الوقت، حتى أصبحنا قادرين على التوسع والانتشار.
■ وماذا عن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟
- من منطلق إيماننا بأهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أنشأنا قطاعا مستقلا لها، وأصبحت هناك نماذج مستقلة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وسلطات للجان المعنية بهذا الشأن، إضافة إلى إدراج هذا القطاع في إطار المنتجات المصرفية.
ولذلك قام البنك بالتعاون مع الصندوق الاجتماعى للتنمية، للحصول على موارد تمويلية مناسبة، تتماشى مع احتياجات هذه المشروعات، حيث بلغ إجمالى محفظة المشروعات الصغيرة والمتوسطة قرابة الـ 650 مليون جنيه، بعد أن كانت 140 مليون جنيه فقط، وبلغت قاعدة عملاء هذا القطاع نحو 630 عميلًا، وهذا الرقم قد يبدو قليلًا وفقًا لحجم البنك، ولكن معدلات النمو جيدة للغاية، ما ساهم في تحقيق فوائض مالية من عوائد النشاط، ساعدت على هيكلة وزيادة المرتبات، إضافة إلى تحقيق فائض ربح لأول مرة منذ سنوات طويلة.
■ بعد مرور عامين تقريبًا على مبادرة البنك المركزى للتمويل العقارى.. ما إجمالى التمويلات التي منحها البنك في إطار هذه المبادرة؟
- رغم أننا بنك شامل، يقدم كل الخدمات المصرفية والبنكية، ولكن قد ينظر إليه على أنه بنك صناعى، إلا أننا نعتبر من أوائل البنوك التي شاركت في مبادرة التمويل العقارى، حيث تم عمل وحدة متخصصة داخل البنك لهذا القطاع، إضافة إلى عمل اتفاقية مع صندوق ضمان ودعم التمويل العقارى.
وبلغ إجمالى التمويلات التي منحها البنك في إطار هذه المبادرة 21 مليون جنيه، من خلال تمويل 218 عميلًا من مناطق مختلفة، سواء في الصعيد أو العاشر من رمضان، إضافة إلى وجود ما يقرب من 1250 حالة أخرى مازالت تحت الدراسة.
■ وقع البنك على عقود تمويلية مع الصندوق الاجتماعى للتنمية، بقيمة إجمالية بلغت 350 مليون جنيه.. ماذا عن حجم التوظيف الفعلى لتلك القروض؟
- حصلنا على عقود تمويلية من الصندوق الاجتماعى، تصل قيمتها الإجمالية إلى 350 مليون جنيه، وتم توظيفها بالكامل، حيث بلغ حجم محفظة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ما يقرب من 650 مليون جنيه.
وبالإضافة لذلك، فإنه يجرى حاليًا التنسيق مع الصندوق الاجتماعى للحصول على عقد تمويلى جديد بقيمة 100 مليون جنيه، ويتوقع الانتهاء منه خلال الفترة المقبلة، خاصة أن هناك تقديرًا كبيرًا من جانب الصندوق لدور البنك في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأشير هنا إلى تنوع العقود التمويلية التي أبرمها البنك مع الصندوق، فالبنك لديه مجموعة متميزة ومتنوعة من البرامج التمويلية، فهناك برامج للبيطريين والحرفيين والصناعات الزراعية، وإدخال الغاز للمنازل، إضافة إلى المخابز، فالبنك قد يكون الوحيد الذي حصل على عقد لتمويل وتطوير المخابز نصف الآلية واليدوية إلى مخابز آلية.
■ يتردد حاليًا أن هناك اتجاهًا قويًّا من جانب الحكومة للاقتراض من المؤسسات المالية العالمية، ما رأيك في تلك الخطوة؟
- بداية المؤسسات المالية الدولية سواء البنك الدولى أو الإفريقى للتنمية أو باقى المؤسسات المالية الأخرى، تواجدت من أجل هذا الغرض، فهدفها الرئيسى مساعدة الدول والحكومات التي تتعرض اقتصادياتها لاحتياجات تمويلية لمواجهة متطلبات التنمية خاصة في أوقات الفترات الانتقالية.
أضف لما سبق أن المؤسسات المالية الدولية، لديها قناعة تامة بأن الاقتصاد المصرى يخطو خطوات إيجابية ثابتة، وأن عمليات الإصلاح تتم بصورة جيدة، سواء فيما يتعلق بالسياسات المالية أو النقدية، في إطار توجهات الحكومة والبنك المركزى.
وبالتالى فهذه الإصلاحات أعطت مؤشرات ثقة لدى المؤسسات الدولية، ومن ثم التجاوب مع احتياجات مصر التمويلية.
■ هناك من يرى أن الجنيه المصرى ما زال مقوم بأكثر من قيمته الحقيقية، هل تتفق مع هذا الرأى؟
- الكل يشهد بكفاءة ووطنية الجهاز المصرفى المصرى، ودوره في دعم السياسات المالية والنقدية، ولكننى أتصور أن الجنيه المصرى مثل أي سلعة تحكمه قواعد العرض والطلب، ولكن في بعض الأوقات قد يكون من الأفضل إدارة سعر الصرف، بمعنى عدم التعويم المطلق ولا التحكم المطلق.
وبالتالى فما تم من إجراءات نقدية خلال الفترة الأخيرة سوف تسهم في زيادة معدل الادخار الذي يدور حول 12% ومطلوب أن يصل إلى معدل لا يقل عن 20% حتى نتمكن من تحقيق معدل النمو المستهدف.
كما أن رفع سعر العائد على الشهادات الادخارية، سوف يُمكن البنوك من اجتذاب قدر كبير من السيولة الموجودة في السوق، وخفض معدل التضخم.
إن رفع أسعار الادخار على الجنيه المصرى مع ما اتخذ من إجراء موازٍ، تمثل في رفع قيمة الجنيه المصرى مقابل الدولار، من شأنه أن يدفع حائزى الدولار إلى التنازل عنه وتقليل عمليات «الدولرة».
■ هل ترى أن رفع سعر عائد الشهادات قد يؤثر على تكلفة الإقراض؟
- لا شك أن مسألة تسعير التمويل والقروض التي تقوم البنوك بمنحها، ترتبط بشكل مباشر بسعر الإقراض والخصم، باعتباره المتغير الفاعل في هذا الموضوع، والذي لم يتغير حاليًا، فضلًا عن أن البنوك من منطلق الدور القومى الذي تقوم به حاليًا ومستقبلًا، ودورها الفاعل في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية قادرة على التنازل طواعية عن جزء من ربحيتها في سبيل خفض نسبة تأثر تكلفة الإقراض والتمويل، بارتفاع عائد المدخرات وذلك تحقيقًا لمعدل النمو المستهدف في الناتج القومى الإجمالى.
■ في 27 نوفمبر الماضى، بدأ طارق عامر محافظ البنك المركزى الجديد في مزاولة مهام منصبه بشكل رسمى.. من وجهة نظركم ما أبرز الملفات التي يجب البدء في تناولها؟
- بداية الكل يعلم أن المحافظ الجديد للبنك المركزى، رجل مهنى محترف لديه خبرات مصرفية ومالية دولية، اكتسبها من خلال عمله الطويل في المؤسسات المالية المصرفية المحلية والدولية، حيث عمل نائبًا لمحافظ البنك المركزى، مع الدكتور فاروق العقدة، وقاد معه مرحلة الإصلاح الهيكلى والإدارى للبنوك المصرية، إلى أن أصبحت قادرة على تحمل الأزمات، والقيام بالدور المنوط بها.
كما أن «عامر» بما له من كاريزما شخصية قادر على تحقيق التوازن المطلوب بين الجهاز المصرفى، والأطراف الأخرى المرتبطة والمعنية.
■ من وجهة نظركم ما أبرز التحديات التي ستواجه المحافظ الجديد خلال الفترة المقبلة؟
- يجب ألا نحمل الرجل في بداية مرحلته أكثر مما يحتمل، وألا نرفع سقف التوقعات، لأن الجميع يعلم ما نحن فيه من ظروف، لكن الرجل بإمكانياته وقدراته قادر على تحقيق أفضل البدائل، واتباع أنسب الإجراءات في إدارة السياسة النقدية وسعر الصرف، إضافة إلى قدرته بشكل كبير على تحقيق التنسيق المطلوب بين السياستين النقدية والمالية، اللتين هما جناحا الاستقرار المالى والمصرفى، وإدارة التضخم وتحقيق الاستقرار النسبى في الأسعار.
كما أن مسألة الاحتياطي النقدى، وإدارته وترشيد استخداماته، أمر من أهم التحديات التي سوف تواجهه، وهو قادر على ذلك، لكن مطلوب سياسات أخرى من الحكومة داعمة له في هذا الإطار، منها مسألة دعم الصادرات واتخاذ الإجراءات التي تكفل تخفيض تكلفة الإنتاج، بما يجعل المنتج المصرى منافسًا في السوق العالمية.