البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

تكريم المشير .. تفويض وأمر


ساعات معدودات وتحتفل مصر بذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة التي أعادت الكرامة للعرب جميعا وليس للمصريين فقط .. وجرت العادة كل عام أن تقوم القوات المسلحة الباسلة بتكريم رجال الجيش الذين شاركوا في تحقيق هذا النصر العظيم وكذلك أسر الشهداء الذين قضوا نحبهم على جبهة القتال فداء لمصر.
ومن حسن الطالع أنه مازال في وطننا العزيز قادة عظام ممن شاركوا في هذا الانتصار التاريخي في القلب منهم المشير محمد حسين طنطاوي الذي قاد دفة الأمور في مصر بمنتهى الحكمة والوطنية والاقتدار في فترة من أشد الفترات حساسية التي مرت بها مصر.
ولا أحد ينسى مقولته الشهيرة : "جيش مصر سيكسر قدم من يحاول الاقتراب من الحدود المصرية".. تلك الكلمات المزلزلة التي أدخلت المشير محمد حسين طنطاوى التاريخ من أوسع أبوابه.
فلا تقتصر أهمية وعظمة تلك الرسالة على حروفها التى تقطر قوة وعزة بل تكمن روعتها فى السياق الزمنى الذى قيلت فيه وهو بالتحديد فى التاسع من شهر إبريل 2011 ذلك التاريخ الذى يوافق ذروة الظروف العصيبة التى مرت بها مصر بسبب انشغالها بأحداث وتوابع ثورة 25 يناير التى أعادت رسم الخريطة السياسية فى مصر على نحو دفع الكثيرين لإبداء مخاوفهم من استغلال العدو الصهيونى هذه الأحداث للانقضاض على الجيش المصرى الذى حرر أرض سيناء الغالية بدماء شهداء القوات المسلحة الباسلة.
كما أعقبت هذه المقولة الخالدة القرار التاريخى الذى اتخذه المشير طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى كان يدير شئون البلاد آنذاك، بوقف تصدير الغاز المصرى لإسرائيل ليقضى على المهزلة التى بدأت منذ عام 2005 بناء على اتفاق احتكارى يهدر كل حقوق مصر المالية والاستراتيجية وما أعقب ذلك القرار من «هرتلات» إسرائيلية بضرورة الانتقام من مصر.
فأراد المشير البطل توصيل رسالة وطنية تليق ببزته العسكرية مفادها أن مصر لن تكون لقمة سائغة وأن مجرد التفكير فى الاقتراب بسوء من حدودها سيقابل بمنتهى القوة والحزم والأهم من ذلك أن البلد الأمين مهما واجه من ظروف عصيبة وتحديات فإنه قادر على دحر الأعداء وتأمين الحدود ولو بأجساد رجال جيش مصر البواسل.
وفى الواقع إن هذا الرجل لم ينل حظه الذى هو جدير به رغم محاولات المنصفين، حيث تحمل أمانة إدارة شئون البلاد فى فترة من أحلك فترات الارتباك وواجه بكل شجاعة ومروءة جميع مؤامرات بث الفوضى والبلطجة والإرهاب التى كانت تقف وراءها قوى ظلامية تريد إدخال البلاد فى نفق مظلم وتوصيل رسالة مفادها أن ثورة يناير لم تجلب سوى الخراب والدمار إلى مصر.
لكن المشير أبى إلا أن يقود دفة الأمور فى البلاد بالتى هى أحرص على صالح مصر والمصريين ولا ننسى كلماته الخالدة عن استيعاب ثورة الشباب الذى خرج إلى جميع الميادين حين قال: «هؤلاء أولادي» ولم تكن مجرد حروف تنطق باللسان بل صدقها العمل.. حتى فى أصعب فترات المواجهات الأمنية العنيفة التى اندلعت بين بعض الشباب الغاضبين وقوات الأمن والشهيرة بـ«أحداث محمد محمود» حيث قال حينذاك: «هو إحنا يعنى مش قادرين ننزل فرقة صاعقة تقبض على الشباب اللى بيقذف وزارة الداخلية بالمولوتوف والشماريخ خلال أقل من ساعة واحدة فقط لكن إحنا مهمتنا الحفاظ عليهم».
وتعبر هذه الكلمات المضيئة عن المواقف الإنسانية التى يجب أن تتوافر فى القائد أيا ما كان سواء ببدلة مدنية أو عسكرية.. أكثر من ذلك فقد أوفى الرجل بكل عهوده بتسليم السلطة ضاربًا بذلك مثالًا مشرفًا للمؤسسة العسكرية التى لا يشغلها سوى صالح البلاد والعباد، حتى فى أحلك الظروف التى مر بها الرجل عقب حدوث مذبحة رفح ضد جنود مصر الأوفياء، حيث تلقى قرار الرئيس المعزول محمد مرسى بصدر رحب وتحملٍ كاملٍ للمسئولية والحرص على حقن الدماء فكان بمقدوره تجاهل هذا القرار وجر البلاد إلى هوة مواجهات سحيقة لا يعلم مداها إلا الله.
لذا أطالب من موقعى هذا بتكريم المشير طنطاوى خلال احتفالات مصر بنصر السادس من أكتوبر القادم ليس مجاملة للرجل الذى أعطى لمصر دون انتظار المقابل وإنما إحقاقًا للحق واعترافًا بالفضل، والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل.